ما هو ربا السلع؟ ما هي السلع الربوية؟

من المعلوم أن الربا أمر محرم في التمويل الإسلامي، إذ يعتبره الإسلام انتهاكًا لمبادئ العدالة والتجارة الأخلاقية.

ولا يخفى على أحد مفهوم الربا في سياق الإقراض والاقتراض وتحصيل الفائدة، لكن ربا السلع ليس مشهورًا بالقدر نفسه؛ فهو مصطلح حديث في الفقه الإسلامي يعبر عن تبادل الأموال أو تجارة السلع.

وبات فهم الربا المتعلق بالسلع أمرًا أساسيًا لكل من يعمل ضمن إطار التمويل الإسلامي، لضمان الامتثال لأحكام الشريعة الإسلامية.

اقرأ المزيد عن: نظرة الإسلام للدين والإقراض والاقتراض

ما هو ربا السلع؟

ربا السلع أو ربا البيوع هو الربح غير العادل أو المفرط الذي قد ينشأ عن بيع أو مبادلة سلعة واحدة (أو من نفس النوع) بكميات غير متساوية أو بموعد تسليم مؤجل، وهو ما يعتبره الإسلام شكلاً من أشكال الغش والممارسات التجارية غير الأخلاقية.

وترجع غاية الإسلام من هذا التحريم إلى 3 أسباب رئيسية:

- منع التجارة الاستغلالية في السلع التي تُعد أساسية (كما سيتم التوضيح أدناه)، بحيث لا يحصل طرف على ميزة غير عادلة على حساب الطرف الآخر.

- إزالة الغموض ومنع المضاربات المفرطة (الغرر).

- تحريم ربا السلع يُسهم في الحفاظ على استقرار السوق من خلال منع التقلبات السعرية الحادة والاحتكار وتكديس السلع، وإن كان ذلك يؤدي في المقابل إلى تقليل حجم التجارة.

اقرأ المزيد عن: ما هو الغرر و كيفية تجنبه

ما هي السلع الربوية؟

ينطبق ربا السلع بشكل أساسي على تجارة 6 أصناف، تُعرف بالسلع الربوية، وهي سلع تُوصف بأنها قابلة للاستبدال أو مثلية بمعني أنه يمكن استبدالها ببعضها دون فرق يُذكر، كما أنها ضرورية للتجارة والحياة، وكثيرًا ما كانت تستخدم -وإن قلّ ذلك حاليًا- كوسيلة للتبادل.

تُصنف هذه السلع الربوية الـ6 إلى فئتين رئيسيتين:

• السلع النقدية: تشمل الذهب والفضة والعملات الأخرى.

• السلع الغذائية: القمح (البر) والشعير والتمر والملح، وكانت تُعتبر سلعًا غذائية أساسية في العصر الإسلامي القديم.

ما هي أنواع ربا السلع؟

هناك نوعان رئيسيان من الربا المتعلق بالسلع:

۱- ربا الفضل

 يُعرف أيضًا بـ"الربح المفرط في التبادل"، هو تبادل نفس السلعة الربوية ولكن بكميات غير متساوية، ومن الأمثلة الشائعة على ذلك أن يشتري تاجر ذهب 1 كيلوغرام من الذهب ثم يبادله بـ2 كيلوغرام من الذهب، وهذا يعد ربا الفضل أنه تم تبادل نفس السلعة بزيادة في أحدهما.

۲- ربا النسيئة

 يحدث عندما يتم تبادل السلع الربوية مع تأجيل في التسليم أو الدفع، ومن أبرز الأمثلة، مقايضة 1 كيلوغرام من التمر اليوم بـ1 كيلوغرام من التمر في تاريخ لاحق، أو شراء 1 كيلوغرام من الذهب بالدين على أن يتم التسليم أو الدفع في وقت لاحق.

الآثار العملية لتحريم ربا السلع في التمويل الإسلامي المعاصر

الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية التي تُحرم ربا السلع يفرض قيودًا صارمة على المعاملات التي تتعلق بالسلع الربوية، وهذا يُقيّد بشكل كبير أنشطة المتعاملين الملتزمين بالشريعة الإسلامية، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات مالية.

ولتحقيق الامتثال لهذه الضوابط، يتعين على الجهات الإسلامية ضمان ما يلي:

• تبادل الذهب والفضة والعملات بكميات متساوية، وضرورة مقايضتها وتداولها بأسعار السوق.

• تبادل السلع دون أي دفع مؤجل أو تثبيت للأسعار للتسليم الآجل.

وهذه الشروط تجعل من الصعب على المؤسسات الإسلامية الانخراط بشكل كبير في التجارة العالمية لهذه السلع، وتُجبرها على تجنب الممارسات الشائعة في الأسواق الدولية مثل:

- المراجحة في تداول العملات: تسمح العديد من بورصات وأسواق العملات العالمية والرقمية، بل وتُشجع أحيانًا، المتعاملين على الانخراط في استخدام المراجحة، والتي تقوم على شراء العملة من سوق وبيعها في سوق أخرى للاستفادة من فرق السعر.

ورغم أن هذه العملية لم تُحظر صراحةً، إلا أنها قد تُخالف ضوابط ربا السلع.

اقرأ المزيد عن: الفرق بين تجارة العملات و صرف العملات: أيهما متوافق مع الشريعة الإسلامية؟

- استخدام العقود المستقبلية وغيرها من عقود المشتقات: تُعد هذه الأدوات المالية ركيزة أساسية في التجارة الدولية، لكنها لا تتوافق مع الشريعة الإسلامية، لأنها تُخالف قيود ربا السلع وتنطوي على الغرر.

- البيع على المكشوف: هو معاملة مالية شائعة في الأسواق العالمية، ويقوم على اقتراض سلعة أو أصل مالي، وبيعها بسعرها الحالي، ثم إعادة شرائها عند انخفاض السعر وإعادتها للمالك الأصلي، وهذا يوقعها في الربا.

بدائل متوافقة مع الشريعة الإسلامية

في ضوء ما سبق من قيود تتعلق بتحريم ربا السلع، هناك عدد من النماذج البديلة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية يمكن للمتداولين والمؤسسات المالية الإسلامية استخدامها لضمان الالتزام بأحكام الشريعة، ومن أبرزها:

- المقايضة العادلة: التبادل المباشر للسلع الربوية بنفس الكمية.

- المعاملات الفورية: التبادل الفوري للسلع أو العملات.

- تمويل المرابحة: صُممت العقود المالية الإسلامية، مثل مرابحة السلع وغيرها، لتجنب الربا والغرر، حيث تستطيع البنوك الإسلامية عبر هذه الآلية شراء سلعة أولًا ثم بيعها للعميل بهامش ربح معلوم ومتفق عليه مسبقًا دون اللجوء إلى الفائدة.

اقرأ المزيد عن: دليلك الشامل لمرابحة السلع

- عقود السلم: تقوم عقود السلم على أن يدفع المشتري ثمن السلعة مقدمًا ثم يتسلمها لاحًقًا في وقت محدد مع ضوابط معينة.

اقرأ المزيد عن: عقود السلم مقابل العقود المستقبلية