عالمي English
السعودية عربي
عالمي English
يعد "العربون" من الأدوات المهمة في العقود المالية الإسلامية، حيث يحقق منفعة لكل من البائع والمشتري فالمشتري يستفيد من حقه في فسخ العقد إذا تبين له أنه غير مناسب له، بينما يستفيد البائع بالاحتفاظ بالمبلغ المدفوع إذا قرر المشتري فسخ العقد.
ومن الناحية الشرعية، يُعد العربون موضوعًا مثيرًا للجدل بين الفقهاء، وهو ما توضحه المناقشات الفقهية التالية.
العربون هو مبلغ يدفعه المشتري للبائع عند إبرام العقد، على أن يكون للمشتري الحق في فسخ العقد خلال مدة متفق عليها.
فإذا قرر المشتري المضي في العقد، يُحتسب المبلغ المدفوع جزءًا من الثمن الإجمالي للشراء، أما إذا تراجع أو لم يلتزم بسداد باقي الثمن في المدة المحددة والمتفق عليها، فيحق للبائع الاحتفاظ بالعربون.
وقد عرف "ابن منظور" العربون بأنه معاملة يشتري فيها المشتري سلعة مع اشتراط حق إبرام العقد أو فسخه، فإن تم إبرام العقد احتُسب المبلغ المدفوع من ثمن السلعة، وإن لم يتم كان للبائع الحق في المبلغ، ولا يملك المشتري المطالبة باسترداده.
لا يمكن اعتبار العربون مطابقًا لنفس المفهوم في القانون الإنجليزي، لأنه في الأخير عبارة مبلغ مُقدم للبائع لإظهار الجدية في الالتزام بالعقد، ويُحتسب لاحقًا ضمن الثمن النهائي.
أما في الشريعة الإسلامية، فإن العربون يمنح البائع الحق في الاحتفاظ بالمبلغ إذا لم يكمل المشتري العقد.
اختلف الفقهاء في حكم العربون حيث يرى الحنفية والشافعية والمالكية، وكذلك أبو خطاب من المذب الحنبلي، أنه غير جائز. وهذا الرأي مروي أيضًا عن ابن عباس والحسن البصري (رضي الله عنهما).
في المقابل، يرى غالبية التابعين للمذهب الحنبلي جواز العربون، وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر، وعن عدد من التابعين، مثل مجاهد، وابن سيرين، ونافع بن عبد الحارث، وزيد بن أسلم (رحمهم الله).
أدلة المذاهب:
- يستند القائلون بعدم الجواز إلى حديث عمرو بن شعيب، أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم "نهى عن بيع العربون"، معتبرين أن فيه غررًا؛ إذ يخسر المشتري المبلغ حال عدم إتمام البيع.
- فيما يستند القائلون بجواز العربون إلى رواية عن زيد بن أسلم أن النبي صلي الله عليه وسلم سُئل عن العربون فأجازه.
- أما مجمع الفقه الإسلامي الدولي، فقد رأي الإمام أحمد بن حنبل، مقررًا جواز العربون بشروط وضوابط محددة.
اقرأ المزيد عن: ما هو الغرر و كيفية تجنبه
الدفعة المقدمة هي المبلغ الذي يدفعه المشتري للبائع بعد إبرام العقد، وتعتبر جزءًا من سعر السلعة المشتراة، بمجرد دفع الدفعة المقدمة، لا يحق للمشتري عادةً فسخ العقد، ويعد البيع مكتملًا ويتم دفع المبلغ المتبقي على أقساط متفق عليها.
اقرأ المزيد عن: هل التقسيط حلال؟
الفرق بين العربون والدفعة المقدمة وفقًا عدة محاور
- الغرض: الغرض من العربون بالنسبة للمشتري هو الاحتفاظ بحق فسخ العقد، بينما الدفعة المقدمة هي مبلغ يُدفع مقدمًا مقابل السلعة المشتراة.
- الملكية: في العربون، إذا ألغى المشتري العقد، يحتفظ البائع بالمبلغ المدفوع، ويُحتسب من سعر الشراء حال إبرام العقد، أما في الدفعة المقدمة، فتنتقل ملكية المال إلى البائع، ويصبح جزءًا من الثمن مباشرة بمجرد دفعها.
- سياسة الاسترداد: العربون غير قابل للاسترداد، ويحتفظ به البائع إذا تراجع المشتري، في حين قد تكون الدفعة المقدمة قابلة للاسترداد، لكن في حالة تخلف المشتري عن السداد، قد يكون المبلغ غير قابل للاسترداد.
- الأساس القانوني: العربون معترف به في بعض الأنظمة القانونية استنادًا إلى بعض آراء الفقهاء، في حين الدفعة المُقدمة هي ممارسة تقليدية ومعترف بها في معظم الأنظمة القانونية.
ما هو حكم الشريعة الإسلامية فيما يخص العربون؟
يرى جمهور الفقهاء أن العربون غير القابل للاسترداد غير جائز، بينما أجازه المذهب الحنبلي ضمن حدود معينة، بينما تعتبر الدفعة المقدمة جائزة شرعًا ما لم يكن مرتبطًا بشروط محرمة.
- تندرج وديعة الضمان تحت ما يُعرف بـ"هامش الجدية"، وهو مبلغ يدفعه المشتري للبائع لإثبات جديته، ويُحتفظ به كأمانة لدى البائع.
- أما العربون فهو عبارة عن مُقدم يدفعه المشتري عند إبرام العقد مع احتفاظه بحق فسخ العقد، فإذا تم تأكيد العقد، يُخصم مبلغ العربون من ثمن الشراء، أما إذا لم يتم إبرام العقد، فيحق للبائع الاحتفاظ به.
هل ينطبق العربون على عقود الإجارة في التمويل الإسلامي؟
نعم، يمكن تطبيق العربون في عقود الإجارة في التمويل الإسلامي، ووفقًا لما ورد في معيار الهيئة الشرعية للمحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) الخاص بالإجارة:
«يجوز أخذ العربون عند إبرام عقد الإجارة، مع احتفاظ المستأجر بحق فسخ العقد خلال فترة زمنية محددة، ويُعامل العربون كدفعة مقدمة من الأجرة. وإذا لم يُنفذ عقد الإجارة بسبب المستأجر، فيحق للمؤجر أن يحتفظ بالعربون، ومع ذلك يُفضل أن تتنازل المؤسسة عما زاد على الضرر الفعلي الذي لحق بها".
نعم، يعتبر العربون جزءًا من الثمن إذا أكد المشتري العقد، ووفقًا لمعيار "آيوفي" الخاص بالعربون:
"إذا أكد المشتري العقد، يُخصم العربون من الثمن، أما إذا لم يؤكد العقد أو لم يدفع بقية الثمن خلال المدة المحددة، يحق للبائع مصادرة العربون".
المراجع:
هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (2017). المعيار الشرعي رقم 53: العربون، المنامة.
عثماني، محمد تقي (د.ت). فقه البيوع.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.
