المدين المماطل في التمويل الإسلامي: دليل شرعي

Blog Author
فريق تحرير فندينق سوق
الكتابة التقنية
أغسطس 28, 2025
يضم فريق تحرير فندينق سوق محترفين ذوي خبرة في مجالي التمويل والاستثمار، حريصين على دعم و نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، خلق فرص عمل، ودفع عجلة الاقتصاد للأمام. يهدفون إلى مشاركة خبراتهم الواسعة ومعرفتهم الصناعية لتمكين رواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء.
أغسطس 28, 2025
جدول المحتويات

مقدمة في فهم الدين في الإسلام

لا شك أن الإسلام دين رحمة ولطف وتعاون مع البشرية كافة، ومن تعاليمه الأساسية أن يكون الإنسان نافعًا لغيره، كما ورد في الحديث الشريف: "خَيْرُ النَّاسِ مَنْ يَنْفَعُ النَّاسَ"

أي أن خير الناس وأحبهم إلى الله هو من يقدم النفع والعون للآخرين، لذلك يؤكد الإسلام على مبدأ التعاون المتبادل، ومن أبرز صور هذا التعاون الإقراض، إذ قد يحتاج كل فرد في مرحلة من حياته إلى مساعدة مالية.

ولهذا يُشجع الإسلام بشدة على الإقراض، وجعل للمُقرِض أجرًا عظيمًا، مع وضع ضوابط وشروط دقيقة لهذه المعاملات لضمان العدالة.

وهناك آيات عديدة في القرآن الكريم تُشير إلى القرض الحسن، حيث وعد الله (سبحانه وتعالى) المُقرض بأجر عظيم في الدنيا والآخرة، ومن ذلك قوله تعالى: "مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللَّہَ قَرْضًا حَسَنًا فَیُضَاعِفَہُ لَہُ أَضْعَافًا کَثِیرَةً وَاللَّہُ یَقْبِضُ وَیَبْسُطُ وَإِلَیْہِ تُرْجَعُونَ". (البقرة: الآية 245)

وفي آية أخرى:"إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ". (التغابن: الآية 17).

اقرأ المزيد حول: الاسئلة الشائعة عن القرض الحسن في التمويل الإسلامي

من هو المدين المماطل؟

عرّفت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) المدين المماطل بأنه: "المدين الميسور الحال، الذي يمتنع عن سداد الدين المستحق عليه من غير عذر مشروع، بعد أن طُلب منه السداد بالطرق المعتادة".

الفرق بين العاجز عن السداد "المُعْسِر" وغير الراغب في السداد "المُماطِل"

- المُعْسِر: شخص يرغب بصدق في سداد الدين، ولكنه بسبب غير قادر على ذلك بسبب ضائقة مالية، وقد أكدت التعاليم الإسلامية على الرحمة تجاه هؤلاء، وأمرت بمنحهم مهلة إضافية حتى تتيسر أمورهم ويتمكنوا من السداد.

كما قال تعالى في القرآن الكريم:

"وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ ۚ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".(سورة البقرة: 280).

 

- المماطل: هو الشخص القادر على السداد لكن غير راغب فيه، ولا يعاني من ضائقة مالية، بل هو ميسور الحال لكنه يتعمد رفض سداد الدين المستحق من غير عذر شرعي، وقد وردت في هذا الشأن عدة أحاديث عديدة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ".

وقال أيضًا: "لَيُّ الْوَاجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ"، أي: تأخير السداد من قِبل المدين الميسور يُعطي الحق في ذمه علنًا ومعاقبته.

كما أقرَّ النبي صلي الله عليهم وسلم، قول سلمان الفارسي لأبي الدرداء رضي الله عنهما: "أَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ.

ما حكم الشريعة الإسلامية في المدين المماطل؟

من المنظور الشرعي، يُحرم تأخير سداد الدين من غير عذر مشروع، وكما جاء في معايير الهيئة الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي): "يُحرم تقصير المدين القادر على الوفاء بالدين".

هل يعد التأخير في السداد إثمًا؟

نعم، هو إثم شرعي؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ".

ماذا يفعل الدائن إذا كان المدين مماطلًا؟

بحسب معايير "آيوفي" المتعلقة بحقوق الدائن عند مماطلة المدين: يحق للدائن أن يطلب بيع أي أصل مرهون مقابل الدين لتسوية المبلغ المستحق.

كما يحق له أن يشترط منذ البداية أن يمنح المدين تفويضًا يجيز للدائن بيع الأصل المرهون مباشرة من غير اللجوء إلى القضاء.

هل يجوز فرض غرامة أو رسوم تأخير؟

لا يجوز شرعًا أن يفرض الدائن على المدين المماطل غرامة مالية أو رسوم تأخير، سواء تم الاتفاق على ذلك عند بداية العقد أو عند حلول أجله؛ لأن ذلك يدخل في الرّبا، وكل شرط من هذا النوع يعد باطلًا، وذلك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطِهم إلا شرطًا حرَّم حلالًا أو أحلَّ حرامًا".

هل يحق للدائن التحذير من المماطل علنًا؟

يملك الدائن الحق في تحذير الآخرين من المدين المماطل، وذلك بإدراج اسمه في قائمة العملاء غير المرغوب في التعامل معهم (القائمة السوداء)، وإرسال تنبيه لبقية الدائنين إما عند الاستعلام من قبلهم، أو من خلال تبادل هذه القوائم فيما بينهم مباشرة.

