الأدوات والمبادئ التوجيهية لتداول الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية

يشهد الاستثمار المتوافق مع الشريعة الإسلامية طلبًا متزايدًا على مدى العقود القليلة الماضية، ففي السنوات العشر الماضية وحدها، نمت سوق الصناديق الإسلامية في العالم بأكثر من 300% لتصل إلى ما يقرب من 200 مليار دولار في الأصول تحت الإدارة، وفقًا لتقرير صادر عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية.

ومن المتوقع أن يصل حجم السوق العالمية للأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية إلى 7.7 تريليون دولار بحلول عام 2025، ليكون أكثر من ضعف حجم الاستثمار الحلال البالغ 3.2 تريليون دولار في عام 2015، وبينما شهدت أدوات الدين المتوافقة مع الشريعة زخمًا كبيرًا، فإن الاستثمار في الأسهم الحلال أيضًا شهد زيادة في الطلب.

في مقالنا سابق، تعرّفنا على القواعد الخاصة بفحص الأسهم الحلال للاستثمار فيها، والخطوات الضرورية لتطهير الأسهم لضمان أنها متوافقة مع الشريعة، والاستثمار في الأسهم أكثر من مجرد اختيار الأسهم، لكنه يتضمن مجموعة من الإستراتيجيات والأدوات لإدارة الاستثمار بشكل أفضل والتحوط ضد فترات الأسواق الهابطة.


اقرأ المزيد حول فحص الأسهم الحلال وكيفية تنقيتها في مقالنا سابق

وفي هذا المقال، سنحلل بالمزيد من التفاصيل بعض هذه الأدوات والمبادئ التوجيهية الخاصة بتداول الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

ابحث دائمًا عن القيمة

شراء سهم على أمل أن ترتفع قيمته وتحقيق مكاسب من بيع هذا السهم لاحقًا هو في الواقع الطريقة الوحيدة لتحقيق عائد على الاستثمار في الأسهم.

والبديل لهذا -جني الأرباح من انخفاض قيمة السهم- يُسمى البيع على المكشوف ويُعد حرامًا في الإسلام، وفقًا لما ذكره همايون دار، المدير العام لمعهد كامبريدج للتمويل الإسلامي والرئيس التنفيذي السابق لشركة بي إم بي الإسلامية، وهي شركة استشارات شرعية.

والبيع على المكشوف هو إستراتيجية يحقق المستثمر من خلالها أرباحًا من انخفاض قيمة السهم، ويعتمد على الحصول على سهم عن طريق الشراء بالهامش أو اقتراض الأسهم ودفع الفائدة، يتم بعد ذلك بيع السهم، وإذا انخفض سعره، يقوم المستثمر بإعادة شراء السهم بالسعر الأقل، ثم يُعيده إلى المُقرض، مع تحصيل الفرق كأرباح.

بالإضافة إلى استخدام التداول بالهامش، الذي يتضمن الاقتراض والفائدة (الأخيرة محرمة بوضوح في الإسلام)، يعتبر الكثيرون بيع السهم على المكشوف مضاربة عالية المخاطر، ما يجعله "غرر"، وبالتالي محرمًا في الإسلام.



اقرأ المزيد عن: لماذا تعتبر العديد من استراتيجيات تداول الأوراق المالية الشائعة حرامًا؟

كن مدركًا لمتغيرات المحفظة الاستثمارية

هناك مبدأ رئيسي آخر يجب على المتداول الذي يفكر في الاستثمار الحلال أن يأخذه في الاعتبار وهو أن الأسواق ديناميكية ومتغيرة؛ فالسهم الحلال قد لا يظل كذلك دائمًا.

في حين أن تغيير شركة ما لأنشطتها التجارية من غير المرجح أن يحدث بشكل متكرر (على الرغم من أن هذا محتمل بالتأكيد)، فإن النسب المالية، التي تمت مناقشتها في مقالنا السابق يمكن أن تتغير بسهولة.

وعلى هذا النحو، يتعين على مستثمر الأسهم المتوافقة مع الشريعة الإسلامية الاهتمام بالتحديثات المتعلقة بمحفظته، بما في ذلك إصدارات الأرباح الفصلية والتقرير السنوي وغيرها من المواد الرئيسية المتعلقة بعلاقات المستثمرين.

المؤشرات ومنصات فحص الأسهم ستوفران لك الوقت

كما أشرنا في المقال السابق، فإن البحث عن الأسهم التي تُعتبر حلالًا من حيث النشاط والتي تلبي النسب المالية المطلوبة عملية مُرهقة، علاوة على ذلك، كما هو مذكور أعلاه، فإن تتبع الأسهم لمعرفة ما إذا كانت ما تزال حلالًا هي عملية أكثر إرهاقًا وتستغرق وقتًا ينبغي استغلاله في إجراء معاملات جديدة أو اتخاذ قرار بشأن ما يجب فعله بالمعاملات الحالية.

وأمام ذلك، ليس من المستغرب أن العديد من المؤشرات العالمية تقدم خيارات للاستثمار الحلال، وتشمل مؤشرات ستاندرد آند بورز المتوافقة مع الشريعة الإسلامية " The S&Ps Shariah Indices"، والتي تتضمن حوالي 31 مؤشرًا مختلفًا تتبع الأسهم التي تعتبر حلالًا.

وتُعد مؤشرات ستاندرد آند بورز المتوافقة مع الشريعة مجموعة متنوعة من المؤشرات التي تتبع الأسهم في البورصات الإقليمية والعالمية (بما في ذلك مؤشر داو جونز وناسداك)، والشركات الكبرى والمتوسطة والصغيرة، إلى جانب المؤشرات التي تراقب اختيارات أسهم الشركات ذات توزيعات الأرباح والمؤشرات التي تتبع الصكوك.

وتستخدم وكالة ستاندرد آند بورز شركة راتينج إنتليغنس بارتنرز "Ratings Intelligence Partners" -وهي شركة استشارات مقرها لندن والكويت ومتخصصة في سوق التمويل الإسلامي - لفحص الأسهم للتأكد من توافقها مع الشريعة الإسلامية.

وتشمل المؤشرات الأخرى، مؤشرات "MSCI" الإسلامية، والتي تستثني الأوراق المالية غير المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وهى مؤشرات يتم ترجيح الأسهم المدرجة بها وفقًا لإجمالي الأصول، في حين، يعتمد مؤشر MSCI Islamic M-Series على متوسط القيمة السوقية.

وحصلت منهجية المؤشرات الإسلامية هذه على موافقة لجنة المستشارين الشرعيين التابعة لـ MSCI من علماء الشريعة، باعتبارها متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

وفضلًا عن هذه المؤشرات العالمية، انتشر عدد من منصات مراقبة الأسهم الحلال للشركات المدرجة لتبسيط العملية لمستثمر التجزئة العادي، وتشمل تطبيقات التمويل الإسلامي مثل Zoya وMussafa.