ما هو الاستثمار الحلال؟
كلمة حلال معناها كل ماهو مباح وفقًا للشريعة الإسلامية وبمعنى آخر كل ماهو مسموح.
وبالتالي فالاستثمار الحلال هو استثمار الأموال لفترة من الزمن مع وجود عائد أو ربح متوقع، في حدود ما تسمح به الشريعة الإسلامية.
وقد حرمت الشريعة الإسلامية بعض الأنشطة المالية، والتي سنتعرف على بعضها في مقالنا.
١-الربا
والربا في معناه الحرفي هو الزيادة أو الفائض، وقد ورد فيه تحريم صريح في القرآن والسنة:
(يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ لَا تَأْكُلُوا۟ ٱلرِّبَوٰٓا۟ أَضْعَـٰفًا مُّضَـٰعَفَةً ۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة آل عمران، الآية 130
أحد آثار الربا السلبية هي أنه يفصل التمويل عن الاقتصاد، كما أنه يضع حاجز بين توليد الديون وصنع الثروة مما يؤدي إلى هرم مقلوب ينمو فيه الدين بوتيرة أسرع من زيادة الثروة. وبالتالي، فإن زيادة حجم الديون يؤثر سلبيًا على الثروة مما يؤدي إلى خسارتها، مما يجعل من هذا النظام نظام غير مستدام. وعادةً ما تكون هناك حاجة إلى الإصلاح والتصحيح لتحقيق التوازن بين مستويات الديون والثروة، وتحدث هذه الإصلاحات على شكل حالات ركود حيث يتم شطب الديون، كما حدث في الأزمة المالية لعام 2008.
٢- القمار والميسر
والقمار معناه المراهنة أو المقامرة على فوز وخسارة.
(يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ۗ وَيَسْـَٔلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلْـَٔايَـٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) سورة البقرة الآية 219
وقال الله تعالى أيضًا:
(يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِنَّمَا ٱلْخَمْرُ وَٱلْمَيْسِرُ وَٱلْأَنصَابُ وَٱلْأَزْلَـٰمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَـٰنِ فَٱجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) سورة المائدة، الآيات 90 – 91
وقد حُرم القمار لأنه يصنع ثروة من محض الصدفة بدلًا من السعي لها بجد. ولذلك، لا يتم استخدام بعض المنتجات المالية مثل العقود الآجلة والمشتقات المالية الأخرى بشكل عام.
٣- الأنشطة والسلع المحرمة
يحظر استخدام أو التعامل مع الأنشطة أو السلع المحرمة (مثل الكحول). يجب على المستثمر المسلم إجراء فحص ودراسة شاملة قبل الاستثمار للتأكد من أن المجال وفئة الأصول حلال ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ماهي أهمية الاستثمار الحلال؟
تحكم الشريعة الإسلامية جميع جوانب الحياة، بما في ذلك استثماراتنا. كما سنُسأل يوم القيامة عن مالنا فيما أنفقناه، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي لنا أن نكون حذرين بشأن أمرين: اكتناز وتكديس الأموال والإنفاق المفرط. من المهم جدًا تذكر ذلك عندما يتعلق الأمر بالاستثمار الحلال وثروتنا بشكل عام.
(يٰٓاَيُّهَا الَّذِينَ اٰمَنُوْٓا اِنَّ كَثِيْرًا مِّنَ الْاَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُوْنَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّوْنَ عَنْ سَبِيْلِ اللّٰهِ ۗوَالَّذِيْنَ يَكْنِزُوْنَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُوْنَهَا فِيْ سَبِيْلِ اللّٰهِ ۙفَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ اَلِيْمٍ) سورة التوبة الآية رقم 34
وعلى الرغم من أن هذه الآية موجهة للمسلمين إلا أنها تشير إلى سلوك الحاخامات والرهبان. على الرغم من ذلك، تزال الآية بمثابة تحذير مهم للمسلمين للتيقظ ضد مثل هذه الظروف. وهناك أيضًا العديد من الأحاديث التي تنصح بتخزين الذهب والفضة وتشجع التجارة من ناحية أخرى. كما ذكر البنك الدولي، "فإن التجارة أساسية لإنهاء الفقر العالمي". ويضيف التقرير أيضًا أن "التجارة المفتوحة تفيد أيضًا الأسر ذات الدخل المحدود أو المنخفض من خلال تزويد المستهلكين بسلع وخدمات أكثر بأسعار معقولة".
الزكاة
لا يقتصر الأمر على التحذير من الاكتناز فحسب، بل يعلمنا الإسلام أيضًا حماية ثرواتنا والحفاظ عليها، فمثلًا، إذا حال الحول على ثروتك وهي ساكنة فسوف تخرجه للزكاة على المحتاجين، حيث يلتزم المسلمون بالتبرع سنويًا بنسبة 2.5% من إجمالي مدخراتهم للمحتاجين. ولكن، تجدر الإشارة إلى أن هذا ينطبق فقط على المسلمين الذين يستوفون عتبة مالية معينة.
التضخم
وبالحديث عن حماية الثروة يجب علينا أيضًا النظر في التضخم وكيفية المحافظة على الأصول منه. فأسعار السلع والمنتجات في ارتفاع دائم ومقابل هذا الارتفاع يفقد
المال قيمته. فعلى سبيل المثال، فقد ارتفعت أسعار الاستهلاك في أمريكا بنسبة 8.3% منذ بداية هذا العام حتى شهر أغسطس الماضي، وهو أسرع معدل ارتفاع خلال ما يقرب 40 عامًا، حسبما ذكرت وزارة العمل مؤخرًا.
ما الذي يمكن فعله لتقليل الآثار السلبية لهذا التضخم؟ أهم ما يمكنك عمله هو استثمار أموالك لأنها ستفقد قيمتها مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات. يجب أن يكون
هدفك هو القيام بالاستثمارات الصحيحة لمواجهة آثار التضخم – وهو ما سنناقشه بالتفصيل في مدونة قادمة.
فئات الأصول الحلال
تعتبر غالبية فئات الأصول حلالًا، ولكن ليس ان تحتوي جميع الفئات على الأصول كلها. سنتطرق فقط لذكر الأكثر شيوعًا والأكثر سهولة في الوصول.
١- الأسهم
وهي إحدى الطرق الحلال للاستثمار في الشركات، ويمكنك شراء الأسهم من شراء حصة من الشركة أو النشاط التجاري وبالتالي يتيح لك فرصة الحصول على نسبة من أصولها وأرباحها بمقدار الأسهم التي تمتلكها. ولكن يجب عليك التأكد من شرعية الشركة أولًا لكي تضمن أن يكون استثمارك فيها حلالًا.
٢- الدخل الثابت (الصكوك)
السندات التقليدية، كما ذكرنا سابقًا، هي محرمة بسبب طبيعتها ذات الفائدة، ولكن الصكوك هي سندات إسلامية غير تقليدية وتختلف في جوهرها عن السندات العادية، كما أنها يجب أن تمتثل للشريعة. والصكوك التزامات بديون مثل السندات، ولكنها تمثل حصة في ملكية أصل أو عدة أصول. علاوة على ذلك، فإنك لا تتحصل على فائدة، بل جزءًا من الإيرادات الناتجة عن تلك الأصول.
اقرأ المزيد عن: الصكوك مقابل السندات، استكشاف الدخل الثابت الحلال
٣- العقارات
عند الاستثمار في العقارات، فأنت تبحث عن الربح من خلال أمرين:
1-إيرادات الإيجار.
2-الربح من خلال بيع العقار.
ولكن، ليس كل استثمار في مجال العقارات هو استثمار حلال، فيجب أن يكون شرائك لهذا العقار بأموال حلال على سبيل المثال، كما لا يجوز تأجيرك للعقار للنشاطات محرمة مثل الكازينو.
بدائل استثمارية (الملكية الخاصة والتمويل الخاص وغيرها)
الملكية الخاصة وهي عند استثمارك وشرائك لأسهم في شركة قبل طرحها للاكتتاب العام، أي تعويم في البورصة. هناك العديد من صناديق الملكية الخاصة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، ولكن هذه الصناديق تميل إلى تلبية احتياجات الأفراد والمؤسسات ذات الملاءة المالية العالية مما يجعل الاستثمار فيها صعب على المستثمرين الأفراد. في الآونة الأخيرة، سهل تطور التكنولوجيا والتشريعات مشاركة المستثمرين الأفراد في مثل هذه الاستثمارات. فالتمويل الجماعي للملكية على سبيل المثال هو إحدى أشكال الملكية الخاصة وكذلك الاستثمار الملائكي.
أيضًا التمويل الخاص أو ما يعرف تقليديًا بالديون أو الائتمانات والذي يعتمد على إقراض الشركات مباشرة أو من خلال صندوق. كما تستهدف هذه الصناديق في المقام الأول أصحاب الملاءة المالية العالية كما أن القليل منها فقط يتوافق مع الشريعة الإسلامية. ولكن، يمكن للأفراد الآن الاستثمار في الأصول عن طريق منصات التمويل الجماعي والتي تمول الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ومن البدائل أيضًا صناديق التحوط أو المحافظ الوقائية، والسلع، والمشتقات المالية، والفنون، والتحف.
حسابات التوفير الإسلامية
حسابات التوفير الإسلامية هي حسابات مصرفية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. وذلك لأن مدخراتك لن تولد فائدة. ستقوم البنوك الإسلامية باستثمار أموالك من خلال الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية (عادة عن طريق إعطاء الأموال للأشخاص الذين يشترون منازلهم). وبناءً على هذه العوائد، تقدم هذه الحسابات معدل ربح متوقع. ويكمن الفرق بين الفائدة ومعدل الربح المتوقع هو ان الأول يجب دفعه أما الآخر فلا يتوجب ذلك.
الخاتمة
يجب على المرء أن يكون على معرفة بما يجعل المعاملة حلالًا لأننا مسؤولون في نهاية المطاف عن كيفية إنفاق ثروتنا. وعلى الرغم من وجود قيود معينة حول كيفية استثمار المسلمين، إلا أن هناك الكثير من الخيارات من شأنها إلهام المستثمرين لبناء محافظ حلال.
حقوق الصورة: Levi Meir Clancy on Unsplash
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر