التمويل المشترك الإسلامي مقابل التمويل المشترك التقليدي
لا تحرم الشريعة الإسلامية الشراكة بين المسلمين وغير المسلمين ولا تعتبرها باطلة، إلا إذا كانت تشمل أنشطة محظورة شرعًا، ما يؤكد أن العنصر الأساسي لمشروعية الشراكة هو مدى توافقها مع أحكام الشريعة، وليس هوية الأطراف المتعاقدة.
ووفقًا لمعايير الشريعة الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي)، والتي اعتمدت في ندوة البركة والندوة الفقهية الرابعة لبيت التمويل الكويتي، لا يوجد مانع من مشاركة البنوك التقليدية مع البنوك الإسلامية في التمويل المشترك، بشرط الالتزام بأحكام الشريعة.
ومع ذلك، لا يمكن للبنوك التقليدية تولي المسؤولية الكاملة لإدارة العمليات، ولا اتخاذ قرارات تتعلق بالجوانب الشرعية. ويتمثل التحريم الأساسي في الربا (الفائدة) والعقود غير الشرعية، لذا إذا تم اتخاذ التدابير الوقائية لمنع هذه الممارسات، فلا يوجد مبرر لتحريم الشراكة.
اقرأ المزيد عن: هل الخدمات المصرفية الإسلامية حلال؟
ما هو التمويل المشترك؟
والتمويل المشترك أو التمويل المجمّع هو اشتراك مجموعة من المؤسسات في تمويل مشترك من خلال أحد أساليب التمويل المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وخلال فترة التمويل، تكون حسابات التمويل المشترك منفصلة عن حسابات المؤسسات المشاركة.
هل التمويل المشترك حلال؟
من منظور الشريعة الإسلامية، يُعد التمويل المشترك جائزًا إذا تم تنفيذ التمويل بالكامل بطريقة متوافقة مع أحكام الشريعة.
وعندما تشارك مؤسسات مختلفة، بما في ذلك المؤسسات التقليدية، في التمويل المشترك، يظل التمويل حلالًا طالما أن طريقة التمويل تتبع أحكام الشريعة الإسلامية
ومع ذلك، إذا كان التمويل ينطوي على الربا، أو إذا تم صياغة الصفقة بطريقة تخالف أحكام الشريعة، فيرى الفقهاء أن التمويل يصبح غير جائز.
اقرأ المزيد عن: شرح الربا: لماذا هو محرم في الإسلام؟ وكيف يختلف عن التجارة؟
الفرق بين التمويل المشترك الإسلامي والتمويل المشترك التقليدي
فيما يلي أبرز الفروقات بين التمويل المشترك الإسلامي ونظيره التقليدي:
- يعتمد التمويل المشترك الإسلامي على مبادئ الشريعة الإسلامية، بينما التمويل المشترك التقليدي يعتمد على الربا وبعض العناصر المحرمة شرعًا.
- يعتمد التمويل المشترك الإسلامي على تقاسم الأرباح والخسائر، بينما التمويل التقليدي يعتمد على العائد الثابت.
- يتم صياغة التمويل المشترك الإسلامي باستخدام أساليب تمويل متوافقة مع الشريعة مثل المشاركة والمضاربة، بينما التمويل التقليدي يعتمد على عقد إقراض مع مدفوعات فائدة ثابتة.
- التمويل المشترك الإسلامي يخلو من الربا والغرر (عدم اليقين) والميسر (المقامرة)، بينما توجد هذه العناصر في التمويل التقليدي.
- في التمويل الإسلامي توجد هيئة رقابة شرعية تراقب العملية بالكامل لضمان الالتزام بأحكام الشريعة، بينما التمويل المشترك التقليدي يفتقر لهذه الرقابة ويعتمد كليًا على عناصر محرمة شرعًا.
ما هي صيغ التمويل المشترك المتوافقة مع الشريعة الإسلامية؟
هناك صيغ تمويل مشترك متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهذه هي أكثرها شيوعًا:
١- المضاربة
٢- المشاركة
٣- المرابحة
٤- المساومة
٥- المزارعة
٦- المغارسة
٧- المساقاة
٨- الصكوك الاستثمارية
٩- الإجارة والإجارة المنتهية بالتمليك
١٠- السلم والسلم الموازي
١١- الاستصناع والاستصناع الموازي
١٢- البيع المؤجل بالتقسيط
هذه صيغ تمويل متوافقة مع الشريعة الإسلامية، تضمن من خلالها المؤسسات المالية الإسلامية الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في تقديم التمويل المشترك للعملاء.
هل يمكن للبنوك الإسلامية المشاركة مع البنوك التقليدية في التمويل المشترك؟
من الأفضل أن تقوم المؤسسات المالية الإسلامية بإجراء التمويل المشترك بالتعاون مع مؤسسات مالية إسلامية أخرى. ومع ذلك، إذا دعت الحاجة إلى إشراك البنوك التقليدية، فلا يوجد مانع شرعي من مشاركتها، شريطة أن تكون عملية التمويل واستخدام الأموال متوافقًا تمامًا مع مبادئ الشريعة الإسلامية.
ويجب أن يتم ترتيب وتنفيذ التمويل المشترك تحت إشراف هيئة رقابة شرعية، ويفضل تشكيل لجنة شرعية خاصة، مع تفويضها لإصدار التعليمات الملزمة، لضمان الالتزام التام بأحكام الشريعة في جميع المؤسسات المشاركة.
اقرأ المزيد عن: ما هو الفرق بين الودائع الثابتة التقليدية والودائع الثابتة الإسلامية؟
الطرق المشروعة للتمويل المشترك بين المؤسسات المصرفية
١- المشاركة
في هذه الطريقة، تُقدم المؤسسات التمويل بشكل مشترك وتتحمل أي خسائر بقدر مساهمة كل مؤسسة، بينما تُوزع الأرباح وفقًا لنسبة متفق عليها مسبقًا.
أما بالنسبة للإدارة، فيمكن للمؤسسات إما تعيين لجنة مشتركة أو تفويض إحدى المؤسسة لإدارة الشراكة مقابل زيادة في حصتها في الأرباح أو بمقابل محدد بشكل منفصل، ويجب إبرام عقد إدارة منفصلة مع المؤسسة المُفوضة بتنظيم التمويل المشترك.
٢- المضاربة
تعمل المؤسسة المديرة للتمويل المشترك كمضارب وتدير جميع العمليات وفقًا لشروط العقد.
٣- الوكالة دون أجر
في هذه الحالة، تعمل المؤسسة المديرة لعملية التمويل المشترك دون أي أجر، بل تتطوع للقيام بذلكن ويُوزع الربح بين المؤسسات وفقًا لنسبة مساهمتها.
٤- الوكالة مدفوعة الأجر
يجب تحديد نطاق العمل بوضوح مع جدول زمني تقديري، ويستحق الوكيل أجرًا بغض النظر عن تحقيق الربح.
كما يجوز منحه مكافأة، إما دفعةً واحدةً أو كنسبة من الربح إذا زادت الأرباح عن حد معين.
٥- العمولة مقابل الأعمال التحضيرية
يجوز للمؤسسة القائدة أن تتقاضى عمولة نظير القيام بالمهام التحضيرية، مثل إعداد دراسة الجدوى، وصياغة العقد، وتجميع المشاركين في صندوق التمويل المشترك، وقد لا تكون المؤسسة التي تؤدي هذه المهام هي نفسها المدير الرئيسي.
ويمكن أن تكون العمولة عن هذه الأنشطة مساوية للتكاليف الفعلية التي تحملتها المؤسسة القائدة، أو أقل أو أكبر منها.
٦- سعر الصرف
يجب تحديد عملة معينة للتمويل المشترك، ويمكن لأحد الأطراف أن يقدم مساهمته بعملة مختلفة، بشرط تحويل المبلغ إلى عملة التمويل المشترك وفقًا لسعر الصرف السائد في تاريخ المساهمة.
كما يجوز لأي مؤسسة مشاركة الحصول على أرباحها بعملة أخرى غير عملة التمويل المشترك، وذلك وفقًا للشروط المتفق عليها في عقد التمويل المشترك، مع التحويل أيضًا بسعر الصرف السائد في تاريخ السداد.
اقرأ المزيد عن: الفرق بين تجارة العملات و صرف العملات: أيهما متوافق مع الشريعة الإسلامية؟
كيفية التخارج من التمويل المشترك
يجوز الاتفاق على عدم التخارج من التمويل المشترك حتى انتهاء مدة التمويل، ويُعرف هذا بالتمويل المشترك المغلق.
كما يجوز للمؤسسة التصرف في حصتها لطرف داخلي من المشاركين أو خارجي، وفقًا للشروط المتفق عليها، وبالقيمة المتفق عليها، إذا تجاوزت أصول الشركة المادية أو العينية أو منافعها ما لديها من أموال نقدية وحقوق مالية وديون.
وإذا تجاوزت أموال الشركة النقدية وحقوقها المالية وديونها، فيجب الرجوع إلى أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المتعلقة بالعملات والديون وتطبيقها.
كيفية حساب الربح بين المشاركين في التمويل المشترك
يُحسب الربح بين المشاركين بناءً على حصصهم أو على النسبة المتفق عليها عند إبرام العقد.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.