هل يجوز فرض غرامات التأخير في السداد في التمويل الإسلامي؟

وفقًا لقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي، "لا يجوز شرعًا اشتراط التعويض في حال التأخر عن سداد الدين".

 قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم (51)؛ و"مجلة مجمع الفقه الإسلامي"، العدد 6 [1: 193]؛ والعدد 6 [2: 9].

مفاهيم خاطئة شائعة

١- "تأخير سداد الدين ليس إثمًا".

من منظور الشريعة الإسلامية، يُعد تأخير سداد الدين المستحق دون سبب مقبول إثمًا، إذ وُصف بالظلم في الحديث: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ".

٢- "الشريعة تحرم أي إجراء ضد المدين".

أعطت الشريعة الإسلامية الدائن حق اتخاذ إجراء ضد المدين المماطل.

٣- "جميع غرام التأخير عن السداد حرام".

تندرج رسوم التأخير تحت الغرامة المالية، وهي غير جائزة عند جمهور العلماء، ولمزيد من التفاصيل، يُرجى مراجعة الفتوى: حكم فرض غرامة مالية على من يتأخر عن الاجتماعات.

الحلول وأفضل الممارسات

١- التوثيق: ينبغي توثيق مبلغ القرض مع المدة المتفق عليها للسداد، كما ورد في القرآن الكريم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ". (سورة البقرة، الآية 282).

٢-تقديم خطة سداد: يفضل تقسيم المبلغ الإجمالي إلى أقساط مناسبة لتيسير عملية السداد على المدين، وتقليل احتمالية التعثر.

٣-الوساطة أو التحكيم: إذا نشأ خلاف بين المدين والدائن، يمكن حله من خلال الاستعانة بوسيط أو محكم، بحيث يعمل على ضمان حصول كل طرف على حقوقه وفقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية.

ولمزيد من التفاصيل يمكن الرجوع إلى المعيار الشرعي رقم (32) لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي): "التحكيم".

الأسئلة الشائعة

١- هل يمكنني رفض إقراض شخص سبق أن ماطل في السداد سابقًا؟

نعم، يجوز رفض إقراض من سبق أن تأخر في السداد، وذلك لأن عقد القرض في الشريعة الإسلامية عقد اختياري، ولا يُلزم الإنسان بالإقراض، خصوصًا إذا كان المقترض لديه سوابق في تأخير السداد.

٢- كيف تتعامل المصارف الإسلامية مع حالات التأخر عن السداد؟

تفرض المصارف الإسلامية التزام بالتبرع على المدين المماطل، وذلك كما ورد في معايير هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي):

"يجوز اشتراط أن يقوم المدين، في حالة التعثر، بالتبرع بمبلغ من المال (إضافة إلى أصل الدين) يُنفقه الدائن (المؤسسة) في أوجه الخير، يُعد من قبيل الالتزام بالتبرع، وهو مبدأ مقرر في الفقه المالكي، وهذا هو رأي أبي عبد الله ابن نافع، ومحمد بن إبراهيم ابن دينار، وهما من فقهاء المالكية".

 ٣-هل توجد عقود متوافقة مع الشريعة لمنع المماطلة أو التأخر عن السداد؟

نعم، توجد عدة عقود متوافقة مع الشريعة الإسلامية يمكن استخدامها للحد من المماطلة والتأخر عن السداد، مثل الرهن والكفالة والتحكيم.

 

 

إخلاء المسؤولية

هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.

fsicon
فندينق سوق
انضم إلى منصتنا المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية واحصل على دخل منتظم يصل إلى 26%* سنويًا
ابدأ الاستثمار
المقالات ذات الصلة
blogImage

هل البيتكوين حلال؟ حكم الشريعة الإسلامية في امتلاك البيتكوين كأصل رقمي

أغسطس 08, 2025
لطالما كانت العملة وسيلة أساسية للتبادل التجاري عبر العصور، فقد استخدم الأفراد والمؤسسات العملات لشراء وبيع السلع، والمشاركة في الأنشطة الاقتصادية، ومع تطور العصر الحديث، ظهرت عملة...
blogImage

لماذا يعتبر التداول بالهامش حرامًا في الإسلام؟

يوليو 12, 2025
التداول بالهامش من الممارسات الشائعة في عالم المال، خاصة بين شركات الوساطة والمتداولين في أسواق الأسهم والمشتقات المالية حول العالم. ومن خلال طرق عديدة، يُساعد التداول بالهامش في ...
blogImage

هل البيع على المكشوف حرام؟

يوليو 07, 2025
يُعد البيع على المكشوف من أبرز المعاملات المالية التي تعتبر باطلة من منظور الشريعة الإسلامية؛ ففي كثير من الأحيان، ينطوي هذا النوع من البيع على معاملات وهمية لا يحدث فيها تملك فعلي...
انضم إلى منصتنا المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية واحصل على دخل منتظم يصل إلى 26%* سنويًا
ابدأ الاستثمار

تستخدم هذه الصفحة ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك اثناء التصفح. بالنقر فوق "موافق" ، فإنك توافق على استخدام ملفات الارتباط الكوكيز للتحليل والتسويق. قد يؤثر حظر بعض ملفات تعريف الارتباط الكوكيز على تجربتك للتفاصيل، قم بمراجعة .