ما هي البدائل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لربا السلع في التمويل التقليدي؟
كما ناقشنا في مقال سابق، فإن ربا السلع ه الربح غير العادل أو المفرط الذي قد ينشأ عن تجارة أو تبادل سلعة بأخرى مثلها أو سلعة من نفس النوع لكن بكميات غير متساوية أو بموعد تسليم مؤجل.
وهذا يفرض قيودًا شديدة على أنواع المعاملات التي يمكن إجراؤها على السلع الربوية الستة التي تنطبق عليها هذه القيود.
ويظهر ربا السلع في عدد من المعاملات المالية التقليدية، ينبغي معرفتها من أجل تجنبها، ولحسن الحظ، هناك بدائل متوافقة مع الشريعة الإسلامية يمكن أن تؤدي نفس الأغراض دون الوقوع في المحظور الشرعي.
وبما أن المعاملات غير المتوافقة مع الشريعة في هذا المجال كثيرة، سنناقش في هذا المقال أكثرها شيوعًا..
اقرأ المزيد عن: ما هو ربا السلع.. وما هي السلع البوية؟
۱- العقود المستقبلية
العقود المستقبلية من أكثر الأدوات المالية تداولًا في الأسواق التقليدية، لكنها تُعتبر في صورتها الأساسية من أشكال ربا السلع.
فالعقود المستقبلية هي اتفاقيات يتم فيها تثبيت سعر سلعة معينة في الوقت الحاضر وتسليمها في تاريخ مستقبلي، ما يجعلها تقع تحت نطاق ربا النسيئة، خاصة إذا كانت السلعة المتفق عليها من السلع الربوية الستة.
إضافة إلى ذلك، فإن العقود المستقبلية تُتداول في السوق المفتوحة، وغالبًا لا يمتلك أحد الطرفين -البائع أو المشتري- السلعة الأساسية وقت العقد، وهو ما يجعلها مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية التي تشترط تملك السلعة قبل بيعها.
كما أن هذه العقود تُستخدم في الغالب لتمويل وتعظيم أرباح من فروقات الأسعار، دون ارتباط حقيقي بالقيمة الفعلية للسلعة، مما يجعلها أكثر عرضة لمخاطر الغرر والمضاربة، وهو أمر محرم شرعًا.
بدائل العقود المستقبلية
عقود السلم: يُعد عقد السلم أحد البدائل الإسلامية للعقود المستقبلية، ويقوم على اتفاق بين طرفين يدفع فيه المشتري الثمن كاملًا مقدمًا، مقابل استلام سلعة موصوفة في الذمة تُسلَّم في وقت محدد لاحقًا، ما يعني أن العقد يحدد شروط ومواصفات معينة، وهذا يُجنب الغرر والمخاطرة.
اقرأ المزيد عن : عقود السلم مقابل العقود المستقبلية
۲- البيع على المكشوف للسلع
البيع على المكشوف هو اقتراض سلعة أو أصل مالي وبيعها بسعر السوق الحالي، ثم شرائها لاحقًا عندما ينخفض السعر، ويُعيدها إلى المالك الأصلي على أن يحقق ربحًا من فرق السعر.
لكن هذه الطريقة تتعارض مع الشريعة الإسلامية، لأنه في التمويل التقليدي، يتم اقتراض تلك السلعة بفائدة، وهذا من الربا، فضلًا عن ذلك قد يقوم التاجر بتبادل السلعة بكمية غير متساوية، وهذه حالة واضحة من ربا الفضل.
بالإضافة إلى ذلك، يشمل البيع على المكشوف بيع ما لا يملكه البائع، وهو محظور شرعًا، كما أنه يعتمد على المضاربة والمخاطرة المفرطة (الغرر)، وهو ما تُحرمه الشريعة الإسلامية بشكل صريح.
بدائل البيع على المكشوف
العربون: يُعد التعاقد بالعربون -المعروف أيضًا بعقد الدفعة المقدمة أو مُقدم الجدية- من البدائل الإسلامية التي يمكن أن تُستخدم كبديل للبيع على المكشوف، حيث يمكن للبائع على المكشوف امتلاك السلعة فعليًا، ما يُغني عن الاقتراض أو الفوائد ومن ثم الوقوع في الربا.
وهناك شرطًا أساسيًا آخر يجب مراعاته، وهو أن يتم تبادل السلع أو الأصول بكميات متساوية، ومع ذلك، فإن هذا النوع من المعاملات لا يحقق نفس الغاية التي يسعى إليها البيع على المكشوف -أي الربح من انخفاض الأسعار- ما يُفقد العملية جدواها الأساسية.
۳- معاملات إعادة شراء السلع (الريبو)
تُعرف معاملات الإقراض المضمونة بالسلع (أو معاملات إعادة الشراء) بأنها عمليات يبيع فيها المتداول سلعة إلى البنك مع اتفاق على إعادة شرائها في تاريخ لاحق وبسعر أعلى.
وهذه المعاملة مخالفة صريحة لمبادئ الشريعة الإسلامية، وخصوصًا فيما يتعلق بالربا، وذلك لأسباب عدة:
أولًا، الفرق في السعر بين البيع والشراء يمثل في حقيقته فائدة ربوية على قرض ممنوح من البنك.
ثانيًا، الاتفاق المسبق على إعادة شراء السلعة بسعر أعلى يُعد مثالًا واضحًا على ربا النسيئة.
ثالثًا، السلعة في هذا النوع من المعاملات لا تكون محلًا للتبادل الفعلي، بل تستخدم كضمان فقط.
بدائل شرعية لمعاملات الريبو
التورق (أو مرابحة السلع)
في هذه المعاملة، يقوم المُمول (البنك أو المؤسسة المالية) بشراء سلعة معينة، ثم يبيعها أو يؤجرها للعميل (المقترض) بهامش ربح معلوم، وبعد ذلك، يبيع العميل السلعة في السوق لطرف ثالث بهدف الحصول على السيولة النقدية.
اقرأ المزيد عن: التورق في التمويل الإسلامي: أنواعه وأحكامه الشرعية
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.
