كيف تختلف الإجارة (التأجير الإسلامي) عن التأجير التقليدي؟
تعتبر الإجارة (التأجير الإسلامي) من أكثر العقود المتوافقة مع الشريعة الإسلامية استخدامًا، نظرًا لتنوع مجالات استعمالها؛ إذ يمكن استخدام الإجارة لتلبية احتياجات متعددة، بدءًا من عقود العمل مرورًا بالتأجير لفترات قصيرة أو طويلة إلى تمويل شراء الأصول.
ومع ذلك، فإن الإجارة -التي اشتق اسمها من الكلمة العربية "إيجار" - هي في أساسها الشكل الإسلامي لإيجار الممتلكات؛ فعند النظر في ظاهرها، سنجد أن قواعدها في سياق الإيجار والانتفاع تبدو مشابهة جدًا للتأجير التقليدي.
ويمكن استخدام كلا النظامين الإسلامي والتقليدي مع مجموعة متنوعة من الأصول، مثل العقارات والسلع الاستهلاكية، ويتضمن كلاهما دفع المستأجر للإيجار خلال فترة زمنية محددة وفقًا لعقد مع المؤجر، ومع ذلك، كما هو الحال مع كل ما يتماشى مع الشريعة الإسلامية، هناك اختلافات جوهرية بينهما نتناولها فيما يلي:
١-الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية
مثل أي أداة أخرى متوافقة مع الشريعة الإسلامية، تتطلب الإجارة أن يكون سداد الإيجار واستخدام الأصول المعنية متوافقين مع مبادئ الإسلام، هذا يعني حظر استخدام الممتلكات والأصول في أنشطة مُحرمة، وهذه الشروط غير موجودة في عقود الإيجار التقليدية.
وعلاوة على ذلك، يجب أن يخلو عقد الإيجار في الإسلام من أي تكاليف تتعلق بالفائدة (الربا)، أما في نوع عقود التأجير التقليدية التي تمنح ملكية الأصول تلقائيًا للمستأجر في نهاية فترة العقد، يجوز للمؤجر فرض فائدة على استخدام الأصول، ولهذا السبب لا يتم تضمين نوع عقود ملكية الأصول مطلقًا في عقد الإجارة (المزيد حول ذلك أدناه).
٢-طريقة دفع الإيجار
في عقود الإجارة، يتم تحصيل قيمة الإيجار فقط بعد تسليم الأصل للمستأجر، على عكس الإيجار التقليدي، إذ يتم دفع قيمة الإيجار قبل أن يحصل المستأجر على حق الوصول إلى الأصل.
علاوة على ذلك، يجب أن تظل مدفوعات الإيجار بمعدل ثابت ومُتفق عليه، وإذا كان عقد الإيجار يتضمن عدة مراحل، يجوز زيادة قيمة الإيجار في مراحل مختلفة وفقًا لما ذكره عالم التمويل الإسلامي محمد تقي العثماني، على سبيل المثال، يمكن لعقد إيجار إسلامي لمدة عامين أن ينص على زيادة الإيجار في السنة الثانية.
ومع ذلك، يُحظر فرض معدل إيجار متغير يرتفع على مدار فترة الإيجار، لأن ذلك يُعتبر نوعًا من أنواع الربا.
٣-المخاطر والمسؤولية
في عقود الإجارة، يجب على المؤجر أن يتحمل مخاطر ملكية الأصول، بما في ذلك ضمان جودة الأصول والتأكد من أنها تعمل على ما يُرام عند تسليمها للمستأجر.
كما يلتزم المؤجر بدفع أي تكاليف مرتبطة بشراء الممتلكات، مثل الرسوم الجمركية والضرائب، وكذلك أي مدفوعات تأمين (تكافل) مرتبطة به، ومع ذلك، يمكن تحديد الإيجار بقيمة تناسب تغطية هذه التكاليف وحتى تحقيق ربح من تأجير الأصل، وفقًا للعثماني.
في الوقت نفسه، أي ضرر يلحق بالأصل سواء كان عقارًا أو سلعة استهلاكية ولم يكن نتيجة سوء استخدام أو إهمال من قبل المستأجر، فإن مسؤوليته بالكامل تقع على عاتق المؤجر، بما في ذلك الأضرار الناتجة عن الكوارث أو الأضرار الهيكلية التي لم يتسبب فيها المستأجر.
على العكس من ذلك، يمكن أن تتضمن عقود الإيجار التقليدية شروطًا تتطلب من المؤجر دفع رسوم مثل التأمين، بالإضافة إلى بنود تجعله مسؤولًا عن أضرار معينة لا تنجم عن سوء استخدام أو إهمال.
اقرأ المزيد عن: الفرق بين التأمين التقليدي و التأمين التكافلي "التأمين الإسلامي"
٤-شروط إنهاء العقد
لا يجوز إنهاء عقد الإجارة من جانب واحد دون موافقة الطرفين، في المقابل، تتضمن بعض عقود الإيجار التقليدية بنودًا تتيح للمؤجر إنهاء العقد من طرف واحد.
٥-الاستخدام المحدد والصريح
يجب أن يكون استخدام الأصل محددًا بشكل صريح في عقود الإجارة، وفقًا للدكتور فليل جمال الدين، الأستاذ المساعد في كلية جنيف للأعمال والاقتصاد، بالمقابل هذا ليس شرطًا في بعض عقود الإيجار التقليدية، التي قد تتضمن بنودًا عامةً حول الاستخدام دون تفاصيل محددة.
٦-الغرامات
في عقود الإجارة، تهدف الغرامات إلى تحفيز المستأجر على السداد في الوقت المحدد، ولكن ليس كإجراء عقابي، لذلك قد تتضمن عقود الإيجار الإسلامي فترات سماح تمنح المستأجر مرونة إضافية للسداد حال تأخُره.
وعلاوة على ذلك، يُحظر صراحة على المؤجر الاستفادة من رسوم الغرامات والاحتفاظ بها، بل يجب التبرع بها للأعمال الخيرية في حالة الحصول عليها.
٧-الملكية
لتفادي فرض أي تكاليف تنطوي على فوائد ربوية على قيمة الإيجار من قبل المؤجر -كما ذُكر أعلاه- تحظر عقود الإجارة أي بنود تمنح ملكية الأصل تلقائيًا للمستأجر عند انتهاء العقد.
ويجب أن يمتلك المؤجر العقار أو الأصل المؤجَّر طوال مدة الإيجار كاملة، على عكس عقود الإيجار التقليدية، التي قد تتضمن بنودًا تمنح المستأجر الملكية بنهاية العقد.
وأمام ذلك، هناك آليات في التأجير الإسلامي، يمكن للمستأجر من خلالها الحصول على ملكية الأصل في نهاية فترة الإيجار من خلال إجارة ثم البيع وتعني "الإجارة للشراء"، وإلى جانب آلية إجارة وإقتناء وهى "إجارة تنتهي بالتمليك".
وتتطلب هذه الآليات اتفاقية شراء ثانوية أو اتفاقية تسليم ملكية منفصلة عن اتفاقية الإيجار الأصلية، سنتناول هذه الآليات بمزيد من التفصيل عندما نستعرض كيفية استخدام الإجارة كوسيلة للتمويل.
اقرأ المزيد عن: كل ما تريد معرفته عن التمويل السلامي الحديث
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر