توقعات بلاك روك للاقتصاد والأسواق المالية لعام ٢٠٢٣
تعد بلاك روك أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم بنحو 9.6 تريليون دولار، لذلك من المهم إلقاء نظرة على توقعاتها لعام 2023 وما بعده، بشأن اتجاهات الاقتصاد والأسواق المالية العالمية.
بصفة عامة، من المتوقع استمرار تقلبات الاقتصاد الكلي والسوق الحالية، مع احتمالية حدوث ركود؛ خاصة مع التشديد النقدي المستمر من جانب البنوك المركزية للسيطرة على التضخم، مما سيؤدي إلى أضرار اقتصادية، مثلما يشير دليل الاستثمار الجديد الخاص بشركة بلاك روك.
لذلك، ترى بلاك روك ضرورة تركيز المستثمرين على تسعير المخاطر، وإعادة التفكير في محفظة الدخل الثابت، والتكيّف مع التضخم، مشيرةً إلى أهمية التغييرات المتكررة في المحفظة الاستثمارية واتخاذ المزيد من وجهات النظر الفاحصة من خلال التركيز على القطاعات والمناطق وفئات الأصول الفرعية في ظل تقلبات الأسواق الحالية، بدلاً من التعرض واسع النطاق لأصول بعينها.
بدء نظام جديد
تسبب ارتفاع معدلات التضخم في صعود عوائد سندات الخزانة وهبوط أسواق الأسهم والدخل الثابت، مع التعافي الاقتصادي وزيادة الإنفاق بعد وباء كورونا، فضلًا عن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، لكن هذا النوع من التقلبات يختلف كثيرًا عن تجربة التركيز على العوائد الثابتة على مدار الأربعين عامًا الماضية.
وهذا يعني أن هناك نظام استثمار جديد يتشكل في الوقت الحالي من خلال قضايا سلاسل التوريد، التي دفعت التضخم للارتفاع ووضعت البنوك المركزية أمام معادلة صعبة، إما أن تختار السيطرة على التضخم والتسبب بالتبعية في ركود اقتصادي أو استمرار المعاناة مع المزيد من زيادات الأسعار.
واختارت البنوك المركزية كبح جماح التضخم حتى يعود إلى المستهدف عند 2%، مما يعني أن الركود متوقع، لكن ما نجح في الماضي قد لا ينجح في المستقبل.
تسعير المخاطر
تشير إستراتيجية الاستثمار لعام 2023 إلى توقعات حدوث ركود في ظل محاولة البنوك المركزية ترويض التضخم، ما يعني أن الإستراتيجية القديمة المتمثلة في "الشراء عند الانخفاض" لا تنطبق على الوضع الحالي والنظام الجديد الأكثر تقلبًا.
بدلًا من ذلك يجب أن تركز إستراتيجية الاستثمار لعام 2023 على إعادة التقييم المستمر لمدى انعكاس التباطؤ الاقتصادي الذي تسببه البنوك المركزية على الأسعار، لا سيما في توقعات أرباح الأسهم وتقييمها.
ومن غير المتوقع أن تتوقف البنوك المركزية عن رفع أسعار الفائدة ويستقر النشاط الاقتصادي في عام 2023، ورغم ذلك لم يتم تسعير توقعات الأرباح بعد حتى في حالة الركود المعتدل.
نتيجة لذلك، تقترح الإستراتيجية خفض التعرض للأسهم في الأسواق المتقدمة في الوقت الحالي، مع ضرورة أخذ الأضرار الاقتصادية المتوقعة في الحسبان عند تقييم الأسهم.
كما تشير بلاك روك إلى أن الإستراتيجية لا تتعلق فقط بتسعير التباطؤ الاقتصادي ولكن أيضًا بتحسين المعنويات تجاه مخاطر السوق.
التكيف مع التضخم
أثار ارتفاع الأسعار أزمات في تكلفة المعيشة وضغط على البنوك المركزية لترويض التضخم، ومع ذلك، كان هناك القليل من النقاش حول الأضرار التي لحقت بالنمو الاقتصادي والوظائف.
من المتوقع أن يتباطأ التضخم مع عودة أنماط إنفاق المستهلكين إلى وضعها الطبيعي وتراجع أسعار الطاقة، لكنه سيستمر فوق مستهدفات السياسة النقدية خلال السنوات المقبلة.
شيخوخة القوى العاملة
تعد شيخوخة السكان أحد قيود الإنتاج طويلة الأجل المستمرة بعد وباء كورونا، والتي تدفع العالم نحو نظام الاستثمار الجديد في الوقت الحالي.
وتتسبب شيخوخة السكان في تقلص القوى العاملة، حيث أن نسبة متزايدة من السكان تبلغ من العمر 65 عامًا أو أكثر، ويترك معظمهم العمل، وهو ما يؤدي إلى نقص المعروض من العمالة ويسهم في ارتفاع معدلات التضخم.
فضلًا عن ذلك، يعتبر هذا الأمر عقبة أمام النمو الاقتصادي المستقبلي، حيث ستتوسع القوى العاملة المتاحة بشكل أبطأ بكثير في السنوات المقبلة مقارنة بالماضي، مما يؤدي إلى انخفاض الطاقة الإنتاجية واستمرار ضغوط التضخم.
إستراتيجية جديدة
يدعو نظام الاستثمار الجديد إلى إستراتيجية أكثر ذكاءً للمحفظة الاستثمارية مما كانت عليه في الماضي، حيث أتاحت فترة الاعتدال الكبير -فترة من منتصف الثمانينيات وحتى عام 2007 قبل الأزمة المالية العالمية وتتميز بانخفاض التقلبات- إستراتيجيات لمحافظ استثمارية مستقرة نسبيًا.
ولا يرى النظام الجديد عودة إلى الظروف التي من شأنها أن تحافظ على سوق صاعدة مشتركة في الأسهم والسندات، وقد يكون التركيز على هذا المزيج غير المناسب لهذه الفترة مكلفًا بأكثر من 4 مرات التكلفة خلال الاعتدال الكبير.
نظام عالمي جديد
النظام العالمي الجديد هو انفصال عن حقبة ما بعد الحرب الباردة ويتميز بالتعاون الجيوسياسي والعولمة التي تتطور فيما بعد إلى عالم مجزأ مع كتل متنافسة، وسيؤدي ذلك إلى عدم الكفاءة الاقتصادية لأن الاستعانة بالموارد المحلية ستكون أكثر تكلفة بالنسبة للشركات، كما يحدث اختلالًا في ميزان العرض والطلب.
وبالفعل، تشتد المنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين؛ حيث تحاول واشنطن تقييد وصول بكين إلى التكنولوجيا المتطورة، في الوقت نفسه، ستقلل الصين تركيزها على النمو الاقتصادي بينما تسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة والغذاء والتكنولوجيا.
ومن شأن المخاطر الجيوسياسية هذه أن تُضيف علاوة مخاطر دائمة عبر فئات الأصول، مما يؤدي إلى زيادة تقلب الاقتصاد الكلي والسوق، وارتفاع معدل التضخم باستمرار.
انتقال أسرع نحو الحياد الكربوني
من المرجح أن يؤدي التسارع العالمي نحو تحقيق صافي صفر انبعاثات كربونية إلى تأثيرات على المخاطر والعوائد المالية؛ إذ تُكثف أوروبا والولايات المتحدة جهودهما لتعزيز البنية التحتية للطاقة المتجددة والتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري نحو مصادر طاقة نظيفة.
ومن شأن تحول الطاقة أن يؤدي إلى إعادة تخصيص ضخمة للموارد، مما يزيد من قيود الإنتاج ويُحدث نقصًا بالمعروض ويؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع الأسعار وتباطؤ النشاط الاقتصادي، ومزيدًا من التقلبات الاقتصادية والمالية.
.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر