تمويل الديون مقابل تمويل الملكية: كيف يجب أن تمول شركتك؟

كل شيء يأتي بثمن حتى المال؛ فإذا كنت تريد أن تصبح شركتك أحد شركات اليونيكورن -وهي الشركات الناشئة التي تبلغ قيمتها مليار دولار أو أكثر-، فستحتاج إلى التمويل.

وتعتمد معظم الشركات الناجحة على مزيج من الديون وحقوق الملكية لتمويل وتوسيع عملياتها التجارية، لكن هل هذا هو الوقت المناسب لأخذ القرض؟ هل يجب عليك بدلاً من ذلك بيع حصة؟ فيما يلي بعض العوامل التي تساعدك على اتخاذ القرار الصحيح.

ما هي أنواع التمويل بالديون؟

هناك العديد من أشكال تمويل الديون، ولكن تندرج تحت نفس المنطق عادة: اقترض ما تحتاج إليه الآن ثم قم بسداده لاحقًا، مع دفع الفائدة.

وتقدم القروض المصرفية التقليدية مبلغًا كبيرًا من رأس المال يتم سداده وفقًا لجدول زمني محدد، ويكون هذا مناسب للخطط الكبيرة وطويلة الأجل، مثل شراء مبنى أو مصنع جديد، في حين يكون خط الائتمان البسيط مفيدًا للاحتياجات قصيرة المدى، مثل الرواتب.

ويعمل طرح السندات بشكل أساسي بنفس الطريقة -تحصل على مبلغ كبير من المال الآن وتسدد للمُقرضين لاحقًا، مع الفائدة.

ومن ضمن أفضل أشكال تمويل الديون، التخصيم ويعني أنك تقوم بتحويل ديونك المستحقة (الفواتير) غير المدفوعة إلى طرف ثالث من أجل الحصول على أموال فورية، وهذا يحدث مقابل دفع رسوم.

لماذا تختار تمويل الديون؟

يمكن أن يكون الاقتراض هو الطريق الذكي لتوسيع أعمال شركتك، وبالتأكيد، قد تتمكن من استخدام إيراداتك -أيضًا- لتوسيع نطاق أعمالك، لكن هذا قد لا يكون الاستغلال الأكثر حكمة لأموالك، خاصة عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة.

وعلى عكس تمويل  الملكية، يمنحك الدين عمومًا حرية هائلة في كيفية إنفاق الأموال، قد يفرض المقرضون شروطًا، ولكن لا يوجد تدخل يذكر في عملك، قد تحتاج إلى أصول للحصول على ضمانات، ولكنك ستحتفظ بملكية الشركة.

الوضع الحالي لمعدلات الفائدة

عند الحديث عن تمويل الديون، فإن السؤال الرئيسي بالطبع سيكون عن تكلفة سداد الديون، وفي الوقت الحالي، تتراوح أسعار الفائدة الأميركية بين 5.25% و5.50%، بعدما بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي عمليات رفع الفائدة في مارس 2022، من مستويات قريبة من الصفر.

وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الفائدة على مستوى العالم، ورغم تصريحات بنك الاحتياطي الفيدرالي وتوقعاته بتخفيض الفائدة 3 مرات مقدار 75 نقطة أساس قبل نهاية العام، إلا أن الفائدة في الوقت الحالي تقف عند أعلى مستوى منذ أكثر من 23 عامًا.

ولمزيد من التوضيح هذا يعني أن القروض حاليًا أغلى بكثير مما كانت عليه قبل مارس 2022، وعادة ما تكون الشركات الصغيرة هي الأكثر تأثرًا بارتفاع أسعار الفائدة لأن البنوك تقدم لها بالفعل أسعار فائدة أعلى من الشركات الكبيرة.

شروط الحصول على قرض

تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة تحديدًا صعوبة في الحصول على التمويل -حتى وإن كانت مؤهلة للحصول على قرض-، ولهذا السبب يعاني العالم العربي من فجوة تمويلية تبلغ 123 مليار دولار تقريبًا.

وعلى سبيل المثال، يذهب 5% فقط من الإقراض المصرفي في دولة الإمارات إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو معدل أقل من المتوسطات العالمية.

وحتى تكون الشركة مؤهلة للحصول على قرض، فإنها تحتاج إلى درجة ائتمانية جيدة، وموارد مالية قوية وضمانات، على الأقل إذا كنت تريد سعر فائدة تنافسي، لكن الجانب الإيجابي هو أن القدرة على سداد الديون بمرور الوقت ستعزز درجة الائتمان الخاصة بالشركة، ما سيساعدها في الحصول على أسعار فائدة أفضل مستقبلًا.

إذا كنت من الشركات الصغيرة والمتوسطة في الإمارات، فهناك عدد متزايد من الخيارات الجيدة المتاحة للتمويل، ويمكنك الاطلاع على دليلنا حول مبادرات الإقراض في الإمارات للشركات الصغيرة والمتوسطة لمعرفة المزيد.

كيف تستطيع سداد القرض؟

يجب على الشركة أن تحقق إيرادات كافية لسداد القروض، إذ يتطلب التمويل بالدين تدفقًا نقديًا جيدًا على أن يكون معدل العائد الذي تحققه الشركة أعلى من معدل الفائدة.

وإن لم يتحقق ذلك، فإن تمويل الديون سيكون خيارًا خاسرًا، لأن تضخم مدفوعات الديون سيؤدي إلى الإضرار بالتدفق النقدي لدى الشركة، ومن ثم يؤدي إلى تقليل الأموال المخصصة لتوسعات أعمال الشركة.

الكفاءة الضريبية

هناك فائدة محتملة أخرى وهي أن الديون غالبًا ما تكون معفاة من الضرائب، وهذا يمكن أن يقلل من تكلفة الاقتراض، لكن هذا يعتمد على نوع الدين وكيفية استخدامه، لذا يجب استشارة أحد المتخصصين في الضرائب.

نسبة الدين إلى حقوق الملكية

عند الحصول على قرض، يجب معرفة أن مستوى ديون شركتك يمكن أن يؤثر في آفاقها المستقبلية، وفي هذا الصدد يُعد مقياس نسبة الدين إلى حقوق الملكية -إجمالي التزامات الشركة مقسومًا على إجمالي حقوق المساهمين- وهو المقياس الرئيسي لاعتماد الشركة على الديون.

ويمكن أن تشير النسبة المرتفعة إلى المخاطر وتخيف المستثمرين، في حين أن النسبة المنخفضة جدًا قد تشير إلى وجود فرصة واسعة للنمو من خلال المزيد من الاقتراض لتوسيع العمليات.

هل الوقت مناسب لتمويل الملكية؟

وسط معدلات الفائدة المرتفعة حاليًا لأعلى مستوياتها في أكثر من عقدين، فإن التمويل عن طريق حقوق الملكية قد يكون خيارًا مناسبًا مقارنة بتمويل الديون.

وبافتراض أنك لا تريد تحمل المزيد من الديون أو ربما لا يكون لديك تدفقًا نقديًا قويًا، فإن خطر التخلف عن سداد الديون يكون مرتفعًا للغاية بحيث لا يمكنك الاقتراض، وفي هذه اللحظة يكون من المناسب جدًا البحث عن التمويل عن طريق حقوق الملكية، بمعنى إمكانية زيادة رأس المال عن طريق بيع حصة في الشركة أو إصدار أسهم للمستثمرين.

ويُعد تمويل  الملكية إستراتيجية شائعة لدى الشركات الناشئة، وهذا ليس مفاجئًا نظرًا للصعوبة التي تواجهها هذه الشركات في الحصول على القروض.

وفي منطقة الخليج، أصبح تمويل الأسهم أكثر شيوعًا، مع سعي العديد من شركات الأسهم الخاصة إلى الاستثمار وتأسيس أعمال تجارية.

وأمام ذلك، من الذي يمكن أن يشترى حصة من شركتك؟ بالطبع هذا يعتمد على مكانة وقوة وسمعة شركتك.

وبالنسبة إلى الشركات الناشئة، فإن المستثمرين الملائكة هم الأكثر حماسة للاستثمار فيها، خاصة وأن هذه الشركات قد تتمتع بإمكانات نمو قوية قادرة على جذب تمويل رأس المال الاستثماري.

هناك خيار جيد آخر وهو التمويل الجماعي، الذي يعني جمع مبالغ صغيرة من المال من مجموعات كبيرة من المستثمرين، ويلقي هذا الخيار رواجًا في منطقة الخليج وسط الإصلاحات التنظيمية.

ما هي إيجابيات تمويل الملكية؟

هناك فوائد كبيرة لتمويل الملكية، فعلى عكس الديون، ليس من الضروري سداد الأموال، وهذا يحافظ على استمرار التدفق النقدي لتوسيع أعمال الشركة وغيرها من الأمور.

الأمر الثاني أن هذا النوع من التمويل غالبًا ما يجلب مستثمرين جدد ويوسّع دائرة المساهمين في الشركة أكثر من مجرد جذب أموالهم، وهذا يتيح للشركات الصغيرة الاستفادة من شبكتها الواسعة من المستثمرين؛ حيث قد تكون معرفة المستثمرين ومهاراتهم المتخصصة مفتاح التغلب على المنافسة الشديدة، كما أن زيادة عدد المساهمين يعطي الشركة المزيد من الثقة.

ما هي سلبيات تمويل الملكية؟

يتيح تمويل الملكية للمستثمرين الحصول على حصة من شركتك، وهذا يعني أنهم يحصلون على جزء من الأرباح وفقًا لهذه الحصة، وإذا قمت ببيع الشركة، فإن المستثمرين يحصلون على نسبة مئوية من العائدات.

ورغم ذلك، فإن القضية الشائكة على الإطلاق هي فقدان السيطرة، فإذا حصل المستثمر على حصة كبيرة من أسهم الشركة، فإنه يحصل على حق للتصويت داخل مجلس إدارة الشركة.

ويمكن للمستثمرين الكبار الضغط من أجل تعيين مديرين جدد في مجلس الإدارة أو إجراء تغييرات جذرية في سياسة الشركة، والأكثر من ذلك، يمكنهم القيام بعملية استحواذ عدائية على شركتك، على طريقة جوردون جيكو، لكن هذا الأمر غير مرجح في الغالب.

والشاغل الأكثر إلحاحًا هو تقييم شركتك عند بيع حصة ملكية؛ ففي السوق الهابطة، قد يمنح المستثمرون شركتك تقييمًا منخفضًا، وهذا يعني أنه يتعين عليك بيع حصة أكبر للحصول على نفس المبلغ النقدي.

كما قلنا في البداية، المال له ثمن، فما هو المبلغ الذي أنت مستعد لدفعه؟