ما هي قيود عقد الاستصناع وكيفية التخفيف منهما؟
لا شك أن مرونة الدفع والخصوصية المطلوبة في الأصول، من أبرز المزايا التي تجعل عقود الاستصناع ملاءمة للغاية للعديد من أنواع المشروعات الكبرى، بما في ذلك إنشاء البنية التحتية وتطوير العقارات، وتصنيع المنتجات المخصصة المناسبة لرغبة العميل.
ومع ذلك، بسبب المخاطر العالية المرتبطة بهذه المشروعات، قد لا تكون عقود الاستصناع كافية لمواجهة جميع أنواع المخاطر، خاصةً وأن بعضها قد يكون غير متوقع.
وتقدم العقود التقليدية لتطوير المشروعات حلولًا لهذه التحديات، لكن عقود الاستصناع تكون محدودة في التعامل معها، لذلك سنتناول في هذه المقالة بعض القيود المتعلقة بالاستصناع ونستكشف إستراتيجيات للتخفيف منها.
اقرأ المزيد عن: الدليل الشامل لعقود الاستصناع
ما هي قيود عقد الاستصناع؟
١- قيود التمويل
نظرًا للطبيعة المتخصصة لهذه الأنواع من المشروعات وتعقيدها وطول مدتها؛ فإن تمويلها يكون أكثر تكلفة عادةً، ويتطلب الاعتماد على التمويل الذي يحمل فوائد أوالأشكال الأخرى غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وباعتبارها شكلًا من أشكال التمويل الإسلامي، تحظر عقود الاستصناع استخدام أشكال التمويل التقليدية الأكثر شيوعًا، وهذا يحد من كيفية هيكلة التمويل، ما قد يزيد بشكل كبير من مستوى المخاطر المرتبطة بالمشروع.
٢- هيكل الدفع
على الرغم من أن المرونة في الدفع تُعتبر واحدة من أكبر مزايا عقد الاستصناع، إلا أنها قد تتحول إلى أكبر عقبة، لأن عقد الاستصناع لا يتطلب الدفع الفوري من المشتري،
ومن ثم قد يواجه المقاول صعوبة في الحصول على الموارد المالية اللازمة لتسليم المنتج وفقًا للمعايير المتفق عليها.
ومن ناحية أخرى، قد يتسرع المشتري في توقيع عقد الاستصناع دون التأكد من تأمين التمويل الكامل لإنهاء المشروع.
٣- مخاطر التشغيل والأداء
قد تؤدي خصوصية ونوعية المنتج المطلوب في الاستصناع إلى مشكلات تشغيلية غير متوقعة، لأنه الطرق التقليدية والمجربة في إدارة المشروع قد لا تكون كافية للوصول إلى هذه التفاصيل المحددة للمشروع، كما أن المتطلبات التشغيلية الجديدة قد تجعل من الصعب الوفاء بالجدول الزمني النهائي وتحقيق النتائج المطلوبة.
وفي العقود التقليدية للتطوير والبناء، يمكن أن تؤدي التأخيرات إلى فرض غرامات قد تأتي على شكل فائدة، لكن الفوائد محظورة في عقود الاستصناع، ما قد يزيد من مستوى المخاطر المرتبطة بالمشروع.
٤- مخاطر السوق وعدم وجود أدوات تحوط
يعد تجاوز الميزانية المخصصة للمشروع جزءًا من طبيعة المشروعات الكبيرة التي يتم تنفيذها عبر عقود الاستصناع، وذلك بسبب طول مدة المشروعات التي قد تؤدي إلى تقلبات في أسعار المواد المستخدمة لبناء المشروع.
وفي أشكال التمويل التقليدية، توجد أدوات مالية مثل المشتقات للتحوط ضد هذه التقلبات، ولكن يحظر التمويل الإسلامي استخدام المضاربة والأدوات الأخرى مثل المشتقات التي يمكن استخدامها للتحوط ضد تقلبات الأسعار.
٥-النزاعات التعاقدية ومخاطر القوة القاهرة
من المحتمل أن تواجه هذه المشروعات الكبيرة ظروفًا غير متوقعة قد تؤدي إلى تفعيل بنود القوة القاهرة، بما في ذلك الكوارث الطبيعية وعدم الاستقرار السياسي.
وفي عقود الاستصناع، قد تخضع هذه الأحداث لأحكام وتفسيرات الشريعة الإسلامية واختلافاتها المحتملة، وقد تؤدي بعض النزاعات إلى اللجوء لمحكمة إسلامية، ما قد يتسبب في تأخير المشروع بشكل أكبر.
كيفية التخفيف من هذه مخاطر لاستصناع
١- استخدام الاستصناع الموازي
تُستخدم عقود الاستصناع الموازي لتوزيع بعض المخاطر على طرف ثالث أو حتى رابع، سواءً كان ذلك في جانب الإنتاج (من خلال الاستعانة بمقاولين فرعيين أكثر كفاءة)، أو في حالة التمويل، حيث يتم إشراك بنك للمساعدة في تغطية تمويل المشروع.
اقرأ المزيد حول: خيارات التمويل في الاستصناع الموازي
٢- استخدام أدوات أخرى متوافقة مع الشريعة الإسلامية
يمكن للمشترين تقديم ضمانات للمؤسسة المالية التي يتعاملون معها، والتي قد تشمل رهن المستحقات كاستخدام فواتير مستحقة الدفع للحصول على تمويل (حسب المشروع)، كما يمكن للمشترين أن يطلبوا من البنك إصدار سند أو ضمان لتغطية المدفوعات الأولية، وفي حالة تخلف العميل الأصلي عن سداد المدفوعات للبنك، يمكن للبنك الاحتفاظ بملكية الأصل.
في الواقع، تُبرم عقود الاستصناع عادةً جنبًا إلى جنب مع أدوات تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، مثل الدفعات المسبقة، والودائع الأمنية، والضمانات، إلى جانب التكافل، الذي يعد مفيدًا بشكل خاص لأنه يمكن أن يغطي تأخيرات التشغيل والأضرار التي قد تلحق بالمشروع.
اقرأ المزيد حول: "الفرق بين التأمين التقليدي و التأمين التكافلي "التأمين الإسلامي
٣-آليات تسوية النزاعات
ينبغي أن يتضمن عقد الاستصناع بنودًا محددة لتسوية النزاعات، تشمل التحكيم الإسلامي أو أي وسيلة قانونية أخرى متوافقة مع الشريعة، فضلًا عن إمكانية اعتماد الوساطة كأداة للمساعدة في حل النزاعات.
وبشكل عام، فإن وضع إجراءات واضحة في العقد لتسوية النزاعات، يمكن أن يساعد في تقليل النزاعات القانونية الطويلة.
٤- الضمانات التعاقدية
يجب أن يحدد عقد الاستصناع بشكل واضح الغرامات المترتبة على التأخير في التسليم وضعف الجودة، ما قد يحفز المقاول على الوفاء بالتزاماته ويكون إجراء رادع ضد سوء إدارة للمشروع، كما ينبغي أن تشمل هذه الضمانات تعريفات دقيقة لحالات القوة القاهرة والنتائج المترتبة عليها.
٥-عمليات التفتيش والمراقبة لضمان الجودة
لا شك أن تنفيذ نظام دوري من عمليات المتابعة والتدقيق وفحوصات ضمان الجودة خلال عملية التصنيع وسيلة فعالة لمراقبة الجودة وضمان التزام المقاول بمواصفات العقد أولًا بأول، وينبغي أن تتم عمليات التفتيش والفحص هذه بمساعدة أطراف ثالثة من الخبراء والمستشارين لضمان دقة وموضوعية التقييمات.
٦- العناية الواجبة
من الضروري إجراء العناية الواجبة الصارمة عن المقاول، وتشمل تقييم واضح لقدراته السابقة على تنفيذ هذا النوع من المشروعات، لأن ذلك سييخفف منذ البداية من الكثير من المخاطر المشار إليها.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر