العربية
إن اختيار الأسهم المناسبة للاستثمار أمر صعب للغاية، ولقد علمتنا الدراسة والتجربة تلو الأخرى أن السوق، على المدى الطويل، يحقق أداءً أفضل من غالبية المستثمرين الذين يختارون أسهم الشركات الفردية.
وأكد الاقتصادي بول سامويلسون الحائز على جائزة نوبل على هذه النقطة بقوة في عام 1974، عندما قال: "ربما يوجد بالفعل مديرون قادرون على تحقيق أداء أفضل من السوق باستمرار، والمنطق يشير إلى وجودهم، لكن هذا غير واضح بشكل ملحوظ".
وما تزال وجهة نظر سامويلسون حكمة جيدة ومناسبة للوقت الحالي؛ فالشركات الفردية ترتفع وتنخفض ـعلى نحو لا يمكن التنبؤ به غالبًاـ ولكن الأسواق ترتفع بشكل مضطرد، على الأقل على مدى فترات زمنية طويلة، لهذا السبب، من الأفضل غالبًا الاستثمار في أحد صناديق المؤشرات أو صناديق الاستثمار المتداولة، أو صناديق الاستثمار المشتركة، وجمعها تستثمر في مجموعة كبيرة من الأصول المتنوعة.
ولكن ما هو الخيار المناسب؟ فيما يلي نوضح الخصائص الرئيسية لصناديق المؤشرات، وصناديق الاستثمار المشتركة، وصناديق الاستثمار المتداولة، للمساعدة في اختيار أفضل الخيارات الاستثمارية.
إذا كانت الأموال الذكية -تحديد تدفقات الأموال في السوق المالية واتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة بناءً على هذه التدفقات- موجودة في السوق بشكل عام، فكيف يمكنك شراؤها؟ أسهل طريقة هي صندوق المؤشر، وذلك لأنه يهدف إلى تتبع أداء مؤشر سوق أسهم معين.
وهناك عدة أمثلة على ذلك، مثل الصناديق التي تعكس أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 (S&P 500)، الذي يتتبع أكبر 500 شركة أمريكية مدرجة، وبلغ متوسط العائد السنوي لهذا المؤشر حوالي 12% خلال السنوات الـ10 المنتهية في ديسمبر 2023، وهذا عائد ليس سيئًا.
هناك الكثير من صناديق المؤشرات الأخرى؛ فمثلًا يمكن متابعة شركات التكنولوجيا الأمريكية من خلال مؤشر ناسداك المركب (Nasdaq Composite)، أو الأسهم القيادية في بورصة لندن من خلال مؤشر فوتسي 100 (FTSE 100).
ليس هذا فحسب، بل يمكنك الاستثمار في صناديق المؤشرات في بورصة طوكيو من خلال متابعة مؤشر نيكي 225 (Nikkei 225)، وهناك عدة مؤشرات أخرى تتبع القطاعات.
وفي جميع الأحوال، أنت تضع أموالك في سلة كبيرة وواسعة من الأسهم، فعلى سبيل المثال، يتتبع مؤشر ناسداك المركب أكثر من 2500 شركة.
وإذا كنت تبحث في صناديق متعددة تتبع المؤشر نفسه، فقد ترغب في معرفة أي صندوق يتتبع أداء المؤشر بشكل وثيق.
هناك العديد من المزايا لصناديق المؤشرات منها؛ أنها تحتوي على عدد كبير الأسهم ما يوفر تنويعًا فوريًا وتقلبات أقل، وعادة ما يكون أداء هذه الصناديق أكثر قابلية للتنبؤ به، خاصة عند الاستثمار في المؤشرات الكبيرة الكلاسيكية مثل تلك المذكورة أعلاه.
ومن المزايا -أيضًا- أنه عادةً ما تكون رسوم إدارتها منخفضة، لأنها لا يتم إدارتها بشكل نشط، كون انخفاض نسبة النفقات -المبلغ الذي تدفعه لامتلاك الصندوق- يعني أنها يمكن أن تتفوق في الأداء على الصناديق التي تحمل رسوم أعلى للإدارة النشطة، حتى لو كان أداء الأسهم الأساسية أسوأ قليلًا.
أما عن السلبيات، فإن صناديق المؤشرات، تتبع أداء مؤشر السوق، ومن ثم فإنها لن تحقق أداءً أفضل منه أبدًا، وهذا يعني أيضًا أنه من المحتمل أن يكون أداء هذا الصندوق سيئًا في السوق الهابطة، ما قد يدعو المستثمر إلى استكشاف خيارات أخرى، خاصة إذا كان الأفق الزمني للاستثمار قصير.
صندوق الاستثمار المشترك هو ببساطة مجموعة من أموال المستثمرين في محفظة واحدة، وعادة ما تتم إدارتها من قبل متخصصين في الاستثمار.
وفي بعض الحالات، يمكن أيضًا إدارة الصناديق المشتركة بشكل سلبي -بعضها مجرد صناديق تتبع المؤشرات-، ولكن الأكثر شيوعًا هو صندوق الاستثمار المشترك الذي يتم إدارته بشكل نشط.
وهنا سيختار مدير المحفظة مجموعة من الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى أثناء مراقبة الأداء وإجراء التعديلات.
يمكن لصناديق الاستثمار المشتركة تقديم إستراتيجيات استثمارية مُخصصة بشكل أكبر تتناسب مع احتياجاتك المحددة، فإذا أردت تحقيق نمو باستثماراتك على المدى الطويل، ولكن لديك أيضًا بعض القدرة على تحمل المخاطر، ستكون هذه الصناديق مناسبة لك.
ويمكن لمدير المحفظة الاستثمار في مزيج من الشركات المُجربة والموثوقة مع اختيار مجموعة من الشركات الأقل شهرة والناشئة، أو يمكن تركيز الاستثمارات حول أهداف محددة، مثل توزيعات أرباح الأسهم.
ويمكن لصناديق الاستثمار المشتركة التغلب على الصناديق السلبية في السوق الهابطة، كما حدث في عام 2022، وذلك لأنها تعمل جاهدة على تحقيق أداء أفضل من السوق، ولديها المرونة للتكيف مع ما يحدث، على عكس صناديق المؤشرات السلبية.
أما عن السلبيات، تميل صناديق الاستثمار المشتركة إلى فرض رسوم أعلى، كونها تُدار بشكل نشط، لكن هذا الأمر آخذ في التغير، حيث تم خفض رسوم إدارة الصناديق بأكثر من النصف بين عامي 2002 و2022، ويرجع هذا إلى حد كبير استجابة لتزايد الصناديق منخفضة التكلفة مثل صناديق الاستثمار المتداولة (المزيد أدناه).
وشهدت الصناديق المشتركة تدفقات خارجة بقيمة 512 مليار دولار في عام 2023، مقابل 592 مليار دولار من التدفقات الداخلة إلى صناديق الاستثمار المتداولة.
مثل صناديق الاستثمار المشتركة، فإن الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) عبارة عن مجموعة من الأموال المستثمرة في سلة واسعة من الأوراق المالية.
ومعظم صناديق الاستثمار المتداولة هي أيضًا نوع من صناديق المؤشرات ويمكنك شراء صندوق استثمار متداول يتتبع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أو ناسداك، كما يمكنك الاستثمار في صناديق متخصصة، مثل صناديق الاستثمار المتداولة التي تتعقب شركات القهوة أو ألعاب الفيديو.
اقرأ المزيد عن: دليل الاستثمار الحلال في صناديق الاستثمار المتداولة
وهناك بعض الاختلافات الرئيسية بين صناديق الاستثمار المتداولة وصناديق الاستثمار المشتركة.
الاختلاف الأول هو كيفية التداول؛ لا يمكن لمستثمري صناديق الاستثمار المشتركة الشراء والبيع إلا مرة واحدة يوميًا، بعد إغلاق السوق وبما يسمى صافي قيمة الأصول.
في المقابل، يمكن شراء وبيع صناديق الاستثمار المتداولة أثناء التداول اليومي، كما لو كانت أسهمًا، وهذا يجعلها مفيدة للغاية إذا كنت تتطلع إلى التفاعل مع السوق بسرعة، فضلًا عن السيولة العالية.
والاختلاف الثاني أنه على عكس صناديق الاستثمار المشتركة، تتم إدارة معظم صناديق الاستثمار المتداولة بشكل سلبي -كونها تتبع في الغالب المؤشرات-، ما يجعل رسوم إدارتها أقل من رسوم الصناديق المشتركة، وهو الأمر الذي ساعدها في زيادة شعبيتها.
وينمو عدد صناديق الاستثمار المتداولة منذ سنوات وبوتيرة أسرع بكثير من صناديق الاستثمار المشتركة، والدليل على ذلك، إطلاق 530 صندوق استثمار متداول جديد عام 2023، مقابل طرح 169 صندوقًا مشتركًا جديدًا فقط.
الاختلاف الثالث والمتعلق أكثر بصغار المستثمرين، إذ غالبًا ما تكون صناديق الاستثمار المتداولة خيارًا أفضل. وذلك لأنهم يمكنهم الشراء بتكلفة سهم واحد.
في المقابل، تميل الصناديق المشتركة إلى الحد الأدنى من الاستثمارات الأولية التي يمكن أن تتراوح من بضع مئات من الدولارات إلى بضعة آلاف من الدولارات.
