لماذا يُحرّم الإسلام الفائدة ؟
أساس تحريم الفائدة في الإسلام
ينظر الإسلام إلى المال على أنه وسيلة للتبادل وليس أصلًا في حد ذاته؛ ومن ثم فإن فرض فائدة على المال أو تحقيق ربح منه دون تجارة أو نشاط فعلي، هو أمر محرم بوضوح في الشريعة الإسلامية (عمران م.، 2021).
وقد جاء النص القرآني صريحًا في هذا المعنى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (البقرة: 275)
الدافع الأخلاقي: حماية الضعفاء المحتاجين من الاستغلال
إضافة إلى البعد الديني، فإن الفائدة من الناحية المنطقية نظامًا ظالمًا، لأنه يُحمل المدين أعباءً مالية تتضاعف مع الوقت، فيدفع في النهاية أضعاف ما اقترضه، ومع استمرار هذا النمط في المجتمع، تتسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، ويزداد التفاوت الاقتصادي يما يخل بالعدالة الاجتماعية (عمران م.، 2021).
النصوص الشرعية التي حرّمت الربا
وردت 4 آيات في القرآن الكريم تحرم الربا:
-في سورة الروم (الآية 39): ﴿وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَا فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُوَا عِندَ اللَّهِ﴾.
-في سورة النساء (الآية 161): ﴿وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ﴾.
-في سورة آل عمران (الآية 130): ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً﴾.
-في سورة البقرة (الآيات 275 إلى 281)، وهي أشدّ الآيات تحذيرًا:
ٱلَّذِينَ يَأۡكُلُونَ ٱلرِّبَوٰاْ لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ مِنَ ٱلۡمَسِّۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡبَيۡعُ مِثۡلُ ٱلرِّبَوٰاْۗ وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلۡبَيۡعَ وَحَرَّمَ ٱلرِّبَوٰاْۚ فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَنۡ عَادَ فَأُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلنَّارِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ (275) يَمۡحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَوٰاْ وَيُرۡبِي ٱلصَّدَقَٰتِۗ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ (277) يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَوٰٓاْ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ (278) فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُواْ فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَإِن تُبۡتُمۡ فَلَكُمۡ رُءُوسُ أَمۡوَٰلِكُمۡ لَا تَظۡلِمُونَ وَلَا تُظۡلَمُونَ (279) وَإِن كَانَ ذُو عُسۡرَةٖ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيۡسَرَةٖۚ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ (280) وَٱتَّقُواْ يَوۡمٗا تُرۡجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ (281).
وجاءت السنة لتُؤكد شدة التحريم، فقد روى مسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ" (مسلم 1597)
وفي رواية الترمذي: "وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ" (الترمذي 1206).. (.
باختصار، هذه الآيات والأحاديث تؤكد بوضوح على تحريم الربا، وبناء على ذلك فقد تقرر أن كل زيادة مشروطة في الدين أو القرض محرمة وتعتبر ربا.
اقرأ المزيد عن: كيف الربا يختلف عن التجارة؟
ما الفرق بين الفائدة والربح؟
من المهم التأكيد أن تحريم الفائدة لا يشمل التجارة والربح المشروع، فقد نصت سورة البقرة بوضوح على إباحة التجارة في مقابل تحريم الربا.
ويرجع الفرق الجوهري بينهما إلى طبيعة العائد، فالربا هو كل عائد مضمون أو ثابت يحصل عليه الدائن من قرض أو دين، مع تحمل المقترض المخاطر.
وحتى إذا تعرض المدين لخسارة، يحق للمقرض الحصول على تعويض عن قرضه مع الفائدة، وهذا الخلل الواضح في توزيع المخاطر هو أحد أهم أسباب تحريم الربا.
أما الربح المتحقق من التجارة أو الاستثمار فيختلف جوهريًا؛ فهو يعتمد على مشاركة الطرفين في المخاطرة، وعلى مساهمة كل منهما بجهد أو رأس مال حقيقي.
على سبيل المثال، في عقد المضاربة يوفر أحد الطرفين رأس المال، ويتولى الآخر إدارة المشروع بخبرته، وعند انتهاء النشاط، يتقاسم الطرفان الأرباح وفق النسبة المتفق عليها مسبقًا (مثلًا 50:50 أو 40:60).
وبذلك يتضح أن التجارة تقوم على الشراكة وتحمل المخاطر، بينما الربا يقوم على ضمان الربح لطرف واحد مهما كانت نتيجة النشاط، وهو ما يجعل الفارق بينهما جوهريًا.
المفاهيم الخاطئة الشائعة حول الربا
يُعد الربا من أكثر القضايا الخلافية في التمويل الإسلامي، ما يؤدي إلى انتشار العديد من المفاهيم الخاطئة حول ماهية الربا وما الذي يُعد فائدة محرمة في الإسلام، وفيما يلي أبرز هذه المفاهيم:
١- الاعتقاد بأن الربا يقتصر على الإقراض ولا يشمل المعاملات التجارية
تقسم الشريعة الإسلامية الربا إلى نوعين رئيسيين:
- ربا النسيئة: المتعلق بزيادة فوائد الدين مقابل التأجيل.
- ربا الفضل: المرتبط بالمعاملات التجارية وتبادل السلع من الأصناف الربوية.
وقد ورد النهي الصريح عن هذا النوع الثاني في حديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ذكره مسلم: "لا تَبيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، لا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعوا الوَرِقَ بالوَرِقِ إلَّا مِثلًا بمِثلٍ، لا يُشَفُّ بعضُها على بعضٍ، ولا تَبيعوا غائبًا بناجِزٍ".
وكذلك جاء في مشكاة المصابيح:
«قال عبادة بن الصامت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "لا تبيعوا الذهبَ بالذهبِ، ولا الورِقَ بالورقِ، ولا البُرَّ بالبُرِّ، ولا الشعيرَ بالشعيرِ، ولا التمرَ بالتمرِ، ولا الملحَ بالملحِ؛ إلا سواءً بسواءٍ عينًا بعينٍ، يدًا بيدٍ، ولكن بيعوا الذهبَ بالورِقِ، والورِقَ بالذهبِ، والبُرَّ بالشعيرِ، والشعيرَ بالبُرِّ، والتمرَ بالملحِ، والملحَ بالتمرِ، يدًا بيدٍ كيف شئتمْ"
وهذا يتناقض تمامًا مع القول بأن الربا كان في الجاهلية فقط، ويوضح أحكام المعاملات التجارية بوضوح.
إذا تراضى الطرفان فليست ربا: هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، لأن الربا لا يرتبط بالتراضي بين الأطراف، تمامًا كما أن تحريم القمار والزنا لا يرتبط بموافقة الطرفين، فكون الطرفين موافقين لا يجعل الحرام حلالًا.
كما أوضحت فتوى للشيخ صالح المنجد: "التراضي على فعل الحرام لا يجعله حلالًا، لذا فإن قبول الفائدة لا يجعله مباحًا".
اقرأ المزيد عن: ما هي السلع الربوية؟
٢- الفائدة المعدلة حسب التضخم جائزة
كما ذُكر سابقًا، أي زيادة مشروطة على القرض فهي ربا، وفي التمويل المعاصر، وبسبب مفهوم "القيمة الزمنية للنقود" الذي يرى أن قيمة المال تتناقص مع مرور الوقت، فإن سداد القروض مرتبط بمؤشر التضخم.
لذلك، إذا كان شخص ما مدينًا بمبلغ 1000 دولار أمريكي على مدار 5 سنوات، فسيتم تعديل السعر لتغطية تكلفة التضخم على قيمة القرض أو تعويض انخفاض القيمة الشرائية، وهذا محرم تمامًا في الإسلام.
ويرتبط ذلك بحديث النبي صلي الله عليه وسلم بشأن الأصناف الربوية التي يجب أن يتم تبادلها يدًا بيد ومثلًا بمثل دون أي زيادة.
وعليه، فإن أي شكل من أشكال جدول القرض أو التعديل وفق التضخم على الديون يُعد ربا محرمًا.
٣- الربا محرم فقط إذا كان استغلاليًا أو مفرطًا
هذا أيضًا غير صحيح؛ فالقرآن والسنة لا يفرقان بين مقدار قليل أو كثير من الربا في الحكم بالتحريم، وقد أشار القرآن إلى الربا الذي كان شائعًا في الجاهلية وما فيه من ظلم.
كما أن الأحاديث واضحة في تحريم الربا؛ وفي سنن ابن ماجه جاء: رُوي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الربا سبعون بابًا، أهونها مثل أن ينكح الرجل أمه" (2274).
وهذا الحديث يقطع أي حجة تبيح الربا ولو بنسبة صغيرة.
٤- الربا كان موجودًا في العصور القديمة وليس في النظام المصرفي الحديث
هذه حجة يستخدمها دعاة الربا في الوقت الحالي، فيقولون إن الربا المحرم يتعلق بما كان سائدًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ويختلف كليًا عن الوقت الحالي.
وقد تنبّأ النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا الموقف في حديث وارد في سنن أبي داود: "لَيَأتِينَّ على الناس زمان، لا يبقى أحد إلا أكل الربا، فإن لم يأكله أصابه من غباره".
وهنا لابد من التأكيد أن شيوع التعامل بالربا لا يجعله حلالًا، إذ أكدت هيئات الفتوى حول العالم، من مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي إلى هيئات الفتوى الوطنية، أن الفائدة البنكية المعاصرة هي من الربا المحرم.
٥- الخدمات المصرفية الإسلامية مجرد حيلة وهي مثل الفائدة
هذا تبسيط مخل وغالبًا ونظرة غير دقيقة لأشكال التمويل الإسلامي الحديثة، فهذه المنتجات مصممة خصيصًا الربا ولتعزيز التمويل القائم على الأصول.
فعلى سبيل المثال، عند تمويل منزل عن طريق المرابحة أو الإجارة، يتمك البنك الإسلامي العقار ويتحمل مخاطر الملكية والاستثمار، ثم يربح بصفته بائعًا أو مؤجرًا، وليس كمُقرض للمال.
ورغم أن معدل الربح قد يُشبه معدل الفائدة، فإن طريقة تحصيله تختلف جوهريًا، ومن ثم الحكم يكون مختلفًا.
٦- التبرع بالفائدة للجمعيات الخيرية، يجعل أخذها حلالًا
هذا مفهوم خاطئ تمامًا، فأخذ الربا أو إعطاؤه محرم في كل الأحوال، ولا تؤثر النية في تغيير حكمه، بصفة عامة لا يجوز للمسلم أن يتعمد الوقوع في الحرام بحجة التصدق به.
لكن في حالة تراكم الفوائد البنكية عن غير قصد بشكل لا يمكن تجنبه غالبًا، هنا يجب التخلص منها عن طريق الصدقة، دون نية الثواب، لأنها مال محرم كان ينبغي تجنبه أصلًا.
٧- الربا محرم على المسلمين فقط
يعود هذا الاعتقاد الخاطئ إلى نقاش في المذهب الحنفي، حيث ورد في رواية ضعيفة: "لا ربا بين مسلم وحربي في دار الحرب"، (مذكور في كتاب معرفة السنن والآثار للبيهقي، وفي الهداية للمرغيناني، وفي الأم للشافعي).
ناقش فقهاء الحنفية إمكانية أخذ الربا في سياق التعامل مع غير المسلمين المعادين من أهل الحرب (الحربيين)، لكن ذلك كان مرتبطًا بغنائم الحرب وليس بالقروض الربوية.
وحتى في هذا السياق، فإن جمهور العلماء اليوم يرفضون تطبيق هذا السيناريو، لأننا لسنا في حالة حرب، كما أن أحكام القرآن لا تفرق بين جنس أو دين، وهي مطبقة على الجميع.
أما الاستثناء الذي يذكره بعض العلماء فهو محدود بحالة التعامل مع البنوك الربوية التي تمنح فائدة، ومع ذلك يجب تجنب ذلك بقدر المستطاع.
٨- غرامات التأخير ليست ربا
هذا مفهوم خاطئ أيضًا، فغالبًا ما تكون ربا، لأنه في كثير من الأحيان، تُفرض رسوم التأخير كنسبة من المبلغ المستحق أو رسوم ثابتة، وهذه في حقيقتها فائدة يدفعها المدين مقابل مهلة إضافية، وتشبه تمامًا الفائدة المحرمة، وهي ممارسة شائعة في الجاهلية، حيث كان على المقترض سداد قرضه في موعده وإلا سيتحمل زيادة في الفائدة.
أما البديل الشرعي الإسلامي هو أن يحدد الدائن تعويضًا مقابل الضرر الفعلي الناتج عن التأخير، لكن يجب ألا يستفيد منه الدائن، بل يُصرف في وجوه الخير.
وباختصار: أي رسم ثابت على التأخير محرم تمامًا، وقد أكدت ذلك فتاوى مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وجهات أخرى عديدة.
٩- الإسلام يحرم تحقيق الأرباح
الإسلام لا يعارض كسب المال أو تحقيق الربح، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تاجرًا، وكثير من صحابته كانوا تجارًا ناجحين، كما يشجع القرآن على التجارة والربح المشروع.
