في عالم صناديق الاستثمار المتداولة سريع النمو، كيف يمكن للمستثمر المسلم أن يختار الصندوق المناسب؟
ما هي صناديق الاستثمار المتداولة؟
تعد صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة (ETFs) أحد أفضل الطرق لبدء الاستثمار، كما أنها توفر طريقة سريعة للاستفادة من مجموعة واسعة من الأصول بالنسبة للمستثمرين المخضرمين.
وشهدت السنوات الأخيرة تسارعًا في طرح صناديق الاستثمار المتداولة الجديدة، إذ ارتفع العدد من 276 صندوقًا في عام 2003، إلى 10 آلاف صندوق في الوقت الحالي، منهم 520 صندوقًا في عام 2023 وحده.
ويبدو أن الأمر لن يتوقف عن هذا الحد، فقد احتفظت صناديق الاستثمار المتداولة في جميع أنحاء العالم بحوالي 11.6 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة في نهاية عام 2023، بل تتوقع شركة برايس ووترهاوس كوبرز ارتفاع هذه الأصول المُدارة إلى 19.2 تريليون دولار بحلول يونيو 2028.
ومن هذا المنطلق، نريد أن نعرف لماذا هذا الزخم حول صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة؟ وكيف يمكن للمستثمرين المسلمين التأكد من أن هذا النوع من الاستثمار متوافق مع الشريعة الإسلامية، خاصة مع تزايد الخيارات؟ فيما يلي كافة التفاصيل:-
انتشار وصعود صناديق الاستثمار المتداولة
تكمن قوة صناديق الاستثمار المتداولة في عمقها وتنوعها، إذ يمكن لصندوق واحد أن يفتح إمكانية الوصول إلى العشرات، أو حتى الآلاف، من الأسهم دفعة واحدة.
وتم إطلاق أول صندوق استثمار متداول –S&P 500 SPDR (SPY)– في عام 1993 لتغطية الشركات الأمريكية ذات القيمة السوقية الكبيرة، وغالبًا ما كانت صناديق الاستثمار المتداولة تعمل في البداية بطريقة مماثلة بسيطة، عن طريق تتبع المؤشرات الرئيسية، لذلك تتطلب إدارة أقل من الصناديق الأخرى.
ومنذ ذلك الحين أصبحت صناديق الاستثمار المتداولة معقدة بشكل متزايد وغالبًا ما تكون متخصصة، ويمكنها الاحتفاظ بالسندات أو السلع وتغطية مناطق جغرافية وقطاعات مختلفة.
وأصبح بإمكان المستثمر شراء صناديق الاستثمار المتداولة المتخصصة في قطاع الطاقة أو الأسواق الناشئة أو شركات التكنولوجيا الكبرى.
وشهد العام الماضي إطلاق صندوق استثمار متداول للاستحواذ على الشركات التي تركز على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو Roundhill Generative AI & Technology ETF (CHAT).
وفي الوقت الحاضر، إذا كان بإمكانك التفكير للاستثمار في قطاع ما، فمن المحتمل أن يكون هناك صندوق استثمار متداول مناسب لك.
فوائد صناديق الاستثمار المتداولة
للوهلة الأولى، تبدو صناديق الاستثمار المتداولة مثل صناديق الاستثمار المشتركة، حيث تقوم بتجميع الأموال من المستثمرين لإنشاء محفظة متنوعة، ولكن هناك بعض الاختلافات الرئيسية والفوائد.
وعلى عكس صناديق الاستثمار المشتركة، التي تسمح بالمعاملات مرة واحدة فقط يوميًا وبسعر إغلاق السوق، يمكن للمستثمرين شراء وبيع صناديق الاستثمار المتداولة مباشرة بأسعار السوق في الوقت الفعلي، وتداولها مثل الأسهم، ما يجعلها ذات سيولة أعلى.
الميزة الثانية أن التداول في صناديق الاستثمار المتداولة خلال جلسة التداول يمنحك المرونة اللازمة لتكون إما مستثمرًا طويل الأجل أو شخصًا يقوم بإجراء معاملات سريعة ومتكررة.
أما الميزة الثالثة، فهى أن صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة تتطلب رسوم إدارة أقل من الأنواع الأخرى من الصناديق المُدارة، لأنها غالبًا ما تتم إدارتها بشكل سلبي (تتبع المؤشرات)، في حين تتم مراقبة صناديق الاستثمار المشتركة وإدارتها بشكل نشط.
وبلغ متوسط نسبة النفقات لصندوق استثمار متداول 0.16% في عام 2022 مقابل 0.66% لصندوق استثمار مشترك مُدار بشكل نشط، ومع ذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة الحلال (سنتناولها بالتفاصيل في السطور التالية) تميل إلى أن تكون لها رسوم أقرب إلى صناديق الاستثمار المشتركة.
كما أن هناك مزايا أخرى، إذ توفر صناديق الاستثمار المتداولة -بشكل عام- الوقت والمال عند مقارنتها باختيار الأسهم الفردية، فهى لا تحتاج إلى تقديم العشرات من بيانات الشركة ودفع رسوم وساطة كثيرة مقابل أسهم كل منها، ولهذا السبب تعتبر صناديق الاستثمار المتداولة بمثابة نعمة للمستثمرين المبتدئين.
ما هي صناديق الاستثمار المتداولة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية؟
كمستثمر مسلم، فإن ما يجعل صناديق الاستثمار المتداولة جذابة للغاية هو أيضًا ما يجعلها صعبة ومعقدة: فمن خلال تجميع عشرات الأصول معًا تحت مظلة واحدة، يزيد هيكل صناديق الاستثمار المتداولة من احتمالات الاستثمار في مجالات محظورة مثل القمار أو الكحول أو التبغ أو الربا.
ولحسن الحظ، أدى انتشار صناديق الاستثمار المتداولة إلى ظهور عدد متزايد من الخيارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، إذ تمتلك أصولًا خاضعة للرقابة الشرعية وغالبًا ما تتم مراقبتها من قبل علماء المسلمين.
وتشمل الصناديق الشهيرة: the Wahed FTSE USA Sharia ETF (HLAL)، الذي يستثمر في أسهم الشركات ذات قيمة سوقية كبيرة ومتوسطة داخل البورصة الأميركية، فضلًا عن صندوق "SP Funds S&P 500 Sharia Industry Exclusions ETF (SPUS)"، الذي يقوم باستبعاد أسهم شركات مؤشرات ستاندرد آند بورز الغير متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
وهناك العديد من صناديق الاستثمار المتداولة الحلال:
SP Funds S&P Global REIT Sharia ETF (SPRE)
iShares MSCI World Islamic UCITS ETF (ISWD.SW)
iShares MSCI EM Islamic UCITS ETF (ISDE.L)
iShares MSCI USA Islamic UCITS ETF (ISUS.L)
SP Funds Dow Jones Global Sukuk ETF (SPSK)
Wealthsimple Shariah World Equity Index ETF (WSHR.NE)
فحص صناديق الاستثمار المتداولة الحلال
من أجل التعرض والتعرف على عدد أكثر يفوق صناديق الاستثمار المتداولة المعتمدة مسبقًا، فسيتعين عليك فحص الأصول الأساسية لصناديق الاستثمار المتداولة بنفسك، وهو أمر سهل حاليًا، إذ يمكن أن تساعدك خدمات فحص الأسهم الحلال عبر الإنترنت في تحديد ما إذا كان صندوق الاستثمار المتداول يستثمر في أصول محظورة.
ويمكن لمنصات التمويل الإسلامي مثل "Musaffa" و"Islamicly" و"Zoya" فحص الأسهم وصناديق الاستثمار المتداولة وتحديد ما إذا كانت حلالًا.
وعند اكتشاف المستثمر المسلم أنه قد استثمر نسبة صغيرة من أصول صناديق الاستثمار المتداولة في مجال محظور، فلا يزال لديه خيار آخر: وهو تنقية الأرباح وجعلها حلالًا من خلال التبرع بنفس النسبة للجمعيات الخيرية، ويمكن أن تساعد المنصات المذكورة أعلاه في حساب مستوى التنقية المطلوب.
اقرأ المزيد عن: الاستثمار الحلال
تجنب صناديق الاستثمار المتداولة الاصطناعية
في حين أن معظم صناديق الاستثمار المتداولة تستثمر بشكل مباشر في الأصول الأساسية، فإن حوالي 11% من صناديق الاستثمار المتداولة في العالم، تُعرف باسم صناديق الاستثمار المتداولة الاصطناعية.
لا تستثمر صناديق الاستثمار المتداولة الاصطناعية بشكل مباشر في الأصول التي تمتلكها، لكنها تعتمد على المشتقات المعقدة والمقايضات، التي تحاكي المؤشرات.
ومن منظور الشريعة الإسلامية ينبغي تجنب هذا النوع من صناديق الاستثمار المتداولة لأنها تنخرط في تجارة المضاربة، ولا تتمتع بالشفافية فيما يتعلق بأصولها، وغالبًا ما تنطوي على معاملات قائمة على الفائدة.
كيفية اختيار صندوق الاستثمار المتداول الأفضل
بعد التأكد من شرعية صندوق الاستثمار المتداول، ما يزال هناك سؤالًا استثماريًا أساسيًا: ما هو صندوق الاستثمار المتداول الذي يستحق أن تستثمر فيه بالفعل؟
هناك طريقة بسيطة لقياس أداء صناديق الاستثمار المتداولة وهي مقارنتها بمعيار قياسي، مثل مؤشر ستاندرد آند بورز 500، لمعرفة هل كان أداء صندوق الاستثمار المتداول الخاص بك أفضل أم أسوأ؟
ومع ذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة غالبًا ما تكون استثمارات طويلة الأجل، وهذا يعني أنك قد ترغب في النظر إلى معدل النمو السنوي المركب (CAGR)، وهو مقياس أفضل للأداء على المدى الطويل.
ويمكنك استخدام حاسبة معدل نمو سنوي مركب عبر الإنترنت ومقارنة صناديق الاستثمار المتداولة المختلفة خلال فترة زمنية معينة لمعرفة أي منها حقق أداءً أفضل.
ومن شأن معرفة معدل النمو المركب أن يخبرك بمدى نمو الاستثمار فعليًا على مدى فترة زمنية أطول، لأنه يأخذ في حسبانه إعادة استثمار الأرباح.
المزايا الضريبية لصناديق الاستثمار المتداولة
أخيرًا، من المفيد دراسة المزايا الضريبية المحتملة لصندوق الاستثمار المتداول الخاص بك قبل إجراء عملية الشراء.
وبشكل عام، تعد صناديق الاستثمار المتداولة أكثر كفاءة من الناحية الضريبية من صناديق الاستثمار المشتركة، لأن العديد منها يتتبع المؤشرات، فإنها عادة ما يكون معدل دورانها أقل ومن ثم عدد أقل من الإجراءات الخاضعة للضريبة.
في كثير من الحالات، لا يؤدي بيع أسهم صناديق الاستثمار المتداولة إلى فرض ضرائب على أرباح رأس المال أيضًا.
ويمكنك الاحتفاظ بصناديق الاستثمار المتداولة في حسابات التقاعد المختلفة مثل "IRA" أو"401k" التي تسمح بالنمو الضريبي المؤجل -القدرة على تأخير دفع الضرائب على الأرباح الناتجة عن الاستثمار.
كما يمكن للمستثمرين في كثير من الأحيان إعادة استثمار أرباح الأسهم ومكاسب رأس المال في صناديق الاستثمار المتداولة دون ضرائب فورية.
على أي حال، سيتم تحديد الضرائب الدقيقة لصندوق الاستثمار المتداول الخاص بك وفقًا لطبيعة أصوله وكيفية إدارتها، لذلك من الأفضل دائمًا استشارة متخصص في الضرائب.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر