٤ إستراتيجيات للتداول الحلال
في مقال سابق، اطلعنا على بعض إستراتيجيات تداول الأوراق المالية الشائعة واستكشفنا كيف ولماذا تعتبر بعض هذه الإستراتيجيات "حرامًا".
لكن لا يجب أن تمنعك هذه الأمور -وغيرها التي يعتبرها العلماء محرمة إلى حد كبير- من التداول حيث أن هناك أيضًا إستراتيجيات متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وفي هذا المقال، سنلقي نظرة على بعض الإستراتيجيات الشائعة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية وكيف يمكن للمستثمر المسلم الاعتماد عليها بشكل أفضل.
اطلع علي مقالنا السابق حول لماذا تعتبر العديد من إستراتيجيات تداول الأوراق المالية الشائعة حرامًا؟
تذكر أولًا: تداول الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية يجب أن يستوفي معايير معينة:
- ضمان أن ما تتداوله متوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وفي حالة الأسهم وحقوق الملكية، هناك قواعد للتأكد من أن أسهم شركة معينة حلال، وهو ما ألقينا الضوء عليه هنا.
- يجب تجنب التداول باستخدام الديون التي تحمل فوائد (الربا) تمامًا.
-يجب ألا تكون إستراتيجية التداول المستخدمة محفوفة بالمخاطر بشكل مفرط أو مضاربة بالكامل (الغرر) أو تعتمد على القمار (الميسر).
-أخيرًا، يجب تجنب شراء أو بيع السلع التي لا يملكها المستثمر فعليًا، كما هو الحال مع البيع على المكشوف.
ماذا يجب أن تفعل قبل البدء في الاستثمار؟
قبل أن يقوم أي مستثمر بالنظر إلى أصل ما للتداول أو إستراتيجية لاتباعها، يجب عليه أولًا تقييم وتحديد الهدف المالي الذي يأمل في تحقيقه ويمكن أن تتراوح هذه الأهداف من تكوين الثروة، إلى تحقيق دخل من الاستثمار، أو التحوط ضد التضخم، وبمجرد معرفة ذلك، يجب على المستثمر تحديد مقدار ما يرغب في تحقيقه من الاستثمار.
كما يجب على المستثمر تحديد الإطار الزمني لهذا الاستثمار، لأن معرفة متى تبدأ الاستثمار ومتى تخرج منه ومعرفة ما إذا كانت الإستراتيجية هي إستراتيجية طويلة أم قصيرة الأجل هي خطوة حاسمة عند اتخاذ قرار بشأن الاستثمار.
ثم تأتي الرغبة في المخاطرة لدى المستثمر؛ إذ يحمل أي استثمار مخاطر أساسية، لكنها تختلف اعتمادًا على الأصل المالي أو المشروع أو الإستراتيجية المعنية، ويجب على المستثمر الحكيم أن يقرر مدى استعداده المخاطرة في الاستثمار ومدى رغبته في تحقيق عائد عليه، مع مراعاة أن كلما زادت المخاطرة، زاد العائد (أو زادت الخسارة).
وأخيرًا، ينبغي على المستثمر تحديد مدى المشاركة التي يرغب فيها في إدارة استثماراته، حيث يسعى المستثمرون النشطون إلى البحث في استثماراتهم ويحللونها، وهناك إستراتيجيات مثالية لهؤلاء، بينما يرغب المستثمرون السلبيون في وضع استثماراتهم في الأصول التي توفر عوائد ثابتة.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، دعونا نلقي نظرة على بعض الإستراتيجيات الشائعة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية والتي يستخدمها متداولو الأوراق المالية.
١- الأمان يكمن في استثمار موثوق
تعتمد هذه الإستراتيجية على اختيار استثمار آمن وموثوقة للغاية، ويعد اختيار الأداة المناسبة لرغبة المستثمر في المخاطرة خطوة أولى حاسمة، على سبيل المثال، تعتبر الصكوك أكثر أمانًا وأقل مخاطر من الأسهم (حسب الشركة)، والتي يمكن أن تتغير يوميًا، وبالمثل، فإن بعض الأسهم أكثر أمانًا من غيرها وتعتبر أكثر استقرارًا.
ويرجع ذلك إلى الأداء التاريخي الأساسي للسهم، بالإضافة إلى حجم الشركة ونشاطها، وتعد أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون ونيفيديا وألفابت من أبرز الأمثلة على ذلك، ومع ذلك، نظرًا لأن الاستثمار بها آمن نسبيًا، فإن هذه الأسهم مُكلفة للشراء وقد لا يكون العائد كبيرًا.
٢- صناديق الاستثمار المتداولة
يُعد الاستثمار في الصناديق المتداولة وسيلة شائعة للغاية لمستثمري التجزئة الذين لديهم شهية منخفضة للمخاطرة ويبحثون عن إستراتيجية سلبية للاستثمار.
وتعتمد هذه الإستراتيجية على قيام مستثمر التجزئة بالاستثمار في صندوق متداول يتتبع أداء مؤشرات البورصة أو صناعة معينة، وسيتم توزيع هذا الاستثمار عبر الأسهم المكونة لهذه الصناعة أو القطاع.
وتسمح صناديق الاستثمار المتداولة للمستثمر بالتحوط ضد انخفاض سهم ما من خلال توزيع الاستثمار عبر مجموعة كاملة من الأوراق المالية المكونة لهذا الصندوق في البورصة، كما تسمح بالدخل السلبي لأنه بطبيعته أقل مخاطرة من وضع "معظم البيض في عدد قليل من السلال"، ما يجعلها تحظى بشعبية كبيرة بين المستثمرين المبتدئين.
ومع ظهور صناديق الاستثمار المتداولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، لا يحتاج المرء إلى تتبع أنشطة الشركات المكونة لصندوق الاستثمار باستمرار لمعرفة مدى التزامها بالمبادئ الإسلامية.
أقرأ المزيد حول: الاستثمار الحلال في صناديق الاستثمار المتداولة
٣- استثمار النمو واستثمار القيمة
يسعى كل من استثمار النمو والقيمة إلى الاستفادة من الفرص الضائعة في السوق، ففي حالة الاستثمار في النمو، سيبحث المستثمر عن شركة صغيرة نسبيًا لديها القدرة على تحقيق أداء يتفوق على السوق الإجمالي بشكل كبير، وعادة ما تكون هذه الشركات في مجال التقنيات الناشئة ذات إمكانات كبيرة للتوسع أو تلك التي تقدم حلولًا لمشكلات صعبة للغاية بالنسبة لصناعة ما.
في حين أن انتقاء هذه الشركات بشكل صحيح يمكن أن يكون مربحًا للغاية، إلا أنه يأتي أيضًا مع مخاطر أساسية؛ فهذه الشركات لم تُثبت نفسها بعد، ونتيجة لحجمها الصغير نسبيًا، يمكن أن تفشل لأي سبب من الأسباب.
في المقابل، يُعد الاستثمار في القيمة مشابه جدًا للاستثمار في النمو، إلا أنه يبحث عن الشركات المقومة بأقل من قيمتها الحقيقية ويتطلع إلى الاستفادة من النمو المحتمل لقيمة الشركة، وعادةً ما تكون هذه الشركات مُدارة بشكل جيد، وتتمتع بأساسيات وقدرات موثوقة، لكن لم يتمكن السوق من استيعابها لسبب أو لآخر.
وهذه الإستراتيجية مخصصة للمستثمر النشط بشكل أكبر، والذي عادةً ما يكون ماهرًا للغاية في تحليل أداء الشركة واغتنام فرص النمو والقيمة التي لا يراها السوق، ما يتطلب درجة كبيرة من التطور والإلمام بالأمور، لأن ذلك سيحتاج إلى تحليل البيانات المالية للشركة وأرباحها وإستراتيجيتها وأساسيات أعمالها وتعرضها للسوق بشكل عام.
٤- الاستثمار في توزيعات الأرباح
يأتي العائد على حقوق المساهمين في شكلين أساسين: أرباح رأسمالية من إعادة بيع الأسهم أو توزيعات الأرباح التي تدفعها الشركة للمساهمين من أرباح الشركة، ويأمل استثمار في توزيعات الأرباح في تأمين الخيار الأخير، من خلال الاستثمار في الشركات التي تدفع توزيعات أرباح بشكل مستمر.
ليس كل الشركات تدفع توزيعات أرباح للمساهمين، حيث تميل الشركات ذات النمو المرتفع إلى إعادة استثمار أرباحها في أعمال الشركة، بينما الشركات التي تدفع توزيعات أرباح عادة ما تكون راسخة وتولد دخلًا ثابتًا ولا ترى حاجة كبيرة لإعادة استثمار جميع أرباحها مرة أخرى في عملياتها التجارية.
لكي تنجح هذه الإستراتيجية، يجب البحث عن شركة تدفع بانتظام توزيعات أرباح بنسبة معقولة من سعر السهم، وكن حذرًا من الشركات التي تقدم مدفوعات كبيرة في البداية لأنها قد تكون حريصة جدًا على جذب المستثمرين.
اقرا المزيد حول: الاستثمار الحلال في توزيعات الارباح
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر