الاستثمار أم الادخار.. ما المناسب لعام 2025؟
أصبح الوصول إلى فرص الاستثمار أسهل من أي وقت مضي؛ فقد أسهمت تطبيقات الاستثمار الصغيرة، إلى جانب منصات التمويل الجماعي ، وحتى منصات التملك الجزئي للعقارات، في إتاحة فرص استثمارية متنوعة بمبالغ بسيطة نسبيًا، واللافت أن كثيرًا منها تمنح عوائد تتجاوز أداء السوق التقليدي.
وهنا تبرز المعضلة التي نواجهها في عام 2025: مع هذا التنوع الكبير والهائل من خيارات الاستثمار، كيف توزع مدخراتك؟، وكم ينبغي أن تخصصه للاستثمار؟ وكم يجب أن تدخره للظروف الطارئة؟
في هذا المقال، سنساعدك على فهم الخيارات المتاحة وكيفية اتخاذ القرار الأنسب.
اقرأ المزيد عن: ما هو الاستثمار في الملكية الجزئية؟
متى يكون الادخار هو الخيار الأفضل؟
القاعدة العامة هي الاحتفاظ بمبلغ يغطي نفقات المعيشة لمدّة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر في حساب يُسهل الوصول إليه، ويُستخدم فقط في حالات الطوارئ؛ مثل عطل مفاجئ في السيارة، أو أي حدث غير متوقع.
ورغم أنه من الأفضل عدم التفكير فيما قد يحدث، فإن وجود مبلغ جاهز لمثل هذه المواقف الطارئة يمنحك مزيدًا من الراحة.
وفيما يتعلق بالادخار بالنسبة للمستثمرين المسلمين، يتم وضع الأموال في حساب ادخار إسلامي يعمل بنظام المضاربة،
ويمكنك مقارنة العوائد بين البنوك لاختيار العائد الأكثر تنافسية، ثم إيداع جزء من راتبك شهريًا في هذا الحساب، واعتبر هذا الادخار بمثابة استثمار في استقرارك المالي وراحة بالك.
اقرأ المزيد عن: حسابات التوفير الإسلامية (ISAs)
ما هي سلبيات الادخار المفرط (مثل التضخم)؟
رغم أن الادخار يُعتبر عادة خطوة مالية حكيمة، إلا أن الإفراط فيه قد يكون له أثر سلبي على المدى الطويل؛ وهذا ببساطة لأن كل مبلغ تدخره بدلاً من استثماره يحمل ما يُعرف بتكلفة الفرصة البديلة، وتعني العائد الذي كان بإمكانك تحقيقه لو استثمرت هذا المال في أصول توفر أرباحًا أعلى، بدلًا من الاحتفاظ به في حساب توفير بعائد ثابت.
لذلك، فالنظر إلى معدل التضخم أمر مهم جدًا في هذا الإطار، لأنه إذا كان معدل التضخم أعلى من العائد الذي يقدمه حساب الادخار، فإن أموالك فعليًا تفقد قيمتها الشرائية بمرور الوقت، وبالتالي أن تخسر ولا تربح.
حالياً، تشير توقعات معظم الاقتصاديين إلى احتمال تسارع معدلات التضخم خلال العام المقبل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سياسات التعريفات الجمركية التي تنتهجها إدارة ترامب، والتي قد تؤدي إلى زيادة أسعار العديد من السلع.
لكن من المهم أن تتذكر أن التضخم يختلف من بلد لآخر، لذلك احرص على متابعة معدل التضخم في بلدك، واستخدمه كمؤشر لمقارنة عوائد الادخار أو الاستثمار لديك.
هل 2025 عام مناسب للاستثمار في الأسهم؟
تاريخيًا، تفوق الاستثمار في الأسهم على معدلات العائد على حسابات الادخار، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500، الذي يضم أكبر 500 شركة في السوق الأمريكية، وهو أبرز مقياس لأداء الأسهم، حيث حقق متوسط عائد سنوي يزيد عن 10% منذ عام 1957.
وقد شهد عاما 2023 و2024 أداءً استثنائيًا، إذ بلغت العوائد نحو 25% في كل مهما، وهي أرقام تفوق معدل العائد الطبيعي بشكل ملحوظ.
أما في عام 2025، فيتوقع المحللون تباطؤ وتيرة زيادة عوائد الاستثمار في الأسهم، بسبب التوترات التجارية وفرض رسوم جمركية متبادلة من جانب الولايات المتحدة وعدة دول أخرى، خاصة الصين، ما قد تؤثر سلبًا على أرباح الشركات، وهذا ما شاهدناه بالفعل من موجات بيعية في الأسواق في وقت سابق من العام.
ومع ذلك، لا تزال هناك فرص واعدة، خصوصًا في قطاع التكنولوجيا، حيث يتوقع المحللون نمو قوي للشركات المستفيدة من الاستثمارات المتزايدة في الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، ولكن احرص دائمًا على دراسة السوق جيدًا، وتجنب أسهم "الميم"، التي غالبًا ما تكون مدفوعة بالضجيج الإعلامي بدلاً من الأساسيات السليمة.
أما إذا كنت مستعدًا لتحمل بعض المخاطر والتقلبات، لكنك بعيدًا عن الأسهم الفردية، فيمكنك الاستثمار في صناديق المؤشرات أو صناديق الاستثمار المتداولة، التي تتبع أداء السوق مثل صندوق "SPDR S&P 500 ETF".
كما توجد صناديق استثمارية تركز على قطاعات مستقبلية واعدة مثل صناديق الاستثمار المتداولة في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات.
اقرأ المزيد عن: الفرق بين صناديق المؤشرات وصناديق الاستثمار المشتركة وصناديق الاستثمار المتداولة
ما هي قاعدة "100 ناقص العمر" في الاستثمار؟
كما رأينا أعلاه، يحقق الاستثمار في الأسهم عوائد أعلى من الادخار، لكن ما هو المبلغ الذي ينبغي استثماره من مدخراتك في الأسهم تحديدًا؟
من المهم تحقيق توازن بين العائد المحتمل والمخاطر؛ فبالرغم من أن الأسهم تحقق أداءً قويًا على المدى الطويل، كما هو موضح أعلاه، إلا أنها قد تتعرض لتقلبات حادة قصيرة الأجل، كما حدث مؤخرًا بسبب تأثير السياسات الجمركية على الأسواق.
لذلك، يعتمد الكثير من المستثمرين على قاعدة شهيرة تُعرف بـ"100 ناقص العمر"، لتحديد توزيع أصولهم، ببساطة، اطرح عمرك من 100، والناتج هو النسبة المئوية التي يُنصح بتخصيصها للاستثمار في الأسهم.
على سبيل المثال، إذا كان عمرك 40 عامًا، فيُنصح باستثمار 60% من محفظتك في الأسهم، وتخصيص الـ40% المتبقية لأصول أكثر أمانًا مثل السندات أو الصكوك.
وتعتمد هذه القاعدة على منطق بسيط: أن المستثمرين الأصغر سنًا لديهم قدرة على تحمل المخاطر لأن أمامهم وقت كافٍ لتعويض أي خسائر، في حين يحرض المستثمرون الأكبر سنًا على الحفاظ على رأس المال وتوفير دخل ثابت لفترة ما بعد التقاعد.
اقرأ المزيد عن: هل الاستثمار في الأسهم حلال أم حرام؟
ما هي فوائد استخدام التمويل الجماعي للاستثمار أو الادخار؟
في الوقت الحالي، بات بإمكان المستثمرون الصغار الوصول إلى فرص استثمارية واعدة كانت في الماضي حكرًا على المستثمرين الكبار أو أصحاب رأس المال المُغامر (الجريء).
ومن خلال منصات التمويل الجماعي، يمكنك الاستثمار بمبالغ صغيرة في شركات صغيرة ومتوسطة تعمل في مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية، وهذا يساعدك في تنويع استثماراتك.
وعلى عكس الأسهم، يوفر التمويل الجماعي بالدين عوائد متوقعة وثابتة، كما توفر العديد من منصات التمويل الجماعي، مثل فندينق سوق ميزة الاستثمار التلقائي.
هذا يعني أنه يمكنك إيداع مبلغ من المال شهريًا في حساب التمويل الجماعي الخاص بك، وتخصيصه تلقائيًا لاستثمارات مختلفة، بناءً على رغبتك في المخاطرة.
اقرأ المزيد عن: ما هي أنواع منصات التمويل الجماعي المختلفة في المملكة العربية السعودية؟
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.