ما هي المستندات المطلوبة لتأسيس شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات؟

يشهد قطاع الابتكار في الإمارات تطورًا متسارعًا، ما يجعل تأسيس شركة في مجال الذكاء الاصطناعي خطوة واعدة تفتح أبوابًا واسعة من الفرص، خاصة مع الاستثمارات الضخمة التي تقوم بها الدولة في هذا القطاع، وسعيها للريادة العالمية.

وقد أسهمت مبادرات مثل رخصة الذكاء الاصطناعي والبرمجة في تحفيز الاستثمارات، واستقطاب الشركات المتخصصة في الذكاء الاصطناعي والمبرمجين من جميع أنحاء العالم، لتصبح الإمارات وجهة مفضلة لكل من يبحث عن بيئة تُقدر الابتكار وتدعمه.

ومع ذلك، يقف خلف هذا الزخم والحماس تحديات يغفل عنها الكثيرون حتى يفوت الأوان: فإطلاق شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات لا يعتمد فقط على فكرة قوية أو تمويل جيد، بل يتطلب فهمًا دقيقًا للإجراءات القانونية لتأسيس شركة، ولأن هذا الوعي يغيب عن البعض، قد تتعثر أفضل المشروعات قبل أن تبدأ.

فعلى سبيل المثال، أحمد، مؤسس شركة في مجال التكنولوجيا المالية، اختار إطلاق شركته في منطقة حرة لتقليل التكاليف، وسارت أموره بسلاسة إلى أن اكتشف لاحقًا أنه لا يستطيع العمل مع البنوك دون الحصول على ترخيص من مركز دبي المالي العالمي، وهو ما لم يكن على دراية به عند التأسيس.

هذا الخلل البسيط في المستندات اضطره لإعادة التسجيل وإجراء خطوات قانونية إضافية وتحمل تكاليف أعلى وهي تجربة يمر بها الكثير من رواد الأعمال بسبب إهمال الأوراق اللازمة منذ البداية.

في الإمارات، لا تُعد المستندات مجرد إجراء شكلي، بل هي الركيزة التي تبنى عليها شرعية شركتك، فكل موافقة وتوقيع وختم يحدد مدى سهولة تأسيس شركتها وتوسعها في السوق، وقد تبدو الخطوات معقدة للوهلة الأولى، لكن التوجيه الصحيح يجعلها بسيطة وواضحة.

اقرأ المزيد عن: ما هي استراتيجية 2031 الوطنية للذكاء الاصطناعي في الإمارات العربية المتحدة ؟

١- المستندات المطلوبة لتأسيس الشركة

يبدأ تأسيس شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات بتقديم مجموعة من المستندات الأساسية التي تحدد الشكل القانوني للشركة، وهيكل الملكية، والأساس المالي، سواءً اخترت التأسيس في البر الرئيسي، أو منطقة حرة، أو شركة خارجية (أوفشور)، يمكنك ضمان استكمال جميع الوثائق اللازمة، ما يجعل عملية التسجيل سريعة ويُجنبك التأخيرات المكلفة لاحقًا.

١٫١ الفرق في إجراءات التأسيس بين المنطقة الحرة والشركة الخارجية والبر الرئيسي

قبل البدء بإجراءات التأسيس، يجب تحديد مكان إنشاء الشركة، لأنه يؤثر بشكل مباشر على نوع المستندات المطلوبة وطريقة استكمال الإجراءات.

- التأسيس في البر الرئيسي: يتيح لك حرية ممارسة الأعمال التجارية في جميع أنحاء الإمارات، ودخول المناقصات الحكومية، وخدمة العملاء المحليين، وفي الغالب يتطلب التسجيل موافقة دائرة التنمية الاقتصادية في الإمارة المعنية.

- التأسيس في المناطق الحرة: يوفر ملكية أجنبية كاملة، وإجراءات موافقة أسرع، وغالبًا متطلبات رأس مال أقل.

- الشركات الخارجية: تُستخدم عادة لامتلاك الأصول أو ممارسة الأعمال خارج الإمارات، ولا يُسمح لها بمزاولة نشاط تجاري داخل السوق المحلي.

١٫٢ عقد التأسيس والنظام الأساسي للشركة

يمثل عقد التأسيس أو النظام الأساسي وثيقة تحدد الهيكل التشغيلي للشركة، وكيفية إدارتها، وكيفية توزيع أصولها وأرباحها ويجب أن تتضمن ما يلي: اسم الشركة، وأهدافها، وأسماء المساهمين ونسب ملكيتهم، وآليات اتخاذ القرار، وتوزيع الأرباح، وإجراءات فض النزاعات.

وفي مناطق البر الرئيسي يجب غالبًا توثيق عقد التأسيس أو النظام الأساسي، وقد يُطلب ترجمتها إلى اللغة العربية، أما المناطق الحرة فتقبل النسخ الإنجليزية وتوفر إجراءات توثيق أبسط.

١٫٣ اتفاقية المساهمين

تختلف اتفاقية المساهمين عن عقد التأسيس أو النظام الأساسي للشركة، فهي عقد خاص بين الشركاء يحدد قواعد داخلية لا تُدرج عادة في المستندات القانونية الرسمية، قد تشمل: آلية دخول مستثمرين جدد، وكيفية التعامل عند انسحاب أحد المساهمين، ويجب أن يكون الاتفاق مكتوبًا وموقعًا من جميع المساهمين، وألا يتعارض مع قوانين الإمارات.

ومثل هذه الاتفاقية ضرورية بشكل خاص عند وجود عدة شركاء محليين أو أجانب لضمان الشفافية ومنع النزاعات مستقبلاً.

١٫٤ إثبات رأس المال الأولي (كشوفات بنكية أو شهادات إيداع)

تطلب العديد من المناطق الحرة حدًا أدنى لرأس المال عند التأسيس، وفي بعض الحالات يجب تقديم إثبات على توفر رأس المال أو إيداعه. على سبيل المثال:

بالنسبة للعديد من شركات المناطق الحرة في مركز دبي للسلع المتعددة، يبلغ الحد الأدنى لرأس المال 50 ألف درهم إماراتي للشركة و10 آلاف درهم إماراتي لكل مساهم.

في المناطق الحرة، مثل مدينة خليفة الصناعية (كيزاد)، يبلغ الحد الأدنى لرأس المال المدفوع للشركات ذات المسؤولية المحدودة 150 ألف درهم إماراتي.

أما شركات البر الرئيسي، فلم يعد مقررًا عليها حد أدنى قانوني لرأس المال، لكن عقد التأسيس يجب أن يحدد قيمة رأس المال، كما أن البنوك قد تطلب إثباته عند فتح حساب الشركة.

وتشمل المستندات: كشف حساب بنكي حديث يوضح توافر الأموال، أو شهادة إيداع صادرة من بنك داخل الإمارات، ويجب أن تكون هذه المستندات رسمية وحديثة ومطابقة لمتطلبات الجهة المختصة.

١٫٥ خطة العمل مع وصف منتج/خدمة الذكاء الاصطناعي

تحظى خطة العمل الجيدة بأهمية كبيرة، خاصة عند التقديم على تراخيص خاصة بالتكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي في المناطق الحرة.

ويجب أن تشمل الخطة: وصف المنتج أو الخدمة القائمة على الذكاء الاصطناعي، وكيفية عمله، والفئة المستهدفة والعملاء، ونموذج الإيرادات، وحجم السوق المستهدف، والتكاليف التشغيلية، وخطة النمو والتوسع.

وتُستخدم خطة العمل لتقييم جدوى المشروع من الناحية الفنية والمالية، كما تُساعد في تقييم المخاطر والموافقة على الترخيص أو التصريح، ووفي العديد من المناطق الحرة، فهذه الخطة وثيقة رئيسية للحصول على الموافقة المبدئية.

٢- التراخيص والموافقات التنظيمية

بعد استكمال مستندات التأسيس، تأتي المرحلة التالية وهي الحصول على التراخيص والموافقات التنظيمية، وتحدد هذه تحدد نطاق نشاط شركتك، والأماكن المسموح لك بالعمل فيها، والحدود القانونية التي يجب الالتزام بها. وبدونها، لا يمكن لشركتك المتخصصة في الذكاء الاصطناعي مزاولة أي نشاط تجاري بشكل قانوني داخل الدولة.

٢٫١ نموذج طلب الرخصة التجارية

يتعين عليك ملء طلب رخصة تجارية وتقدمه إلى الجهة المختصة في منطقة تأسيس الشركة (دائرة التنمية الاقتصادية في البر الرئيسي أو هيئة المنطقة الحرة)

ويتضمن الطلب عادة: اسم الشركة، وطبيعة النشاط (مثل: تطوير حلول ذكاء اصطناعي، تحليل البيانات)، واسم المالك، وعنوان مقر العمل، ورأس المال المعلن للشركة.

وبعد ذلك تراجع الجهة المختصة الطلب للتأكد من أن النشاط المطلوب يندرج ضمن الأنشطة المسموح بها، وفي بعض الحالات، يتم إصدار موافقة مبدئية أو رخصة مؤقتة قبل منح الرخصة النهائية.

٢٫٢ أنواع تراخيص الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والابتكار

نظرًا للطبيعة المتخصصة لنشاط الذكاء الاصطناعي، قد لا يكون النشاط مشمولًا ضمن الرخص التجارية أو المهنية التقليدية، ولهذا، توفر بعض المناطق الحرة والمراكز التقنية تراخيص مخصصة للذكاء الاصطناعي والابتكار.

على سبيل المثال، يوفر مركز دبي المالي العالمي رخصة متخصصة للذكاء الاصطناعي بتكلفة تقارب 1500 دولار أمريكي سنويًا، مع مزايا إضافية.

وتتيح هذه التراخيص مزاولة أنشطة مثل: تطوير حلول الذكاء الاصطناعي، وتطوير البرمجيات، وتحليل البيانات، وإدارة الملكية الفكرية وغيرها،ولكن يجب عليك تحديد الأنشطة التجارية المناسبة التي يتوافق معها الترخيص.

٢٫٣ موافقة دائرة التنمية الاقتصادية أو هيئة المنطقة الحرة

في شركات البر الرئيسي، تخضع الرخصة التجارية لموافقة دائرة التنمية الاقتصادية أو الجهة الاقتصادية المحلية المختصة، والتي تتولى التحقق من نوع نشاطك التجاري، ومدى الالتزام بالقوانين المحلية، واكتمال المستندات والمتطلبات.

أما في المناطق الحرة، فتتولى هيئة المنطقة الحرة مراجعة الطلب وخطة العمل والمستندات وأي متطلبات خاصة بالقطاع. وغالبًا ما تحظى الشركات التقنية بدعم إضافي وإجراءات أسرع داخل المناطق الحرة.

٢٫٤ موافقات وزارة الاقتصاد لقطاعات محددة

في بعض الأنشطة المتخصصة، قد يتطلب الأمر الحصول على موافقات إضافية من وزارة الاقتصاد الإماراتية أو جهات اتحادية أخرى، خاصة إذا كان نشاط الذكاء الاصطناعي مرتبطًا بقطاعات خاضعة للتنظيم مثل: الاتصالات، والأمن القومي، والتجارة الدولية.

وتتأكد الوزارة من توافق أهداف النشاط مع قوانين الإمارات قبل إصدار الموافقات النهائية.

٢٫٥ الموافقات التنظيمية الخاصة بكل قطاع

إذا كانت حلول الذكاء الاصطناعي التي تقدمها شركتك تعمل ضمن قطاع خاضع للتنظيم، فستحتاج إلى موافقات إضافية من الجهة التنظيمية المختصة، مثل:

- الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية: يجب الحصول على موافقات من الجهات الصحية المختصة لضمان الامتثال لمعايير الخصوصية وحماية البيانات وسلامة المرضى، والتأكد من توافق الخوارزميات مع الأنظمة الطبية.

- التكنولوجيا المالية: قد يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي في المدفوعات أو الإقراض أو تقييم المخاطر الحصول على موافقة أو ترخيص من المصرف المركزي الإماراتي أو جهة تنظيمية مالية أخرى.

- الذكاء الاصطناعي في الخدمات اللوجستية: في حال استخدام الذكاء الاصطناعي للتحكم في أنظمة التوصيل الآلي أو الطائرات بدون طيار أو المركبات ذاتية القيادة، قد تكون هناك حاجة إلى موافقات من جهات النقل أو الطيران المدني أو السلطات اللوجستية.

أطلقت دولة الإمارات أطرًا تنظيمية حديثة مثل لوائح التمويل المفتوح لدى المصرف المركزي، إلى جانب بيئات الاختبار التنظيمية لتطبيقات التكنولوجيا المالية التي تسمح للشركات الجديدة بالعمل ضمن نطاق محدود وتحت إشراف الجهات المختصة.

يجب على البنك المركزي منح ترخيص خدمات الدفع بالتجزئة لمقدمي خدمات الدفع. وتُعد شركة "تاب للمدفوعات" إحدى الشركات التي حصلت مؤخرًا على هذا الترخيص.

اقرأ المزيد عن: هل يُسمح للأجانب امتلاك لشركة ذكاء اصطناعي بالكامل في الإمارات؟

٣- وثائق الامتثال التنظيمي

بعد إصدار الرخصة التجارية، تبدأ الشركة في إعداد وثائق امتثال تنظيمية تُثبت ممارسة أنشطتها بصورة قانونية ومسؤولة في تعاملها مع الأفراد والأنظمة والبيئة، وتكتسب هذه الوثائق أهمية خاصة لشركات الذكاء الاصطناعي،

نظرًا لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي على البيانات الشخصية، وقدرتها على اتخاذ قرارات مؤثرة، فضلًا عن إمكانية تأثيرها على أنظمة مادية.

٣٫١ وثائق الامتثال لقانون حماية البيانات الشخصية في الإمارات

وفقًا لأحكام قانون حماية البيانات الشخصية (المرسوم بقانون اتحادي رقم 45 لسنة 2021)، تلتزم الجهات التي تقوم بمعالجة البيانات الشخصية بإعداد وثائق تُوضح آليات جمع البيانات وتخزينها واستخدامها ومشاركتها، إضافة إلى التدابير المعتمدة لحماية خصوصية الأفراد.

وعادةً ما تشمل هذه الوثائق ما يلي:

- سياسة أو دليل معتمد يوضح الأدوار والمسؤوليات المتعلقة بإدارة البيانات، وآليات التعامل معها.

- سجل يوثق أنواع البيانات التي تُعالج، ومصادرها، وأغراض معالجتها.

- إجراء تقييم أثر حماية البيانات عند تنفيذ أنشطة عالية المخاطر، مثل إعداد الملفات الشخصية أو تحليلات الذكاء الاصطناعي.

- نماذج موافقة معتمدة تضمن الحصول على موافقة صريحة من الأفراد على استخدام بياناتهم.

- اتفاقيات وضمانات قانونية مناسبة في حال نقل البيانات الشخصية إلى خارج دولة الإمارات.

وتُعد هذه الوثائق دليلًا للجهات التنظيمية على التزام الشركة بلوائح حماية الخصوصية وعدم إساءة استخدام البيانات.

٣٫٢ شهادة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي والخوارزميات (إن وُجدت)

على الرغم من عدم إلزامية الحصول على شهادة رسمية للذكاء الاصطناعي في دولة الإمارات، إلا أن الدولة تعتمد إطارًا أخلاقيًا واضحًا يتمثل في ميثاق الإمارات للذكاء الاصطناعي، والذي يتضمن 12 مبدأً أساسيًا، تتعلق بالعدالة، والمسؤولية، والشفافية، والإشراف البشري، وحماية البيانات.

وقد يُطلب من الشركة إعداد وثائق تثبت كيفية تصميم وتشغيل خوارزميات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك:

- الآليات المعتمدة لرصد التحيز أو التمييز.

- أسس تفسير القرارات الجوهرية التي تتخذها أنظمة الذكاء الاصطناعي.

- إجراءات اكتشاف الأخطاء التقنية أو المنهجية وتصحيحها.

ويعكس هذا المستوى من الإفصاح التزام الشركة بالمعايير الأخلاقية، وهو ما يحظى باهتمام متزايد من الجهات التنظيمية والعملاء والمستثمرين.

٣٫٣ وثائق الأمن السيبراني واعتماد البنية التحتية لتقنية المعلومات

نظرًا لاعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعي على البيانات والشبكات، لذا يجب أن تكون آمنة. ستحتاج إلى ما يلي:

- سياسة أمن سيبراني معتمدة تُوضح إجراءات حماية الأنظمة والبيانات والشبكات.

- مخطط معتمد للبنية التحتية لتقنية المعلومات، يشمل الخوادم، وخدمات الحوسبة السحابية، وضوابط الوصول، وتقنيات التشفير.

- وثائق تُثبت الالتزام بلوائح الأمن السيبراني وأمن المعلومات المعمول بها في الإمارات، لا سيما تلك المتعلقة بالقطاع المالي أو الصحي.

وتهدف هذه الوثائق إلى طمأنة الجهات المختصة بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي آمنة وغير معرضة للاختراق أو سوء الاستخدام.

٣٫٤ الموافقات البيئية أو التنظيمية الخاصة بالقطاعات

قد تخضع بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمتطلبات تنظيمية إضافية مرتبطة بطبيعة القطاع، مما يستلزم الحصول على وثائق وموافقات خاصة، ومن ذلك على سبيل المثال:

- وثائق وتصاريح بيئية في حال ارتباط أنشطة الذكاء الاصطناعي بقطاعات الطاقة أو المناخ.

- في مجال الذكاء الاصطناعي الصحي، وثائق تتعلق بسلامة المرضى، ولوائح الأجهزة الطبية، وموافقات الجهات الصحية المختصة على استخدام البيانات.

- بالنسبة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في النقل والخدمات اللوجستية، مثل الطائرات بدون طيار أو أنظمة التنقل الذكي، وثائق وموافقات صادرة عن الجهات المختصة بالنقل أو الطيران.