هل الاستثمار في الأسهم حلال أم حرام؟

شهد التمويل الإسلامي نموًا سريعًا خلال العقود القليلة الماضية، مع طرح العديد من الأدوات المالية والخدمات المصرفية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وكان للصكوك والأسهم دور محوري في هذا النمو.

وتقوم مبادئ التمويل الإسلامي على أسس وقيم تختلف جذريًا عن مبادئ التمويل التقليدي، لا سيما فيما يتعلق بتحريم الربا والغرر وغيرها، ما يدفع المستثمرين إلى البحث عن بدائل استثمارية في الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ومن هذا المنطلق، ظهر سوق المال الإسلامي ليقدم حلولًا وبدائل استثمارية متوافقة مع الشريعة، من بينها: الصكوك والسندات الإسلامية والأسهم الإسلامية (الأسهم الخاضعة لرقابة الشريعة الإسلامية).

ما هو الاستثمار في الأسهم؟

الاستثمار في الأسهم هو عملية شراء حصص ملكية في شركات مدرجة في البورصة، بحيث يُصبح المستثمر مالكًا لجزء من رأس مال الشركة، ما يمنحه حقوقًا مثل الحصول على نصيب من الأرباح وذلك عبر توزيعات الأرباح التي توزعها الشركة على مساهميها، إلى جانب الاستفادة من ارتفاع قيمة السهم في السوق.

وتُجرى هذه العملية من خلال سوق الأوراق المالية (البورصة)، حيث يتم عرض أسهم شركات مختلفة للتداول بين المستثمرين.

الفرق بين الأسهم وحقوق الملكية

۱- الأسهم

ما هو التعريف المبسط للأسهم؟

تُعرف الأسهم بأنها ملكية لحصة محددة في شركة، وعندما يشتري شخص سهمًا في شركة ما، فإنه يصبح مساهمًا، أي أنه يمتلك حصة في تلك الشركة، ويحقق المساهم ربحًا من خلال توزيعات الأرباح وارتفاع قيمة الأسهم.

ماهي أنواع الأسهم؟

- الأسهم العادية: تمنح حاملها الحق في الحصول على توزيعات الأرباح المحتملة وحق التصويت في قرارات الشركة.

- الأسهم الممتازة: لا تتمتع الأسهم الممتازة عادةً بحق التصويت، بل توفر الحصول على توزيعات أرباح ثابتة وأولوية في الحصول على الأصول في حال تصفية الشركة.

۲- حقوق الملكية

ما هو التعريف المبسط لحقوق الملكية؟

حقوق الملكية هي القيمة الإجمالية لحقوق المساهمين أو أصحاب الشركة بعد طرح الالتزامات من إجمالي الأصول. ويمكن التعبير عنها بالمعادلة التالية:

حقوق الملكية = الأصول - الالتزامات

و"حقوق الملكية" مصطلحًا واسعًا يشير إلى قيمة الملكية المتبقية بعد سداد جميع الديون.

الاستثمار في الأسهم من المنظور الإسلامي

۱-الملكية وحقوق المساهمين

من منظور الشريعة الإسلامية، عندما يشتري شخص سهمًا في شركة ما، يُعتبر مالكًا لحصة تعادل ما دفعه مقابل السهم.

ووفقًا لمبدأ المشاركة في الربح والخسارة في الشريعة الإسلامية، فإنه إذا تكبدت الشركة خسارة، يتحمل المساهم الخسارة بنسبة ملكيته في الشركة.

وبالمثل، إذا حققت الشركة ربحًا، فإن المساهم يحصل على نصيبه من الأرباح بما يتناسب مع حصته في الملكية.

۲- طبيعة الملكية في الأسهم

وفقًا لمعيار الهيئة الشرعية للمحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) المتعلق بالأوراق المالية (الأسهم والسندات)، فإن "شركة العنان هي الأساس في جواز المشاركة بين شخصين أو أكثر بأموالهم وعملهم".

وتوجد أنواع متعددة من عقد المشاركة، ومن بينها تعتبر الملكية في الأسهم ضمن "شركة العنان"، وهي نوع من أنواع المشاركة التي يشترك فيها الطرفان أو الأطراف بأموالهم وقد يشاركون أيضًا بالعمل.

لمزيد من التفاصيل، يُرجى الرجوع إلى المدونة الخاصة بشرح عقد المشاركة وأنواعها 

ما دور النية في الاستثمار في الأسهم؟

تؤدي النية دورًا محوريًا في كل جوانب حياة المسلم؛ فإذا كانت نية الشخص هي كسب دخل حلال من خلال نشاط تجاري مشروع، وقام بالاستثمار في أسهم متوافقة مع الشريعة الإسلامية، فإن استثماره لا يكون فقط جائزًا من الناحية الشرعية، بل قد يكون أيضًا سببًا في نيل الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالي.

معايير تحديد الأسهم الحلال

لا يجوز شرعًا المشاركة أو التداول في أسهم الشركات التي تعتمد أنشطتها الأساسية على أعمال محرمة، حتى وإن مارست هذه الأنشطة أحيانًا مثل الاقتراض أو الإقراض بفائدة، ومع ذلك، يتم استثناء بعض الحالات وفقًا لشروط وأحكام معينة، وهي:

- يجب ألا تنص الشركة في عقد تأسيسها أو نظامها الأساسي على أن من أهدافها التعامل بالربا أو المتاجرة بالسلع المحرمة مثل الخمور أو لحم الخنزير أو غيرها من المواد المحظورة شرعًا.

- ألا يتجاوز إجمالي القروض الربوية -سواء قصيرة أو طويلة الأجل- نسبة 30% من القيمة السوقية للشركة، مع التأكيد على أن الأصل في الاقتراض بالربا هو أنه محرم أيًا كان المبلغ.

- ألا تتجاوز الودائع التي تدر فائدة -سواء كانت قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل- نسبة 30% من القيمة السوقية لإجمالي حقوق المساهمين، مع التأكيد على أن الودائع الربوية محرمة في المطلق.

- يجب ألا يتجاوز الدخل الناتج من أنشطة أو أصول محرمة نسبة 5% من إجمالي دخل الشركة، ويشمل ذلك أي دخل ناتج عن ممارسة نشاط غير مشروع، أو امتلاك أصل محرم، أو أي مصدر آخر غير مشروع.

وفي حالة عدم وضوح مصدر الدخل، يجب بذل المزيد من الجهد للتحقق منه وتحري الحذر الشديد، لمزيد من التفاصيل، يُرجى مراجعة المعيار الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) رقم: ٢١.

اقرأ المزيد عن: الأدوات والمبادئ التوجيهية لتداول الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية

كم مرة يجب مراجعة محفظة الأسهم لضمان الامتثال للشريعة الإسلامية؟

يُنصح بمراجعة محفظة الأسهم للتأكد من توافقها مع الشريعة الإسلامية مرة واحدة على الأقل كل 3 إلى 6 أشهر، أو كلما قامت الشركة بتحديث بياناتها المالية.

وتهدف هذه المراجعة إلى التأكد من استمرار توافق الاستثمارات مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

ما هي المصادر أو المنصات التي تساعد في العثور على الأسهم الحلال؟

للتأكد مما إذا كان الاستثمار في شركة ما حلالًا أم لا، توجد هيئات استشارية شرعية مختلفة تُشرف على مدى توافق الأسهم مع الشريعة الإسلامية.

ويقوم علماء الشريعة، ممن لديهم فهم عميق لتداول الأسهم في سوق البورصة، بعملية فحص دقيقة للأسهم. كما تصدر هيئة الرقابة الشرعية التابعة للشركة، وهي تضم خبراء في الشريعة، بيانًا حول الأنشطة العامة للشركة.

ويساعد ذلك المستثمرين في اتخاذ قرارات استثمارية مدروسة تتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

 يُرجى قراءة هذا المقال للاطلاع على عملية الفحص الشرعي الكاملة للأسهم 

كيفية التعامل مع تعقيدات أسواق الأسهم العالمية؟

هناك عدة اعتبارات للاستثمار في الأسهم الأجنبية فيما يتعلق بالامتثال للشريعة الإسلامية.

- أولًا: من المهم التأكد من توافق جميع أنشطة الشركة التجارية مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

- ثانيًا: استخدام أدوات الفحص التدقيق الشرعي للتحقق مما إذا كانت الأسهم حلالًا أم لا.

- ثالثًا: يجب مراجعة نسبة الدين إلى حقوق الملكية ومصادر الدخل للتأكد من استيفائها للمعايير التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي).

اقرأ المزيد: لماذا تعتبر العديد من إستراتيجيات تداول الأوراق المالية الشائعة حرامًا؟