لكن الإسلام يحرم فقط الربح المضمون على القرض، وهو زيادة غير عادلة ولا تستند إلى أي نشاط اقتصادي.
أما الأرباح الناتجة عن تجارة مشروعة أو خدمة أو شراكات تقوم على تقاسم المخاطر، فهي مباحة للمسلمين.
ولهذا، فالادعاء بأن المسلمين لا يمكنهم تحقيق الأرباح باطل، بل إن الإسلام يشجع على الربح ما دام عادلًا وناتجًا عن نشاط اقتصادي يعود بالنفع على الطرفين.
١٠- الفائدة تختلف عن الربا
كلمة الربا تعني الزيادة، ويحاول بعض العلماء المعاصرين تجاوز التحريم بالقول إن الربا المحرم قديمًا يختلف عن الفائدة في النظام المصرفي الحالي، لكن في الواقع جميع المذاهب الفقهية الرئيسة، وكذلك الهيئات الشرعية الحديثة، أكدت أن ما تسميه البنوك اليوم "فائدة" يدخل تمامًا تحت التحريم القرآني للربا.
فالفائدة المعاصرة هي ربا، ولا يغير الحكم أن نسميها "عائدًا" أو "رسوم تمويل" أو غير ذلك، فإذا كانت زيادة مضمونة على دين أو معاملة، فهي ربا محرم.
ماذا لو كنت أعيش في دولة غير مسلمة حيث يصعب تجنب الفائدة؟
هذا قلق حقيقي يواجه الكثير من المسلمين حول العالم، ففي البلدان غير الإسلامية، غالبًا ما يعمل النظام المالي بالكامل على أساس الفائدة، ما يجعل تجنبها أمرًا صعبًا.
النصيحة العامة في مثل هذه الحالات هو تقليل التعرض للربا قدر الإمكان، والبحث عن بدائل حلال إن وُجدت، أما إذا لم تكن هناك بدائل متاحة، كما في حالة أن يدفع صاحب العمل الرواتب عبر تحويلات بنكية يترتب عليها وجود الفائدة، أو عندما لا توجد خيارات إسكان ميسرة إلا من خلال القروض التقليدية.
فحينها يكون الأمر استثناءً في الشريعة الإسلامية بسبب حالة الضرورة القصوى، ومع ذلك، من المهم أن يكون الإنسان حذرًا وأن يستشير العلماء المختصين قبل الإقدام على شيء محظور.
والعيش في مجتمع قائم على الربا هو بلا شك اخبار من الله، وكما ذُكر سابقًا، قد تنبأ النبي صلى الله عليه وسلم بزمن يصعب فيه تجنب الربا.
والأهم هنا أن يبقى المسلم واعيًا لأحكام الله وألا يتساهل، ويجب ألا يلجأ للربا إلا عند الضرورة، وبمشورة العلماء.
هل يجوز التبرع بالفائدة (الربا)؟
هناك إجماع بين العلماء على أن مال الربا مال خبيث لا يجوز للمسلم أن يحتفظ به أو ينتفع به بأي حال من الأحوال، وبالتالي فالإجراء العملي هو التخلص منه بإخراجه في مصالح عامة أو للفقراء دون نية الأجر.
وهناك حالتان يجب التمييز بينهما:
- من يكتسب الربا عمدًا (وهذا حرام بلا خلاف وإثم صريح)، فيجب عليه التوبة أولًا من هذا الذنب، ثم إخراج المال الزائد في وجوه الخير للتخلص منه.
- من يحصل على الربا من غير قصد بسبب نظام بنكي إلزامي أو صناديق تقاعد وما شابه، فهنا يجب عليه ألا ينتفع به، بل التخلص منه في أوجه الخير.
وقد نصح الشيخ ابن باز وغيره من العلماء بأن يقوم الشخص بإخراج مبلغ الفائدة بنفسه إلى الفقراء للتخلص من هذا المال المحرم.
إذن الخلاصة: لا يجوز إعطاء مال الفائدة بنية الصدقة؛ فالفائدة محرمة، وجمعها جمعه بنية الصدقة حرام أيضًا، إنما إخراجها يكون للتخلص منها فقط، وليس بنية الثواب.
وفي نهاية المطاف، فإن الله هو الرزاق، والتخلي عن الحرام من أجل الله نعمة بحد ذاتها، فقدد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدّلك الله به ما هو خيرٌ لك منه"، (مسند أحمد، ٢٣٠٧٤).
فالتوكل على الله يجلب الطمأنينة والبركة، وهما نعمتان لا يشتريهما الربا، والله أعلم.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.