الألماس الطبيعي أم الألماس المُصنَّع مخبريًا : مقارنة استثمارية شاملة

يشتهر الألماس بأنه رمزًا للثراء، وفي السنوات الأخيرة بدأت الأنظار تلتفت إليه كأداة استثمارية، وسط اتجاه عالمي أوسع نحو شراء السلع، في ظل حالة عدم الاستقرار في الأسواق وسعي المستثمرين إلى التحوط ضد التضخم عبر هذه الأصول الملموسة، ومن هذا المنطلق، قد يتساءل البعض: لماذا لا نُنوع محافظنا الاستثمارية بأحد أثمن الأحجار في العالم؟

في الوقت الحالي، تبلغ قيمة السوق العالمية للألماس نحو 110 مليارات دولار، ويتوقع بعض المحللين أن ترتفع إلى 140 مليار دولار بحلول عام 2029.

ووسط هذا الزخم، يكمن السؤال الرئيسي حول هذا الحجر الثمين فيما إذا كان من الأفضل الالتزام بالألماس الطبيعي المستخرج من المناجم، أو التوجه نحو الألماس المُصنَّع في المختبر والذي يُعرف بالألماس الاصطناعي، وهو اتجاه متنامي وسط المخاوف الدائمة بشأن المصادر الأخلاقية لهذه الأحجار الثمينة.

في الواقع، كل خيار له مزاياه وعيوبه، وفي هذا المقال، سنوضح ما المناسب من منظور إستراتيجية الاستثمار.

ما هو الألماس الطبيعي؟

الألماس الطبيعي هو الأحجار الكريمة اللامعة النادرة التي تتشكل على مدار مئات الملايين أو حتى مليارات السنين في أعماق الأرض، تحت ضغوط هائلة ودرجات حرارة مرتفعة.

وبفضل هذه العملية الطويلة للغاية، يكتسب كل حجر لونًا ووضوحًا وخصائص فريدة غالبًا ما تنعكس قيمته.

ونظرًا لأن تكونه يستغرق دهورًا، فإن الألماس بطبيعته نادر، وهذه الندرة، إلى جانب ما يُعرف بالعوامل الأربعة "4Cs" (الوزن بالقيراط، والقطع، واللون، ودرجة النقاء)، هي ما يحدد سعره في الغالب (المزيد عن ذلك أدناه).

ما هو الألماس المُصنَّع مخبريًا؟

في حالة الألماس المُصنَّع مخبريًا (الألماس الاصطناعي)، استطاع العلماء محاكاة الظروف الطبيعية القاسية التي تُنتج الألماس في باطن الأرض، ما أتاح لهم تصنيع أحجار كريمة اصطناعية من الكربون النقي تكاد تكون متطابقة تمامًا، وقد أنتجت شركة جنرال إلكتريك الأمريكية أولى هذه الأحجار في خمسينيات القرن الماضي.

أما اليوم، فالألماس المُصنَّع في المختبر يتمتع بالصلابة، والبريق اللامع، وحتى على المستوى الكيميائي يبدو شبه مطابق تمامًا للألماس الطبيعي المكوّن على عمق أميال تحت قشرة الأرض.

ويتميز الألماس الصناعي بتكلفة أقل تكلفة ويتم الحصول عليه من مصادر أخلاقية؛ أي بعيدًا عن أي مخاوف بشأن ممارسات غير عادلة مثل نظيره المستخرج من المناجم.

ولكن على عكس الألماس الطبيعي النادر، يمكن تصنيع الألماس الاصطناعي خلال بضعة أسابيع فقط، ما يجعله متوفرًا بكثرة.

ومع التطور التقني وتحسن الجودة وسهولة الإنتاج، يدور جدل واسع حول مدى إمكانية إعادة الألماس الاصطناعي لاحقًا، لأن المستهلكين يستطيعون ببساطة شراء قطع جديدة بسهولة، لكن في الوقت نفسه يثير هذا الأمر تساؤلات معقدة حول إمكانية اعتباره مخزنًا للقيمة على المدى الطويل.

هل ترتفع قيمة الألماس حقًا على المدى الطويل؟

يعتمد ارتفاع قيمة الألماس بمرور الوقت بشكل أساسي على مدى ندرته وجودته العالية، فالأحجار المُشتراة للاستخدام في المجوهرات مثل خواتم الخطوبة، غالبًا ما تُباع لاحقًا بسعر أقل من سعر شرائها، ويرجع ذلك إلى أن محال المجوهرات ترفع الأسعار بسبب العلامة التجارية والتكاليف التشغيلية والتسويق.

لذلك، إذا كنت تفكر في الألماس كاستثمار طويل الأجل، فعليك التركيز على الأحجار النادرة عالية الجودة المخصصة للاستثمار، كما أن سوق الألماس ضعيفة السيولة نظرًا لندرته، ما يعني أن العثور على مشتري قد يستغرق وقتًا.

أما الألماس الاصطناع فآفاقه الاستثمارية أضعف، ويواجه مخاطر أكثر من حيث قيمته على المدي الطويل، إذ يُظهر اتجاهًا هبوطيًا في أسعار إعادة البيع مع تطور تقنيات إنتاجه.

اقرأ أيضًا: متى يجب التحوط ومتى يجب المضاربة؟

هل الاستثمار في الألماس أكثر أمانًا من الذهب أو الفضة؟

واحدة من أبرز مزايا الألماس هي أنه، بسبب ارتفاع قيمته، يمكن تخزين مبلغ كبير من المال في حجر صغير جدًا، وبهذا المعنى، يُعد الألماس خيارًا فعالًا لتخزين القيمة.

غالبًا ما يشير الخبراء الماليون إلى الألماس على أنه مخزن مُكمل للقيمة، يشترى إلى جانب المعادن الثمينة الأخرى مثل الذهب والفضة، وليس كبديل عنها.

ومع ذلك، يختلف الألماس عن الذهب والفضة في عدة نقاط مهمة: لا توجد سوق يومية لتداول الألماس أو تسعير موحد عالميًا، فكل حجر فريد من نوعه وسعره يختلف.

هذا يجعل الألماس أقل سيولة بكثير مقارنة بالذهب أو الفضة، لذلك، يمكن القول إن الذهب والفضة خيارات أكثر أمانًا، بينما يوفر الألماس تنويعًا إضافيًا للمحفظة الاستثمارية.

اقرأ أيضًا: طفرة الذهب والفضة.. أيهما الاستثمار الأكثر أمانًا في عام 2026؟

ما تأثير العوامل الأربعة "4Cs" على العائد الاستثماري؟

يتم تصنيف الألماس وتحديد سعره بناءً على العوامل الأربعة التالية:

- القيراط: يشير وزن الألماس، فالأحجار الأكبر حجمًا أكثر ندرة، وتميل قيمتها للارتفاع على المدى الطويل، لكن أسعارها أكثر تقلبًا.

- القطع: يشير إلى جودة القطع ومدى قدرة الحجر على عكس الضوء وإظهار تألقها ولمعانها، حتى الألماس الصغير يمكن أن يبدو متألقًا جدًا إذا كان القطع ممتازًا، ما يزيد من قيمته عند إعادة البيع.

- اللون: يقيس مدى انعدام اللون، فالألماس الأبيض النقي أو من فئة (D) هو الأعلى درجة والأكثر ندرة، ويُسمى أحيانًا "الأبيض الثلجي"، لأنه خالي من أي لمسة صفراء أو بنية.

- النقاء: يعكس عدد الشوائب أو العيوب المرئية عند تكبير الحجر 10 مرات، كلما كان الألماس أنقى وخالي من العيوب، ارتفعت قيمته الاستثمارية.

الألماس الطبيعي مقابل الألماس الاصطناعي

في الجدول أدناه، ستجد نظرة سريعة على مقارنة الألماس الطبيعي بالألماس المُصنَّع مخبريًا (الاصطناعي) من منظور استثماري.