ماهي أبرز الاساليب المتبعة في التمويل الإسلامي؟
التمويل الإسلامي مقابل. التمويل التقليدي
يوفر التمويل الإسلامي العديد من البدائل لخدمات التمويل التقليدية والمبنية على الشريعة الإسلامية والتي تستهدف كلاً من المستثمرين والباحثين عن التمويل من أفراد وشركات.
وتقدم هذه الأساليب معاملات تتماشى مع القيم والمبادئ الإسلامية، والتي من ضمنها تحريم الفائدة، والقسمة العادلة للمخاطر بين الطرفين، بالإضافة إلى تقاسم الأرباح والخسائر.
تركز مقالة اليوم على الأساليب والطرق الأكثر استخدامًا والتي تعتبر هي الجوهر الأساسي للتمويل الإسلامي، وتشمل المرابحة، والمشاركة، والمضاربة، والإجارة، والوكالة، والسلم والاستصناع.
ووفقًا لتقرير استقرار صناعة الخدمات المالية الإسلامية لعام 2023 الصادر عن مجلس الخدمات المالية الإسلامية، فإن إصدارات الصكوك حسب هيكل الإصدار في عام 2022 إلى المرابحة (24.8%)، والإجارة (16.9%)، والوكالة (27.3%)، والمضاربة (5.3%)، والمشاركة (0.8%)، والصكوك الهجينة (تشمل أكثر من عقد تمويل في إصدار واحد) (17.7%) وغيرها (7.2%).
المرابحة
وهي مشتقة من كلمة ربح، وتعني التمويل مع وجود نسبة ربح أو البيع بهامش الربح. وتعد المرابحة حلًا تمويليًا مباشرًا للشركات الصغيرة والناشئة والتي تحتاج التمويل لأغراض عدة كالتوسع وشراء المعدات.
المرابحة في أبسط معانيها هي عملية بيع بهامش ربح محدد مسبقًا، فعلى سبيل المثال، لو افترضنا أن هناك شركة بحاجة إلى آلة بقيمة 10,000 دولار، وتقدمت هذه الشركة بطلب للمؤسسة المالية بشراء هذه الآلة، ستقوم المؤسسة المالية ببيع هذه الآلة على الشركة بقيمة 11,000 دولار وبهامش ربح 10%،
سيكون حصول الشركة على الآلة فوري، ولكن الدفع يحدد بوقت لاحق. وسيتم في هذه الحالة تحديد سعر الآلة وهامش الربح وتاريخ التوصيل وتاريخ الدفع قبل عملية البيع بالتفصيل.
وهناك مبدأ مشابه نوعًا ما للمرابحة وهو المساومة: ولكن على نقيض المرابحة، فتتم هنا المساومة على السعر فالمشتري لا يعرف سعر البائع ولا المقدار الذي سيحققه من ربح. وإذا أردنا ان نطبقه على المثال الذي ذكرناه سابقًا،
فالشركة هنا لا تعلم سعر الآلة الحقيقي، التي اشتراها البائع به، فالسعر الذي تشتري به الشركة هذه الآلة من المؤسسة المالية هو نتيجة التفاوض بين الطرفين.
الفرق الأساسي بين المرابحة والقرض التقليدي هو أن المرابحة ليست قرضَا من المال، ولكنها عقد بيع مدعوم بأصل.
التعويض في المرابحة يأتي على شكل الثمن الذي يتم الحصول عليه مقابل السلع، بخلاف الفائدة على القرض التقليدي، علاوة على ذلك، وعلى عكس القروض التقليدية، فإن أي غرامة تُفرض على التأخر في السداد من قبل المؤسسة المالية الإسلامية لا تُعتبر جزءًا من دخلها في عقد المرابحة، بل يتم التبرع بها ضمن الصدقات والأعمال الخيرية.
المضاربة
وهي عقد شراكة مسبق، وتشتمل على طرفان وهما المستثمر وهو الذي يوفر رأس المال وبالمقابل يوفر صاحب العمل المشروع والقوى العاملة. ويحصل المستثمر مقابل رأس المال على حصص من الأرباح والتي يتم تحديدها مسبقًا وفقًا شروط معينة. ويتحمل المستثمر الخسائر ما لم تكن ناتجة عن سوء السلوك أو الإهمال أو خرق العقد.
أحد أولى وأهم الأمثلة على المضاربة هي العلاقة بين النبي محمد-صلى الله عليه وسلم- وخديجة رضي الله عنها، فقبل زواجها منه عليه الصلاة والسلام كانت توفر له رأس المال بمقابل أن يدير تجارتها ويبيع البضائع في الشام.
وتعد اليوم المضاربة أحد الطرق التقليدية لإدارة الأسهم ورأس المال الاستثماري للشركات الناشئة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
الإجارة
ومعناها إعطاء شئ ما مقابل مبلغ شهري أو سنوي، يمكن استخدام الإجارة في حالتين مختلفتين؛ تتعلق الأولى بحق الانتفاع بالأصول، وفي هذه الحالة يمكن اعتبارها مشابهة لعقد التأجير المتعارف عليه والذي تستخدم فيه الشركة أصل ما (على سبيل المثال، قطعة من المعدات) لفترة محددة مقابل إيجار ثابت، أما الحالة الثانية تتعلق بعقود العمل مثل تأجير خدمات العمال مقابل رواتبهم.
أحد الأنواع الشائعة للإجارة هي الإجارة المنتهية بالتمليك وهي مشابهة لعقد التمويل في شكله التقليدي باستثناء عنصريين وهما:
١ -يجب أن تكون مبنية على عقدين منفصلين وهما عقد الإيجار وعقد بيع في نهاية مدة الإيجار (أو وعد بتقديمها كهدية من طرف المؤجر).
٢- يجب أن يكون خيار الشراء ملزمًا للبائع فقط.
يعد تمويل شراء السيارات أحد أكثر أنواع الإجارة المنتهية بالتمليك استخدامًا. فتقوم المؤسسة المالية بشراء السيارات وتأجيرها على الشركة لمدة زمنية محددة ومتفق عليها بالعقد، وعند انتهاء هذه المدة يمكن بيع السيارات إلى الشركة بمبلغ رمزي أو يمكن إهداؤها.
المشاركة
وهي مشروع مشترك، وتعني أن يتشارك الطرفان الربح والخسارة، وتأتي المشاركة من الكلمة العربية "شركة" والتي تعني "أن تكون شريكًا"،
يشبه عقد المشاركة عقد المضاربة مع الفارق أنه في المشاركة يقدم كلا الشريكين رأس المال والعمالة، ويتم تقاسم الأرباح وفقًا لنسبة متفق عليها مسبقًا، كما يتم تقاسم الخسائر بناءً المساهمة الرأسمالية.
تستخدم المشاركة عادةً في تمويل شراء المنازل وهي بديل للرهون العقارية التقليدية والقائمة على الفائدة، وهي تكون عادةً على شكل خطة لشراء منزل والتي تُعرف بالتمويل بالرصيد المتناقص.
ومن خلال هذه العملية، يقوم كلًا من المشتري والمؤسسة المالية معًا بشراء العقار، ثم يقوم المشتري بشراء حصة المؤسسة المالية في هذا العقار تدريجيًا.
على سبيل المثال، يقوم المشتري بتقديم طلب للمؤسسة المالية لشراء عقار بقيمة 150,000 دولار والذي قيمة إيجاره الشهري تقدر ب1,000 دولار، يقوم المشتري بدفع 20% من قيمة العقار والذي يعادل 30,000 دولار، بينما تدفع المؤسسة المالية المتبقي وهو 80% وما يعادل 120,000 دولار. وبالتالي يتم تقسيم حصة المؤسسة المالية في العقار إلى ثماني وحدات متساوية، كل وحدة منها تمثل نسبة 10% من ملكية العقار (12,000 دولار). يلتزم المشتري بشراء وحدة من الملكية شهريًا، وبالتالي يدفع مبلغ شهري للمؤسسة المالية بقيمة 12,800 دولار. وتتكون هذه الدفعة الشهرية من جزئين وهما: إيجار وملكية.
يقوم المشتري في أول شهر بدفع إيجار بقيمة 800 دولار (ما يعادل 80% من قيمة الإيجار)، بالإضافة إلى 12,000 دولار للملكية. وفي نهاية الشهر الأول، سيكون المشتري قد رفع نسبة ملكيته للعقار إلى 30% في حين تملك المؤسسة المالية 70%. وهكذا سيقوم المشتري في الشهر الذي يليه بدفع 700 دولار للإيجار (ما يعادل 70% من قيمة الإيجار) بالإضافة إلى 12,100 دولار للملكية. وتستمر هذه العملية حتى إكمال المشتري لملكية العقار بنسبة مئة بالمئة.
الوكالة
الوكالة مصطلح عربي معناه الحرفي "القيام بمهمة نيابة عن شخص آخر"، ويعني لغويًا الحماية، وهي في موجبها تعني توكيل الشركة وتفويضها للمؤسسة المالية لتتحمل قانونيًا أنشطة محددة مقابل رسوم محددة مسبقًا وتعرف برسوم الوكالة.
وتأخذ عقود الوكالة عدة أشكال وتطبيقات عملية، منها على سبيل المثال: أي عقد عمل يمثل فيه الموظف المنشأة التي يعمل فيها تعتبر وكالة، تعيين محامي للترافع عن موكله، وسيط يتداول في الأصول نيابة عن شركته. وتعتبر ودائع البنوك وكالة أيضًا فالشركة تعطي الصلاحية للبنك لاستثمار هذه الودائع بالنيابة عنها، مقابل رسوم وكالة محددة مسبقًا يتقاضاها البنك مقابل خدمات إدارة الاستثمار.
تعمل معظم شركات التأمين الإسلامية (تكافل) تحت مظلة الوكالة، فتدير شركة التكافل صندوق التكافل نيابة عن عملائها مقابل رسوم وكالة.
السلم
هو شكل استثنائي من أشكال عقود البيع في التمويل الإسلامي، ومعناه شراء سلعة ودفع المبلغ كله فورًا مقابل تحديد وقت إيصالها لاحقًا. ولتكون عقود السلم متماشية مع أحكام الشريعة الإسلامية، يجب تحديد كمية السلع وصفاتها وجودتها ووقت إيصالها بوضوح في عقد البيع.
عند هجرته للمدينة المنورة، لاحظ الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أن الناس كانوا يدفعون ثمن السلم التي متوقع أن تصل إليهم بعد سنة، بدون معرفة جودة وحجم هذه السلع، أو حتى الزمن المحدد لإيصالها. ولهذا فقد أمر-عليه الصلاة والسلام- بأن من يدفع ثمن سلعة ما مقدمًا على إيصالها يجب أن يحدد حجم السلعة وصفاتها كما جاء في الحديث:" من أسلفَ في شيءٍ فليُسلِفْ في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجَلٍ معلومٍ". رواه البخاري.
الاستصناع
هو عقد "طلب تصنيع" وهو نوع آخر مهم من عقود السلم ويُعتبر أيضًا من عقود البيع الاستثنائية المصممة خصيصًا لقطاعي الصناعة والبناء، فمن خلاله يقدم المشتري طلبًا للبائع لصناعة غرض ما وتتم عملية البيع عند تسليمه للمشتري.
ويجب تحديد سعر ومواصفات السلع المراد تصنيعها مسبقًا، ومع ذلك، على عكس عقد السلم، ليس بالضرورة دفع السعر بالكامل مقدمًا في عقد الاستصناع، بل يمكن تأجيل الدفع إلى تاريخ لاحق وفقًا لاتفاق الطرفين ويمكن دفعه على أقساط.
الخاتمة
يقدم التمويل الإسلامي للمستثمرين والشركات عددًا لا يحصى من الطرق للتمويل، والتي تتبع مبادئ توجيهية أخلاقية واضحة تضمن المعاملات العادلة والقسمة العادلة للمخاطر، مما يجعلها بديلًا ممتازًا لهياكل التمويل التقليدية للمستثمرين والشركات الواعية بأحكام الشريعة الإسلامية.
حقوق الصورة: Austin Distel on Unsplash
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر