تحقيق التوازن بين تخفيف حصص الملكية والنمو
من أصعب القرارات التي قد يتخذها صاحب العمل هو جمع رأس المال عبر إصدار أسهم جديدة، لأن ذلك يؤدي إلى تخفيف حصص الملكية صاحب الشركة وتقليل سيطرته على إدارتها.
وأمام ذلك، فإن تخفيف حقوق ملكية أو خفض ملكية أسهم مؤسس الشركة شرًا لابد منه عند النظر في كيفية نمو وتوسع أنشطة الشركة، ورغم أن المالك يحصل على جزء أصغر من الكعكة، ولكنه قد يكون مجزيًا إذا زادت الكعكة نفسها.
وفي هذه المقالة، سنستكشف الوقت المناسب الذي يلجأ فيه صاحب العمل إلى إصدار أسهم جديدة، ولماذا يحدث ذلك، وبعض الأمور التي ينبغي مراعاتها عند التفكير في هذا الخيار كوسيلة للتمويل.
لماذا وكيف يحدث تخفيف حقوق الملكية؟
يحدث تخفيف حقوق الملكية عندما يسعى أصحاب الشركات لجمع رأس المال لتوسيع أعمالهم عبر إصدار أسهم جديدة بتقييم محدد، ثم بيع هذه الأسهم لمستثمرين جدد.
ويؤدي إصدار الأسهم الجديدة إلى تقليل نسبة الملكية التي يمتلكها المساهمون الحاليون، حيث يصبح عدد الأسهم المتاحة للتداول أكبر.
وبما أن نسبة الملكية تؤثر على مستوى السيطرة التي يتمتع بها مالك الشركة، فإن تخفيف الأسهم قد يؤدي بالتبعية إلى تقليص السيطرة على إدارة الشركة.
متى ينبغي التفكير في المخاطرة بعملية التخفيف؟
في البداية، يجب معرفة أن التفكير في إصدار أسهم جديدة -وبالتالي تخفيف حصة المساهمين الحاليين- يحدث عادة في 3 حالات:
الأولى: إذا وصلت الشركة إلى ذروة نموها برأس المال الحالي وتحتاج إلى تمويل إضافي لتحقيق المزيد من النمو،
والحالية الثانية: إذا كانت الشركة تتمتع بإمكانات نمو تكافح ولكنها تواجه صعوبات مالية وتحتاج إلى خطة إنقاذ مالي ومساعدة إدارية من مستثمرين جدد يمكنهم تقديم قيمة مضافة.
أما الحالة الثالثة: لإصدار الأسهم هو استخدامها كوسيلة لتحفيز الموظفين وأصحاب المصلحة، خاصة إذا كانت الشركة تفتقر إلى السيولة المالية الكافية لتقديم تعويضات مباشرة.
ويجب أن يُنظر في هذا القرار جنبًا إلى خيارات التمويل الأخرى (المزيد أدناه)، ويُتخذ إذا كان هو الخيار الأفضل.
أهداف المالك
يجب أن يتوافق قرار إصدار الأسهم وتخفيف حصص الملكية مع أهداف المالك، وقد تتراوح هذه الأهداف بين إدارة المخاطر -حيث يرغب المالك في تقليص مخاطر إفلاس الشركة- وزيادة رأس مال الشركة لتحقيق النمو، أو ربما جذب مستثمرين جدد يمكنهم تقديم قيمة مضافة إلى الشركة.
إذا كان المالك يتطلع لتعزيز نمو الشركة، فمن الضروري أن يكون لديه فكرة واضحة لما يعنيه ذلك (نمو مالي أو نمو تشغيلي)، وما هي المعايير ومؤشرات الأداء الرئيسية التي تشي إلى هذا النمو، مع تحديد الإستراتيجية اللازمة ومقدار التمويل المطلوب لتحقيق هذه الأهداف.
ومن الضروري -أيضًا- أن يحدد المالك مقدار السيطرة المباشرة التي يرغب في الاحتفاظ بها مقارنة بمدى ضرورتها لإدارة الشركة.
الأداء المالي والتشغيلي للشركة
بناءً على مرحلة النمو التي وصلت إليها الشركة، سيكون الأداء المالي -الذي يتم قياسه من خلال ميزانية الشركة وبيانات الدخل والتدفقات النقدية- والأداء التشغيلي حاسمين في تحديد ما يلي:
١- ما إذا كانت الشركة تنمو أو لديها إمكانات للنمو.
٢- مدى حاجة الشركة إلى تمويل خارجي.
٣- مقدار التمويل المطلوب.
٤- نوع التمويل المطلوب.
٥- تقييم الشركة.
استكشاف مصادر أخرى للتمويل
هذه خطوة حاسمة لأن جمع التمويل المخفف من خلال إصدار الأسهم قد لا يكون الخيار الوحيد المتاح، فهناك أشكال أخرى للتمويل غير المخفف تشمل جمع الديون (الاقتراض)،
وقد توفر سيولة كافية للنمو بدون تغييرات في هيكل إدارة الشركة، لكن هذه الديون قد تكون مُكلفة تؤثر على النمو في المستقبل بناءً على معدلات الفائدة.
والتمويل الإسلامي غير المخفف قد يكون خيارًا آخر، لكن رغم أنه لا يتضمن فوائد، إلا أنه له تكلفته الخاصة، كما أن المنح والقروض المدعومة بدون فائدة أيضًا خيار تمويل جذاب ولكن ليس من السهل الحصول عليها.
اقرأ المزيد عن: التمويل المخفف مقابل التمويل غير المخفف
جمع التمويل بالقدر المطلوب فقط
قد يكون من المغري بالنسبة لأولئك الذين يصدرون الأسهم الحصول على تدفق هائل من رأس المال لمساعدة الشركة على النمو بما يتجاوز الأهداف التي وضعها المالك.
ولكن بدون الالتزام بخطة مدروسة ومُحكمة، قد ينتهي الأمر بالمؤسس بتخفيف ملكيته في الشركة بما يتجاوز احتياجات الشركة دون الاستفادة بشكل فعال من الأموال التي تم جمعها.
الانتباه إلى جدول رأس المال
جدول رأس المال والمعروف أيضًا باسم جدول حصص الملكية أو جدول المُلاك هو عبارة عن جدول بيانات يسجل هيكل المساهمين الحاليين للشركة وحصص ملكية كل مساهم.
ومن المهم هنا استخدام هذا الجدول لمعرفة كيفية تأثير إصدار أسهم جديدة على تخفيف حصة المساهمين الحاليين.
اختيار الشركاء المناسبين
من أبرز الأمور التي يجب أخذها في الاعتبار عند موازنة تخفيف حصص الملكية والنمو هو اختيار الشركاء الذين سيساهمون في زيادة رأس المال.
ومع الاختبار الصحيح، قد يمكن لبعض المستثمرين تعويض تخفيف الملكية الذي يتعرض له المالك من خلال تقديم قيمة إضافية، والتي قد تأتي في شكل خبرة ونصائح وتوجيهات وعلاقات وتعاون مع شركات أخرى في المحفظة الاستثمارية، أو توفير خدمات ووظائف قد تحتاجها الشركة.
إصدار نوع الأسهم المناسب
جميع الأسهم غير متساوية، حيث تمنح بعض أنواع الأسهم بعض المستثمرين حقوقًا أكبر من حقوق الآخرين (الأسهم المفضلة مقابل الأسهم العادية)، وتشمل هذه الحقوق صلاحيات تصويت أكبر في إدارة الشركة، مما يساعد على حماية المُلاك من تخفيف سيطرتهم إلى حد معين.
ومع ذلك، قد لا تكون الأسهم التي تمنح حقوقًا أقل جذابة للمستثمرين الخارجيين.
اختيار الهيكل المناسب للصفقة
كما هو الحال مع الأسهم المناسبة، يمكن أن تساهم الصفقة المناسبة في تقليل آثار تخفيف الملكية، على سبيل المثال، يمكن أن الدين المغامر للشركة السيولة التي تحتاجها للنمو، بحيث يتم سدادها على هيئة أسهم عند سقف التقييم.
التخطيط لجولات التمويل
إذا كانت إستراتيجية النمو الخاصة بمالك الشركة طويلة المدى، فقد يكون من المفيد توزيع إصدار الأسهم الجديدة عبر عدة جولات (كما هو معتاد في الشركات الناشئة).
ويساعد هذا في تقليل تأثير تخفيف حقوق الملكية من خلال توزيعه على فترة زمنية أطول، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يزيد من فوائد زيادة رأس المال من خلال منح الشركة الفرصة للنمو إلى مرحلة معينة قبل بدء الجولة التالية من التمويل، مما يمكن أن يعزز تقييم الشركة في كل جولة تمويلية.
تقييم الشركات ومخاطر المبالغة في قيمتها
المحور الأساسي في تحقيق التوازن بين النمو وتخفيف قيمة الأسهم هو تقييم الشركة، فمن جهة يسعى المُلاك إلى زيادة قيمة شركاتهم كون التقييم العالي يمكن أن يزيد من رأس المال دون الحاجة إلى إصدار عدد كبير من الأسهم.
ومن الناحية الأخرى، يرغب المستثمر الذي يرى إمكانات نمو في الشركة في تعظيم حصته بأقل قدر من الاستثمار، مع التركيز على تحقيق خروج مُجزي عند الوصول إلى تقييم أعلى للشركة.
ومع ذلك، من المهم تجنب خطأ المبالغة في تقييم الشركة، حيث إن عدم تحقيق أهداف النمو قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الشركة، مما يضر المالك والمستثمر في جولات التمويل التالية.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر