لماذا يعتبر التداول بالهامش حرامًا في الإسلام؟
التداول بالهامش من الممارسات الشائعة في عالم المال، خاصة بين شركات الوساطة والمتداولين في أسواق الأسهم والمشتقات المالية حول العالم.
ومن خلال طرق عديدة، يُساعد التداول بالهامش في زيادة حجم التداولات اللازمة لعمل الأسواق المالية، ومع ذلك، وكما هو الحال مع العديد من استراتيجيات التداول الأخرى، يُعتبر التداول بالهامش، إلى جانب البيع على المكشوف وتداول المشتقات، محرمًا وغير متوافق مع الشريعة الإسلامية.
وفي هذا المقال، سنتناول ما هو التداول بالهامش ولماذا يعتبر حرامًا من منظور الشريعة الإسلامية؟
اقرأ المزيد عن: هل البيع على المكشوف حرام؟
ما هو التداول بالهامش؟
ببساطة، التداول بالهامش يعني قيام المتداول باقتراض أموال من شركات الوساطة لشراء أصول مالية مثل، الأسهم أو السندات أو العملات أو المشتقات، بهدف لتعظيم ومضاعفة عوائد التداول.
كيف يعمل التداول بالهامش؟
- في التداول بالهامش، يقترض المتداول فعليًا الأموال من الوسيط مقابل فائدة، ثم يفتح المتداول حسابًا لدى الوسيط ويودع فيه حدًا أدنى من المال يُعرف باسم "الهامش"، ويُعد بمثابة ضمان أو تأمين للقرض الذي يمنحه الوسيط للمتداول لشراء الأوراق المالية.
- يُتيح هذا الهامش للمتداول اقتراض مبلغ إضافي، غالبًا يصل إلى 50% من قيمة المعاملة، ويمكن للمتداول الاحتفاظ بهذا القرض طالما أنه يدفع الفوائد المستحقة في مواعيدها.
- وعند بيع الأسهم أو الأصول، تُستخدم عائدات البيع أولًا لسداد القرض المستحق للوسيط، ويحتفظ المتداول بالمتبقي كربح.
- ومع ذلك، يجب على المتداول الحفاظ على حد أدنى من الرصيد في حسابه، يُعرف باسم "هامش الصيانة"، وإلا فإن الوسيط يطالبه بإيداع أموال إضافية أو يقوم تلقائيًا ببيع بعض الأصول لسداد جزء من القرض، وهو ما يُسمي بـ"طلب تغطية الهامش".
اقرأ المزيد عن: هل الاستثمار في الأسهم حلال أم حرام؟
ما هي أسباب تحريم التداول بالهامش؟
١- الربا
السبب الرئيسي لعدم توافق التداول بالهامش مع الشريعة الإسلامية هو أنه يعتمد على الاقتراض بفائدة لشراء ورقة مالية، وهذا يدخل في نطاق الربا المحرم شرعًا في الإسلام.
حتى وإن لم يتم فرض فائدة في بداية الصفقة، فإن معظم الصفقات التي تُحتفظ بها لفترات طويلة أو تُمدد لليوم التالي تُفرض عليها رسوم تُسمى فائدة الإقراض لليلة واحدة أو تكاليف تمويل، وهي في حقيقتها فوائد ربوية.
٢- الغرر
يُعد التداول بالهامش من الأنشطة المالية ذات المخاطرة العالية بطبيعتها، لأنه يعتمد على الرافعة المالية؛ فحتى التحركات البسيطة في السوق قد تؤدي إلى أرباح كبيرة أو خسائر فادحة، مما قد يتسبب في أن يخسر المتداول أكثر مما استثمره في البداية.
وهذا النوع من المخاطرة يضع التداول بالهامش ضمن دائرة الغرر المحظور في الشريعة الإسلامية.
والغرر هو أي مضاربة مفرطة وغير ضرورية مصحوبة بانعدام الوضوح، وهو ما يتحقق في التداول بالهامش بسبب عدم اليقين بشأن النتائج، ومن ثم فهو محرم شرعًا.
اقرأ المزيد عن: ما هو الغرر؟
٣- الميسر
الميسر مصطلح عربي يعني المقامرة، ويُعرف في الشريعة الإسلامية بأنه كل معاملة يُحتمل فيها تحقيق ربح لأحد الأطراف مقابل خسارة للطرف الآخر، وتنطوي على المخاطرة العالية ودون وجود نشاط اقتصادي حقيقي أو قيمة إنتاجية ملموسة، وهو محرم صراحة في الإسلام.
وغالبًا ما تكون صفقات التداول وبالهامش عبارة عن رهانات قصيرة الأجل ومضاربة على تحركات أسعار الأصول، دون أن يكون هناك استثمار فعلي في أصل ملموس.
المتداول في هذه الحالة لا يشتري سلعة أو أصلًا للاستفادة منه أو تحقيق ناتج اقتصادي حقيقي، بل يراهن على ارتفاع أو انخفاض قيمته خلال فترة قصيرة، وهذه الطبيعة المضاربية العالية للتداول بالهامش تعتبر مقامرة.
٤- تداول المشتقات
المشتقات هي أوراق مالية تستمد قيمتها من أصل أساسي، ومن الأمثلة البارزة على ذلك العقود المستقبلية، التي تعتمد قيمتها على سعر السلعة الأساسية.
وفي حالة الأسهم، تشمل هذه العقود الخيارات (البيع والشراء)، والعقود الآجلة، وعقود المبادلة، وهي أصول تُتداول عادةً بالهامش.
تُعتبر المشتقات حرامًا في الإسلام لعدة أسباب، منها:
- تأجيل السعر والتسليم معًا: في العقود المستقبلية يتم تأجيل تسعير وتسليم السلعة إلى تاريخ لاحقن وهو ما يخالف الشريعة الإسلامية، وفقًا لدار المراجعة الشرعية، وهي منظمة مُخصصة لتقييم الامتثال لأحكام الشريعة في قطاعي الأعمال والتمويل: "البيع لا يكون جائزًا في الشريعة إلا إذا تم تأجيل السعر أو التسليم، ولكن ليس كليهما معًا".
- البيع دون القبض أو التملّك: يُمكن تداول عقود المشتقات دون انتقال ملكية السلعة محل العقد، وهذا يُخالف مبدأً أساسيًا في التجارة الإسلامية، وهو منع بيع سلعة لا يملكها الشخص.
- رسوم عقود الخيارات: فيما يتعلق بالخيارات -وهي الحق في شراء أو بيع سهم في تاريخ مستقبلي- فإن فرض رسوم على تداولها مُحرم في الإسلام.
اقرأ المزيد عن: هل المشتقات المالية حلال؟
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.
