نظرة الإسلام للدين والإقراض والاقتراض

في التمويل الإسلامي، يخضع الدين والإقراض والاقتراض للمبادئ المنصوص عليها في القرآن الكريم والسنة النبوية، والتي تؤكد على العدالة والإنصاف ومنع الاستغلال.

وتتعمق هذه المقالة في منظور الشريعة الإسلامية لهذه المعاملات، مع الإجابة على بعض الأسئلة الأساسية لتقديم فهم شامل.

الديون من منظور الإسلام

الحاجة إلى الدين والاقتراض في بعض الظروف أمر واقع تقبله الشريعة الإسلامية، ولكن بحذر شديد، فقد أكد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أهمية توثيق عقود الدين لتجنب الالتباس والخلافات:

"يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..." (سورة البقرة، الآية 282).

كما حذر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من خطورة تراكم الدين، حيث ذكر أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضي عنه (صحيح مسلم، حديث 1885).


اقرأ المزيد عن: هل خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقًا" حلال و متوافقة مع الشريعة الإسلامية؟

أنواع الديون في الإسلام

هناك أنواع مختلفة من الديون في الإسلام، ويمكن تصنيفها على أساس الغرض والطبيعة إلى 3 أنواع:

۱- القرض الحسن

قرض بدون فوائد يُمنح لمساعدة شخص محتاج، على أن يتم سداد المبلغ الأصلي فقط، وتجسد هذه الممارسة روح الأخوة والدعم المتبادل بين المسلمين (عبيد الله ولطيف، 2008).

۲- المرابحة

عقد بيع يكشف فيه البائع عن التكلفة وهامش الربح للمشتري، ويستخدم هذا النوع من التمويل بشكل شائع في الخدمات المصرفية الإسلامية لتمويل الأصول (عثماني، 2002).

 ۳- الإجارة

اتفاق يشتري بموجبه البنك أحد الأصول ويؤجره للعميل لمدة وسعر محددين مسبقًا، ونقل الملكية في نهاية مدة الإيجار (إقبال وميراخور، 2011).

مبادئ الاقتراض في الإسلام

تستند أحكام الاقتراض في الإسلام إلى مبادئ تهدف إلى ضمان التصرفات الأخلاقية:

 - النية: يجب أن تكون لدى المقترض نية صادقة في سداد الدين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه" (صحيح البخاري، الحديث 2387).

- القدرة على السداد: يجب على الشخص الاقتراض فقط إذا كانت لديه قدرة حقيقية على السداد، وذلك لتجنب الأعباء غير المبررة.

- التوثيق: من الضروري توثيق شروط الدين لمنع حدوث خلافات مستقبلًا، كما ورد في سورة البقرة، الآية 282.

تحريم الربا في الإسلام

الربا  -الفائدة في الاقتراض أو الإقراض- محرم تمامًا في الإسلام، كما ينص القرآن الكريم: "وأحل الله البيع وحرم الربا..." (القرآن الكريم 2:275).

ويهدف هذا التحريم إلى منع الاستغلال وضمان العدالة في المعاملات المالية، ويتفق العلماء على أن أي فائدة مضمونة على الأموال المقترضة تعتبر ربا، ومن ثم فهي محرمة (الجمال، 2006).

الدين الحلال أو المسموح به في الإسلام

يلتزم الدين الحلال في الإسلام بالمعايير التالية:

• عدم وجود ربا:  يجب ألا يتضمن الدين أي فائدة.

• الغرض الأخلاقي:  يجب أن يُستخدم المال المقترض لأغراض مشروعة ومفيدة.

• وضوح الشروط:  يجب أن تتسم شروط السداد بالشفافية ويكون متفق عليها من قبل جميع الأطراف.

القرض الحسن

هو عبارة عن قرض بدون فوائد يُمنح لمساعدة شخص محتاج دون أي يترتب عليه أيّ ربح، ويُشجع الإسلام هذا الفعل بشدة كونه من أشكال الصدقة والتضامن الاجتماعي (عبيد الله ولطيف، 2008).

الديون الجيدة مقابل الديون السيئة في التمويل الإسلامي

في التمويل الإسلامي، تعتبر الديون جيدة إذا كانت لأغراض تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، مثل تمويل المشروعات التجارية أو التعليم.

على العكس من ذلك، تشير الديون السيئة إلى الاقتراض لنفقات غير ضرورية وباهظة الثمن قد تؤدي إلى ضائقة مالية (الجمال، 2006).

اقرأ المزيد عن: هل بطاقات الائتمان حرام؟

إرشادات للمسلمين عند الاقتراض

يجب على المسلم الالتزام باتباع الإرشادات التالية عند الاقتراض:

• التأكد من أنه يقترض بدافع الاحتياجات الضرورية فقط.

• يجب أن يكون القرض خاليًا من أي شرط لدفع فائدة.

• يجب أن يلتزم المقترض الحفاظ على نية صادقة لسداد الدين.

دور النية في الإقراض

يجب أن تكون نية المُقرض عند منح القرض دائمًا موجهة نحو مساعدة الآخرين وليس لزيادة أرباحه الشخصية.

ويشجع القرآن الكريم المقرض على أن يكون متساهلًا ورحيمًا مع المقترض إذا واجه صعوبة مالية، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: "وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة..." (سورة البقرة، الآية 280).

فضلًا عن ذلك، يعتبر فرض رسوم تأخير أمرًا غير مستحب في التمويل الإسلامي، لأنه قد يشبه الربا، بدلاً من ذلك، يُشجع الإسلام الدائنين على إظهار التساهل والمرونة.

حكم الاقتراض للنفقات غير الضرورية

الاقتراض في حد ذاته ليس محرمًا في الإسلام، ولكن القيام به من أجل الإنفاق الباذخ أو للأشياء غير الضرورية محرم.

مثل هذه الممارسات قد تؤدي إلى تراكم ديون غير ضرورية وصعوبات مالية، وهو ما يتناقض مع مبادئ الاعتدال والإدارة المالية المسؤولة (الجمال، 2006).

الموقف الشرعي من عدم سداد الديون

يعتبر عدم سداد الديون عمدًا إثمًا كبيرًا في الإسلام، فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من أخذ أموال الناس يريد إتلافها، أتلفه الله" (صحيح البخاري، الحديث 2387).

ومع ذلك، إذا كان المدين غير قادر على السداد، يجب على الدائنين منحه وقت إضافي للسداد أو التنازل عن الدين، كما ورد في سورة البقرة، الآية 280.

خلاصة القول

باختصار، يعتبر الدين أمر ضروري من منظور الإسلام ولكنه يحذر من الإفراط في الاقتراض، مع التأكيد على أهمية العدالة والإنصاف وتجنب الربا (الفائدة).

ويجب أن يكون المقترضين لديهم نية صادقة في سداد الدين، وأن يستخدموا الأموال في أغراض مشروعة، مع توثيق الاتفاقات لتجنب أي نزاعات.

ويُشجع الإسلام على تجنب الاقتراض من أجل الترفيه، مع حث الدائنين على التساهل مع المقترضين، الذين يعانون من صعوبات مالية.

المراجع

• عبيد الله، م، ولطيف، ز. أ. (2008)، القرض الحسن: آلية تمويل خيرية في التمويل الإسلامي، دراسات اقتصادية إسلامية، يركز على القروض الخالية من الفوائد في الإسلام.

• الجمال، م. أ. (2006)، التمويل الإسلامي: القانون والاقتصاد والممارسة، مطبعة جامعة كامبريدج، يناقش تحريم الربا ومبادئ الديون في الإسلام.

• عثماني، م. ت. (2002)، مقدمة في التمويل الإسلامي، يغطي الأدوات المالية الإسلامية مثل المرابحة.

• إقبال، ز، وميراخور، أ. (2011). ج. جون وايلي وأولاده، يناقش مبادئ التمويل الإسلامي، بما في ذلك الإجارة.

• سورة البقرة (2:282) - تؤكد على توثيق الديون لمنع النزاعات.

• سورة البقرة (2:275) - تحرم الربا.

• سورة البقرة (2:280) - تدعو إلى التسامح مع المدينين في حالة الضائقة المالية.

• صحيح مسلم، حديث 1885 - نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه.

• صحيح البخاري، حديث 2387 - يؤكد على نية سداد الديون وعواقب إساءة استخدام الأموال المقترضة.