العربية
تكتسب عقود المضاربة شعبية متزايدة، ويتجلى ذلك بسهولة عند النظر في تفاصيلها، فرغم أن المضاربة لديها مزايا وعيوب لجميع الأطراف المعنية، فإنها تبدو واحدة من العقود التي تفضل أو تكون في صالح متلقي التمويل (المضارب) أكثر من الممول (صاحب رأس المال أو رب المال)، حيث يتحمل الأخير الجزء الأكبر من المخاطر.
وفي هذه المدونة، نحلل الإيجابيات والسلبيات لكل من المتلقي والممول ونرى من هو الرابح الحقيقي في عقود المضاربة.
تنبيه: يمكن هيكلة عقود المضاربة بطرق متنوعة لتقليل المخاطر على الأطراف المعنية، لكن ستناول الأمر في هذا التحليل من منظور عام.
الميزة الأساسية للمضارب هى عدم تحمُّل أي مسؤولية مالية في حالة فشل المشروع، باستثناء حالات سوء الإدارة أو الإهمال، كما أن المضارب غير ملزم بتقديم أي تمويل للشركة أو المشروع، ومن ثم فإن المخاطر المالية للمشروع تقع كلها على عاتق صاحب رأس المال.
يحصل المضارب على حصة من الأرباح الناتجة عن نجاح المشروع أو الشركة، دون المخاطرة بأي من رأس ماله الخاص.
تسمح المضاربة للمضارب الحصول على رأس المال لبدء أو توسيع مشروع تجاري دون تقديم ضمانات أو تحمل فوائد، وهذه المزايا تجعل عقود المضاربة جذابة لرواد الأعمال ومؤسسي الشركات الناشئة.
بما أن دور المضارب في عقود المضاربة هو إدارة الشركة أو المشروع، فإن هذا يمنحه الاستقلالية والسيطرة النسبية، ورغم أن هذا قد يكون محدودًا في نوع عقود المضاربة المقيدة، ولكن حتى في هذه الحالة، يحصل المضارب على بعض الاستقلالية في إدارة الأعمال اليومية.
أما في المضاربة غير المقيدة (المضاربة المطلقة)، لا يفرض رب المال أي قيود على المضارب (بخلاف كون الاستثمار متوافقًا مع الشريعة الإسلامية)، ما يمنحه حرية استثمار الأموال كما يراه مناسبًا.
رغم أن المضارب لا يتحمل أي مخاطر مالية، فإن يلتزم بالوقت والجهد في إدارة العمل، وهو الأمر الذي قد يذهب سُدى إذا لم يحقق المشروع ربحًا.
رغم أن المضارب يقوم بمعظم العمل، فإن الممول (رب المال) يحصل في معظم الحالات على الجزء الأكبر من المكاسب المالية.
يحصل المضارب فقط على مقابل مالي بناءً على الأرباح التي تحققها الشركة أو المشروع، ولا يتقاضى راتبًا ثابتًا، وهذا يعني أن جميع المكاسب المالية التي قد يحصل عليها المضارب -جراء عقود المضاربة- تنتظر حتى يبدأ المشروع في تحقيق الأرباح.
اقرأ المزيد حول:إستراتيجيات الممولين للتخفيف من سلبيات عقود المضاربة
إحدى المزايا الرئيسية لعقد المضاربة بالنسبة إلى الممول هي أنه يضمن توجيه الاستثمار نحو الأعمال الأخلاقية والمتوافقة مع الشريعة.
يحصل المستثمر في عقد المضاربة على غالبية الأرباح المالية في حالة نجاح المشروع وذلك تعويضًا عن تحمُّله المخاطر المالية بأكملها.
يتمثل الدور الرئيس لصاحب رأس المال في توفير الاستثمار فقط وترك إدارة المشروع للمضارب، وهذا بالطبع يوفر للمستثمر القدرة على تحقيق الأرباح بأقل جهد.
باعتباره مستثمرًا سلبيًا، يستطيع المستثمر تخصيص استثماراته في مجموعة متنوعة من الأعمال التجارية المختلفة، ما يساعد على تقليل مخاطر الخسائر المالية وزيادة فرص نجاح الاستثمارات.
اعرف المزيد عن: كيف يمكن للمستثمرين الاستفادة من التنويع
يتحمل الممول جميع المخاطر المالية إذا فشل المشروع، باستثناء حالات سوء التصرف والإدارة أو الإهمال من قبل المضارب، ويمكن أن تكون هذه الخسائر كبيرة حسب حجم المشروع أو الشركة.
لا يحصل صاحب رأس المال على عوائد ثابتة، بل يمكنه استرداد استثماره فقط إذا حقق المشروع أو الشركة أرباحًا، وهو ما قد يستغرق وقتًا طويلًا أو لا يحدث مطلقًا حال فشل المشروع، وهذه ميزة سلبية رئيسية للمضاربة مقارنة بالتمويل غير الإسلامي مثل القروض ذات الفائدة
يتعين على صاحب رأس المال الاعتماد بشكل كامل على المضارب في إدارة العمل يوميًا، مع قدرة محدودة -إن وجدت- على التدخل، ورغم أنه في حالة المضاربة المقيدة، قد يكون هناك بعض التدخل من جانب الممول، إلا أن القرارات الإدارية تبقى في يد المضارب.
قد لا يكون المضارب متحمس لبذل المزيد من الجهد لنجاح المشروع، كونه لا يتحمل أي مسؤولية مالية في حالة فشله.
واحدة من أكثر الشكاوى شيوعًا في عقود المضاربة هي عدم وضوح الأمور بين رب المال والمضارب، وقد يؤدي انعدام الشفافية والمساءلة من جانب المضارب إلى حدوث خلافات ونزاعات قانونية، بل وقد يتسبب في فشل المشروع بأكمله.
خلاصة القول
كما رأينا أعلاه؛ فإن سلبيات عقود المضاربة تميل أكثر نحو صاحب رأس المال عن المضارب، ففي حين أن كلاهما سيستفيد من نجاح العمل التجاري أو المشروع المشترك بينهما -مع مكاسب أكثر لصاحب رأس المال-،
فإنه رب المال الأكثر تضررًا في حالة الفشل، ومع سيطرة المضارب على إدارة المشروع، فإن صاحب رأس المال سيكون لديه قدرة محدودة على انتشال المشروع من الفشل.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر
