هل العمولة حلال و جائزة في الإسلام؟
تُعد العمولة من العناصر الأساسية في عمل المؤسسات المالية الإسلامية، حيث تقدم هذه المؤسسات العديد من الخدمات ضمن عقد العمولة (الوكالة)ح ففي كثير من الحالات، لا يتمكن العميل من إنجاز بعض المعاملات بنفسه، فيقوم بتفويض المؤسسة للقيام بها نيابةً عنه.
وتستند العديد من المنتجات المالية الإسلامية إلى عقد الوكالة، حيث تتقاضى المؤسسة أجرًا نظير خدماتها يُعرف الوكالة بأجر، أو العمولة.
ويُجيز الإسلام مبدأ النيابة عن الغير في التصرفات، كما ورد في قول الله تعالى: ﴿فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا﴾ (سورة الكهف: 19)
تُبين هذه الآية جواز الوكالة في الشريعة الإسلامية، حيث كان الشخص المرسل لشراء الطعام وكيلًا عن الآخرين.
وفي السنة النبوية، روى عروة البارقي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري له شاة أو أضحية، وهو مثال واضح آخر على جواز الوكالة.
أما أخذ الأجرة على الوكالة (العمولة)، فهو جائز شرعًا، لأن الوكيل يقوم بخدمات نيابةً عن غيره، وله حق في المقابل المادي تجاه ذلك.
اقرأ المزيد عن: ما الفرق بين الربا والتجارة؟
ما المقصود بالعمولة في المعاملات المالية؟
تشير العمولة في المعاملات المالية إلى المبلغ الذي تتقاضاه المؤسسة المالية أو الفرد مقابل تقديم خدمات مختلفة أو تسهيل تنفيذ معاملة معينة، مثل إجراء الصفقات أو إدارة وترتيب المعاملات المالية لصالح العملاء.
ما هي أنواع العمولات المختلفة والمنظور الشرعي لكل منها؟
١- رسوم الخدمة أو الرسوم الإدارية
هي الرسوم التي تتقاضاها المؤسسات المالية مقابل الخدمات الإدارية أو البنكية المختلفة، مثل إدارة الحسابات، وإعداد المستندات، وتقييم الجدارة الائتمانية لخطابات الاعتماد وغيرها.
ومن منظور الشريعة الإسلامية، يجوز للمؤسسة أن تتقاضى فقط التكاليف الفعلية التي تحملتها مقابل الخدمات المقدمة، ولا يجوز أن تكون هذه الرسوم مرتبطة بعقود غير تعويضية مثل عقود الضمانات.
٢- رسوم الوساطة أو المعاملات
هي الرسوم التي تتقاضاها المؤسسات المالية مقابل عملها وكيلًا أو وسيطًا نيابةً عن فرد أو مؤسسة أخرى، وغالبًا ما تكون هذه الخدمات في عمليات الاكتتاب أو شراء أو بيع أسهم الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
ومن المنظور الشرعي، هذا النوع من العمولات جائز، لأن الوسيط يتقاضى أجرًا مقابل خدمة مشروعة يقدمها للعميل.
اقرأ المزيد عن: مقارنة بين العربون والدفعة المقدمة
٣- رسوم إدارة ومعالجة الحسابات أو البطاقات
تندرج هذه الرسوم ضمن رسوم الخدمة، حيث تتقاضى المؤسسات المالية مبالغ مقابل خدمات مثل استخدام الصراف الآلي، أو إصدار دفاتر الشيكات، أو غيرها من الخدمات المتعلقة بالحساب.
ومن المنظور الشرعي، يجوز للمؤسسات المالية الإسلامية فرض رسوم عضوية أو رسوم سنوية أو رسوم تجديد، طالما أنها مقابل خدمات فعلية.
ولمزيد من التفاصيل حول أنواع الحسابات والأحكام الخاصة بكل منها، يمكن الرجوع معيار الشريعة لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية رقم 40
ما الفرق بين العمولات الثابتة والمتغيرة؟
يمكن أن تكون العمولة أو الأجر الممنوح مقابل خدمات الوكالة ثابتًا، أو متغيرًا بمعنى أن يحتسب بنسبة مئوية من أداء الوكيل.
ومع ذلك، إذا كانت العمولات مرتبطة بتحقيق الأرباح الفعلية في صيغة تشاركية مثل المضاربة، فيجب أن تكون الأجرة ثابتة ومحددة مسبقًا عند توقيع العقد.
ما هي المنتجات المالية الشائعة التي تبرز فيها العمولة؟
تظهر العمولات في عدة عقود مالية تقوم على أساس عقد الوكالة، ومن أبرزها ما يلي:
- حسابات الاستثمار القائمة على الوكالة (وكالة بالاستثمار): تقوم المؤسسة بدور الوكيل عن العملاء، وتستثمر أموالهم مقابل أجر محدد وثابت متفق عليه مسبقًا.
- التكافل (التأمين الإسلامي): يعمل المشغّل أو مدير الصندوق كوكيل عن المشتركين، ويدير أموالهم مقابل رسوم خدمة أو رسوم إدارة.
- رسوم الوساطة: يحصل الوكيل أو الوسيط على عمولة مقابل بيع أو شراء الأسهم المتوافقة مع أحكام الشريعة نيابةً عن العميل.
- رسوم إدارة عقود المرابحة أو الإجارة: تحصل المؤسسة المالية على أجر أو عمولة مقابل شراء الأصول نيابةً عن العميل.
- خطابات الاعتماد: يرتب البنك العملية الكاملة لإصدار خطاب الاعتماد، ويتقاضى من العميل التكلفة الفعلية التي تحملها.
- خدمات إدارة الاستثمار والصناديق: تدير المؤسسة أموال العملاء وتحصل على عمولة مقابل خدمات الإدارة.
متى تكون العمولة جائزة في الإسلام؟
تصبح العمولة جائزة من منظور الشريعة الإسلامية إذا كان العقد متوافقًا مع أحكام الشريعة، وتم استيفاء جميع الشروط والأحكام الخاصة بعقد الوكالة.
أما إذا كان العقد مخالفًا لأحكام الشريعة، أو كان العقد في أصله جائزًا لكن شروط وأحكام الوكالة غير متوفرة بالكامل، فإن الوكالة والعمولة المترتبة عليها تكون غير جائزة شرعًا.
هل العمولة على المنصات الرقمية (المدفوعات الإلكترونية والتطبيقات) جائزة؟
نعم، يجوز دفع أو استلام العمولة عبر المنصات الإلكترونية أو التطبيقات، لأنها تعتبر مقابل خدمة مقدمة، والعمولة على الخدمات المشروعة جائزة شرعًا.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.