هل الاستثمار في العملات المشفرة حلال؟ حكم تداول العملات الرقمية

شهدت العملات المشفرة نموًا كبيرًا منذ ظهور البيتكوين في عام 2009، ومع نمو القيمة السوقية للأصول المشفرة بمرور الوقت -خاصة منذ جائحة كوفيد-19، زاد الاهتمام بها بشكل كبير في العالم العربي والإسلامي.

وتجلى ذلك بصورة واضحة في ظهور بورصات ومنصات العملات المشفرة الإقليمية وزيادة اعتمادها في المنطقة العربية.

ومع هذا التبني النشط الكبير، تتزايد التساؤلات حول مدى اعتماد العملات المشفرة كوسيلة للمعاملات المالية أو طريقة استثمارمتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وكذلك تساؤلات من جانب المستثمر ذو التوجه الديني للتأكد من أن هذا الأصل "حلال".

هل العملات المشفرة حلال؟

يتفق علماء الإسلام على تعريف ثابت يحدد ما يجعل الأداة المالية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، ولكي تكون الأداة "حلالاً" يجب أن تتوفر فيها ثلاثة شروط أساسية:

۱- عدم وجود الفائدة أو الربا لأن ذلك محرم بشكل صريح في الدين.  

۲- ضرورة التقليل من استخدام الأصل كأداة مضاربة أو الغرر قدر الإمكان.

۳- عدم استخدام الأصول المالية لتعزيز الأنشطة المحظورة مثل المقامرة أو الأنشطة غير المشروعة مثل غسيل الأموال.

وبشكل عام، فإن العملات المشفرة مجرد شكل من أشكال العملة، وينطبق عليها الشروط الثلاثة مثل باقي العملات.

ومن الناحية النظرية، تتشابه العملات المشفرة مع العملات الورقية العادية في أمور كثيرة، لكنها تختلف عنها في أنها لا مركزية.

ومع أخذ ذلك في الحسبان، فإن الحد الفاصل بين العملات المشفرة "الحلال" والعملات "الحرام" هو الاستخدام، سواء من قبل المستثمر أو نوع العملة نفسها، لذلك من الصعب للغاية إصدار حكم عام على صناعة التشفير بأكملها.



اقرأ المزيد عن: الاستثمار الحلال

انقسام بين العلماء المسلمين

بسبب تنوع العملات وحالات الاستخدام، يظل العلماء المسلون منقسمين حول ما إذا كانت العملات المشفورة تعد أصولًا متوافقة مع الشريعة الإسلامية أم لا؟

وتظل هذه الانقسامات أيضًا حول مدى صرامة الفقه المطبق على الصناعة بسبب اختلاف فروع الفقه (المذاهب).

المعارضون للعملات المشفرة

أعلنت رئاسة الشؤون الدينية في تركيا أن العملات الافتراضية غير متوافقة مع الدين الإسلامي، لأنها ترى أن استخدامها في المقام الأول كأصول مضاربة أو لأنشطة مالية غير قانونية، وفقًا لمقالة سيد عماد الدين أسد الموسعة حول المناقشات العلمية المحيطة بالعملات المشفرة لموقع Dawn.com.

كما حكم بعض العلماء السعوديين البارزين، بما في ذلك عاصم الحكيم، بأن العملات المشفرة محظورة للأسباب نفسها المذكورة أعلاه تقريبًا.

وفي مصر، حيث حظر البنك المركزي بشكل كامل استخدام العملات المشفرة، أعلن مفتي الأزهر الشريف -أعلى سلطة دينية في البلاد- أن النقود هى الوسيلة الوحيدة للتعاملات المالية للدول والحكومات.

المؤيدون

هناك العديد من العلماء ورجال الدين الإسلاميين من جميع أنحاء العالم الذين يعتبرون العملات المشفرة حلالًا على نطاق واسع، ومن بين هؤلاء الإندونيسي محمد أبو بكر، الذي ينظر إليها ببساطة كوسيلة للتبادل، مثل أي عملة ورقية.

وفي الوقت نفسه، أعلن علماء مسلمون في مسجد رمضان في المملكة المتحدة أن المسلمين يمكنهم دفع الزكاة -أو العشر السنوي الإلزامي بنسبة 2.5% - من خلال البيتكوين والإيثيريوم، وهما أكثر العملات المشفرة الأكثر استخدامًا على مستوى العالم.

ظهور القطاع الخاص

بدأ عدد من الشركات والمنصات العاملة في العملات المشفرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الظهور بنماذج أعمال تأمل في معالجة بعض هذه المخاوف المتعلقة بمدى توافق صناعة التشفير مع الدين الإسلامي.

هل العملات المشفرة أصل آمن مثل الذهب؟

هناك العديد من الشركات الناشئة التي تقدم الآن عملات معدنية مدعومة بالذهب من أجل تقليل استخدام العملات المشفرة كأصول مضاربة، وتقليل التقلبات والتأرجحات الواسعة في سوق العملات المشفرة، فضلاً عن العمل بوجهة النظر الإسلامية العام التي ترى أن الأصول الاقتصادية "الحقيقية" تتفوق على الأصول المالية البحتة.

ومن هذه الشركات، تبرز شركة ون جرام (OneGram) ومقرها دبي، وهي شركة للخدمات المالية والتكنولوجيا الإسلامية، والتي تقوم ببناء واحدة من أكبر خزائن الذهب في العالم في دبي لإنشاء أول عملة رقمية مدعومة بالكامل بالذهب عالميًا.

هناك أيضًا جولد بيسا (GoldPesa) ومقرها دبي، والتي أطلقت رمز (GPX) المدعوم بالذهب والمستوحى من البيتكوين.

علاوة على ذلك، تعاونت مجموعة أي بي إم سي (IBMC Financial Professionals Group) ومقرها الولايات المتحدة مع شركة "يو إس جولد كارانسي" الأمريكية (US Gold Currency) لإصدار أول عملة رقمية مدعومة بالذهب في عام 2020.


اقرأ المزيد عن: الذهب مقابل فئات الأصول الأخرى

التصديق على العملات المشفرة

ظهر العديد من الشركات الأخرى مثل شركة الاستشارات المالية الإسلامية "المعالي للاستشارات" ومقرها الإمارات العربية المتحدة، التي بدأت في تنويع أعمالها لتشمل اعتماد العملات المشفرة باعتبارها متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك "OneGram".

كما هو الحال مع السندات والصكوك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، اتخذ عدد من مصدري العملات الرمزية خطوات لضمان أن عملاتهم متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك شركة ستيلر ليمونز (Stellar Lumens) ومقرها كاليفورنيا، والتي حصلت على شهادة من مكتب المراجعة الشرعية.


أعرف المزيد عن: الصكوك مقابل السندات: استكشف بدائل الدخل الثابت الحلال

وتزايد هذا الاتجاه المتمثل في الاعتماد الرسمي والتصديق على العملات المشفرة إلى درجة أنه توجد الآن مواقع تقوم بتجميع والتحقق من مدى توافق العملة المشفرة مع الشريعة الإسلامية.

ومن بين هذه الشركات منصة كريبتو أمة "Crypto Ummah"، التي قامت حتى الآن بفحص 358 قطعة نقدية، والتحقق من أن 247 منها حلال.