الغرر في التمويل التقليدي
هناك العديد من أوجه التشابه والتداخل بين التمويل التقليدي والتمويل الإسلامي، خاصة إذا كان التمويل التقليدي يتجنب الفائدة (الربا)، والأنشطة والسلع المحرمة في الإسلام (مثل الكحول، والمقامرة، والمخدرات، وغيرها)، وكذلك الغرر.
وفي حين أن النقاط الأولى واضحة، إلا أن مسألة الغرر أكثر تعقيدًا، حيث تتعلق بعوامل مثل النية، وغياب القواعد الواضحة والشاملة، والمنطقة الرمادية بين المخاطر التجارية المقبولة والمضاربة المفرطة وعدم اليقين.
ومع ذلك، هناك بعض جوانب التمويل التقليدي التي تُعتبر غررًا، سنتناول في هذا المقال مع توضيح أسباب ذلك.
اقرأ المزيد عن: الغرر: ما هو؟ وكيف يمكن تجنبه؟
المشتقات المالية
على الرغم من شيوعها في التمويل التقليدي الحديث، فإن تداول المشتقات المالية، وهى أدوات مالية تستمد قيمتها من أصل أو سلعة أساسية، يعتبر من الغرر بشكل كبير.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك، العقود المستقبلية، التي تستمد قيمتها من سعر السلعة الأساسية، وفي حالة الأسهم والسندات، تشمل هذه العقود، الخيارات (عقود البيع والشراء) والعقود الآجلة والمقايضات.
لماذا تعتبر المشتقات المالية من الغرر؟
من المفارقات العجيبة أن المشتقات المالية حاليًا تُعرف بأنها تعتمد على المضاربة المفرطة (عدم اليقين المبالغ فيه)، رغم أنها كانت في الأصل مخصصة لتقليل المخاطر،
فقد تم تصميم العقود المستقبلية لتكون وسيلة للتحوط ضد التقلبات الحادة في أسعار السلع عن طريق تثبيت السعر اليوم حتى تاريخ التسليم المستقبلي.
لكن هذا النموذج تطور ليصبح سوق ضخمة تقدر بمليارات الدولارات، تعتمد في الغالب على المضاربة، حيث تم تحويل تجارة السلع والمنتجات إلى أدوات مالية.
بالإضافة إلى اعتبارها تعتمد على المضاربة المفرطة، تعتبر المشتقات المالية من الغرر لأنها غير واضحة بشأن الملكية الحقيقة للسلعة الأساسية، وفقًا لورقة بحثية صادرة عن دار المراجعة الشرعية -وهي منظمة مخصصة لتقييم الامتثال للشريعة في الأعمال والتمويل-.
ويمكن تداول عقود المشتقات المالية بين الأطراف دون أن تتغير ملكية السلعة الأساسية، ومن السمات الرئيسية للغرر عدم معرفة الملكية الحقيقية للسلعة أو الخدمة.
وتنطوي العقود المستقبلية حاليًا على تأجيل تحديد السعر وتسليم السلع إلى وقت لاحق، وبموجب الشريعة الإسلامية، فإن البيع يكون صحيحًا طالما أن تأجيل السعر أو التسليم فقط، ولكن ليس كليهما".
البيع على المكشوف
البيع على المكشوف هو إستراتيجية يستخدمها المستثمر لتحقيق ربح من انخفاض قيمة السهم، وتتضمن اقتراض أو استئجار الأسهم ثم بيعها عندما يكون سعرها مرتفعًا.
إذا انخفض السعر لاحقًا، يقوم المستثمر بإعادة شراء السهم بالسعر الأقل، ثم يعيده إلى المقرض، ويحقق ربحًا من الفرق بين السعرين.
لماذا يُعتبر البيع على المكشوف غررًا؟
فضلًا عن انتهاكه للمبادئ الإسلامية المتعلقة بالفائدة، يتضمن البيع على المكشوف بيع سلعة لا يمتلكها الشخص، وهو ما يعد من الغرر، وفقًا لهمايون دار، المدير العام لمعهد كامبريدج للتمويل الإسلامي والرئيس التنفيذي السابق لشركة بي إم بي الإسلامية للاستشارات الشرعية.
كما يُعتبر البيع على المكشوف أكثر خطورة، إذ يمكن أن تكون الخسائر في حالة المراكز القصيرة غير محدودة، وذلك بناءً على الوقت الذي يشتري فيه المستثمر السهم مرة أخرى.
التداول اليومي
التداول اليومي هو إستراتيجية شائعة بين المستثمرين الأفراد وصناديق التحوط، حيث يتم شراء وبيع الأوراق المالية في نفس اليوم.
وتعتمد هذه الإستراتيجية السريعة على التركيز على التحليل الفني الذي يستند إلى الأسعار والاتجاهات السابقة للتنبؤ بالأسعار المستقبلية، بالإضافة إلى تحليل مؤشر الزخم الذي يسعى للاستفادة من المكاسب والاتجاهات قصيرة الأجل.
لماذا يُعتبر التداول اليومي غررًا؟
على الرغم من أن عوائد التداول اليومي قد تكون مربحة للغاية، إلا أنه يُعتبر من أكثر إستراتيجيات التداول مضاربةً ومخاطرة.
هذا يضعه في نطاق الغرر، وقد يصل إلى حد المقامرة، حيث إن تقلبات السوق اليومية والتغيرات المفاجئة لا يمكن التنبؤ بها، بغض النظر عن مدى دقة التحليل الفني أو غيره.
بالإضافة إلى ذلك، لدى بعض العلماء، مثل الشيخ يوسف طلال دي لورنزو، تساؤلات وشكوكًا حول ما إذا كان امتلاك السهم ليوم واحد فقط يُعتبر ملكية حقيقية.
التأمين التقليدي
هو أن يدفع شخص ما أقساطًا لشركة التأمين طوال عمر وثيقة التأمين للحماية من التداعيات السلبية المحددة في الوثيقة، وتستثمر شركة التأمين هذه الأقساط ومن العوائد التي تحققها جراء ذلك تكون قادرة على دفع تعويضات المؤمن عليهم.
اقرأ المزيد عن: التأمين التقليدي مقابل التأمين الاسلامي "التكافل"
لماذا يُعتبر التأمين التقليدي من الغرر؟
يُعتبر التأمين التقليدي من الغرر لعدة أسباب؛ أولًا، الفائدة التي يحصل عليها الفرد، الذي يدفع أقساط التأمين تتوقف على حدوث نتيجة غير متوقعة وسلبية في المستقبل، قد يحدث أو لا يحدث، وعندما تكون النتائج غير مؤكدة، يُعتبر ذلك غررًا.
ومن الانتقادات الرئيسية الموجهة لشركات التأمين التقليدي هو أن شروط دفع التعويضات غير واضحة، حيث تقوم العديد من الشركات بتقليص المدفوعات أو رفض دفع التعويضات عن بعض الحالات، رغم أن حامل الوثيقة (البوليصة) قد يكون فهم الشروط بشكل مختلف.
كما أن الطبيعة الغامضة وغير المباشرة وعدم اليقين للشروط في وثيقة التأمين تضعها أيضًا ضمن الغرر.
اقرأ المزيد عن: الحد الفاصل بين الغرر ومخاطر الأعمال
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر