التكنولوجيا التنظيمية: الامتثال التنظيمي باستخدام أحدث التقنيات المتطورة
أحدثت التكنولوجيا التنظيمية (Regtech) تحولًا كبيرًا وسريعًا في عالم الأعمال، وكانت صناعة الخدمات المالية المستخدم الأول والرئيسي لها، لكنها توسعت إلى قطاعات مختلفة بصفتها حلًا للمسائل المعقدة المتعلقة بالامتثال التنظيمي.
وتعمل التكنولوجيا التنظيمية على تبسيط عمليات الامتثال، ما يساعد الشركات على توفير الوقت، وخفض التكاليف، وتحسين دقة المراقبة وإعداد التقارير في الوقت الفعلي، وذلك من خلال الاستفادة من تقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة والبلوكتشين والحوسبة السحابية.
وفي هذا المقال، نتناول في هذا المقال، الخصائص الرئيسية للتكنولوجيا التنظيمية وقاعدة مستخدميها والتقنيات التي تدعمها، بالإضافة إلى التطورات المستمرة في هذه الصناعة.
القطاعات الرئيسية التي تعتمد على التكنولوجيا التنظيمية
تستفيد العديد من القطاعات من التكنولوجيا التنظيمية لتبسيط الامتثال التنظيمي:
١-الخدمات المالية
أصبحت التكنولوجيا المالية عنصرًا أساسيًا في القطاع المالي، حيث تساعد المؤسسات على تلبية المعايير التنظيمية الصارمة.
وكانت البنوك وشركات التكنولوجيا المالية وشركات التأمين من بين أوائل المؤسسات التي اعتمدت على حلول التكنولوجيا التنظيمية للتعامل مع اللوائح المعقدة وتقليل المخاطر.
٢-الرعاية الصحية
تُفرض لوائح صارمة لحماية خصوصية البيانات في مجال الرعاية الصحية، ومن ثم تساعد التكنولوجيا التنظيمية المؤسسات على حماية المعلومات الحساسة للمرضى والالتزام بمعايير الامتثال التنظيمي.
٣-القطاع القانوني
تستفيد الشركات القانونية من قدرة التكنولوجيا التنظيمية على إدارة الامتثال عبر المناطق المختلفة، ما يمكّنها من التعامل بكفاءة مع الاختلافات التنظيمية الإقليمية.
٤-قطاع الطاقة والمرافق
يستخدم قطاع الطاقة والمرافق التكنولوجيا التنظيمية لضمان توافقه مع عدد متزايد من اللوائح التشغيلية والبيئية ومعايير السلامة.
مزايا استخدام التكنولوجيا التنظيمية
تطبق المؤسسات حلول التكنولوجيا التنظيمية للاستفادة من فوائدها التالية:
١- تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف
تعمل التكنولوجيا التنظيمية على أتمتة المهام التي كانت تُنفذ يدويًا، ما يقلل من الوقت التشغيلي والتكاليف المرتبطة بعمليات الامتثال.
٢- تحسين الدقة وتقليل المخاطر
تقلل الأتمتة من احتمالية حدوث أخطاء بشرية، ما يضمن تقارير امتثال أكثر دقة ويقلل من المخاطر المحتملة.
٣-المراقبة والاستجابة في الوقت الفعلي
توفر التكنولوجيا التنظيمية فهم وتحليل فوري للبيانات، ما يساعد المؤسسات على اكتشاف مشكلات الامتثال التنظيمي الناشئة ومعالجتها بشكل أسرع.
٤-قابلية التوسع
مع تزايد تعقيد اللوائح التنظيمية، لدى حلول التكنولوجيا التنظيمية القدرة على التكيّف والمرونة اللازمة لاستيعاب متطلبات الامتثال المتزايدة عبر مختلف القطاعات.
كيفية عمل التكنولوجيا التنظيمية
تعمل منصات التكنولوجيا التنظيمية على تبسيط وتسهيل إجراءات الامتثال التنظيمي بعدة طرق:
جمع البيانات وتحليلها
باستخدام التحليلات في الوقت الفعلي، يمكن لأدوات التكنولوجيا التنظيمية اكتشاف وتحديد المخالفات بسرعة، مثل الأنشطة الاحتيالية، وتنبيه المؤسسات بشأن المعاملات المشتبه بها لإجراء مزيد من التحقيق.
التقارير الآلية
تقوم أدوات التكنولوجيا التنظيمية بإعداد تقارير الامتثال بشكل آلي، ما يجعلها أقل استهلاكًا للوقت، مع ضمان الدقة والالتزام بالمواعيد المحددة.
التحقق من الهوية الرقمية
تستعمل التكنولوجيا التنظيمية أدوات الهوية الرقمية لتحسين الأمان من خلال التحقق من صحة العملاء، ما يسهم في تقليل مخاطر الاحتيال.
نمو وتطور التكنولوجيا التنظيمية
قبل ظهور التكنولوجيا التنظيمية، كانت عملية الامتثال التنظيمي في الغالب بطيئة وتتطلب جهدًا مكثفًا، فضلًا عن الاعتماد على نظام ورقي وفريق كبير متخصص في الامتثال.
ومع زيادة تعقيد اللوائح والمعايير التنظيمية، وخاصة في القطاعات المالية، واجهت الشركات صعوبة في التعامل مع الانتهاكات المتكررة لمعايير الامتثال، بسبب الافتقار إلى الرؤية التنظيمية الفورية.
وأكدت الأزمة المالية العالمية عام 2008 الحاجة إلى تحسين الرقابة التنظيمية، ما دفع إلى إنشاء أطر تنظيمية مثل قانون دود-فرانك في الولايات المتحدة، ولوائح توجيه سوق الأدوات المالية "MiFID II " في الاتحاد الأوروبي.
وحفزت هذه التغييرات الطلب على تقنيات يمكنها تسهيل الامتثال، وبحلول عام 2015، تم صياغة مصطلح التكنولوجيا التنظيمية "Regtech" رسميًا من قبل هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة.
اتجاهات السوق والآفاق المستقبلية
من المتوقع نمو قيمة سوق التكنولوجيا التنظيمية العالمية إلى 15 مليار دولار خلال عام 2024، وفق تقرير صادر عن شركة فورتشن بيزنس إنسايدز "Fortune Business Insights".
وعلى المدى المتوسط، تشير التقديرات إلى نمو سوق التكنولوجيا التنظيمية بمعدل نمو سنوي مركب 23.6% بين عامي 2024 و2032، ليصل إلى 85 مليار دولار.
ومن المرجح أن تظل الخدمات المالية القطاع المهيمن على نمو سوق التكنولوجيا التنظيمية بالتزامن مع تزايد اعتمادها في عدد من القطاعات الأخرى، بعدما أصبحت فوائدها أكثر وضوحًا.
زيادة انتشار التكنولوجيا التنظيمية في الشرق الأوسط
تكتسب التكنولوجيا التنظيمية زخمًا كبيرًا في الشرق الأوسط، ويتضح هذا فيما يلي:
الإمارات والسعودية: تتصدر الدولتان تبني التكنولوجيا التنظيمية، حيث تشجع الهيئات التنظيمية دمج هذه التقنيات في الأسواق المحلية، كما تركز البنوك المركزية بشكل خاص على استعمالها في تعزيز الامتثال المالي.
مراكز التكنولوجيا المالية: أصبحت مدن مثل دبي وأبو ظبي والرياض مراكز رئيسية للتكنولوجيا المالية، ما أسهم في جذب العديد من شركات التكنولوجيا التنظيمية الدولية التي تتطلع إلى التوسع في المنطقة.
التركيز على الامتثال المالي: تستخدم البنوك في منطقة الشرق الأوسط التكنولوجيا التنظيمية بشكل متزايد لتلبية المتطلبات المتزايدة للوائح مكافحة غسل الأموال وتدابير الأمن السيبراني.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر