العربية
تؤدي حيازة الشيء دورًا مهمًا وأساسيًا في عقد البيع والشراء بموجب الشريعة والفقه الإسلامي، كونها تحدد صحة العقد.
ففي حال عدم وجود الحيازة، يُعتبر العقد لاغيًا أو باطلاً، وقد تكون الحيازة أحيانًا صحيحة وأحيانًا غير صحيحة، مما يؤثر بشكل كبير على إتمام العقد.
ومن شأن حيازة المشتري لشيء ما أن تحدد حقوقه فيه، فالحيازة الصحيحة تعني نقل المسؤولية عن الشيء إلى من يملكها، بمعنى أنه عندما يحوز المشتري سلعة ما، فإن يتحمل جميع الآثار المترتبة على ذلك مثل العيوب والتلف أو انخفاض قيمة هذه السلعة.
ومن خلال الحيازة، يكتسب الحائز حق التصرف في السلعة المملوكة ويصبح صاحب جميع الحقوق المرتبطة بها.
قبض معناها أخذ، على سبيل المثال، "قبض الشيء" معناها أخذه أي استلمه، و"صار الشيء في قبضتك" أي أصبح ملكك، و"قبضه المال" أي أعطاه المال.
وبحسب هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي)، فإن القبض أو الحيازة هي اكتساب الأشياء أو ما يحكمه من خلال قواعدها حسب العادات المتبعة،
والأصل في تحديد حيازة الشيء هو العرف، فالأشياء تختلف طبيعتها، وتحدد حيازة الشيء تبعاً لذلك. (أمة، 2019).
اقرأ المزيد عن : أساسيات نماذج تقاسم الأرباح والخسائر المتوافقة مع الشريعة الإسلامية
تؤدي الحيازة دورًا مهمًا في تبادل السلع في الشريعة الإسلامية، وبدون الحيازة، يُعتبر العقد ناقصًا، ولا يحق للمشتري التصرف في الشيء المبيع.
وإذا قام البائع ببيع السلعة أو أي شيء ما قبل أن يتملكها بشكل فعلي أو قانوني، يُعتبر العقد باطلاً وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية. (عثماني، 2015).
يعد القبض (الحيازة) للشيء المبيع شرطًا أساسيًا للمشتري إذا كان ينوي بيعه لشخص آخر، وفي غياب الحيازة يكون البيع باطلاً.
على سبيل المثال، إذا اشترى الشخص "أ" سيارة من الشخص "ب"، فلا يحق له بيعها للشخص "ج" قبل أن يحصل على الحيازة الفعلية للسيارة، وإذا فعل ذلك، يُعتبر البيع باطلاً. (عثماني، 2015).
تنقسم الحيازة إلى نوعين رئيسيين:
تحدث عندما يقوم البائع بتسليم الممتلكات المنقولة وغير المنقولة عن طريق التخلي عنها وتمكين الطرف الآخر من التصرف فيها، ويتم تحديدها بناءً على العُرف المتبع، الذي يختلف حسب نوع الأصل.
تحدث عندما يتم إصدار مستندات تمثل الممتلكات المنقولة أو غير المنقولة، ويُعتبر حيازة هذه المستندات بمثابة حيازة للأصل معترف بها قانونًا.
إن إجماع الفقهاء هو الركيزة الأساسية في اعتبار العُرف أساسًا للحيازة، فقد ذكر ابن تيمية أنه بما أن الحيازة ليس لها تعريف محدد في اللغة أو الشريعة، فإنه يجب الرجوع إلى عُرف الناس في تحديدها.
كما ورد في الحديث الشريف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "من اشترى طعامًا فلا يبيعه حتى يقبضه". (مجموع الفتاوى، ابن تيمية [3: 272]).
وأوضح الخطابي أن شكل الحيازة يختلف تبعًا لطبيعة الأشياء، بحسب طبيعتها واختلاف تصرفات الناس فيها. معالم السنن للخطابي [3: 136]. (أمة، 2019).
هو التخلي عن الممتلكات غير المنقولة وفقًا للعُرف وقد أجمع جمهور الفقهاء، من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة وغيرهم، على أن حيازة الأصل تتحدد بالتنازل عنه من قبل وتسهيل التصرف فيه من جانب المشتري.
كما يشترط فقهاء الحنفية أنه إذا وُضع قفل على العقار، فإن تسليم المفتاح مع التنازل عن العقار يعتبر كافيًا للحيازة، حتى يتمكن الحائز من فتحه دون صعوبة. (رد المحتار [4: 561]؛ الفتاوى الهندية [3: 16]؛ انظر المواد 270 و271 في مجلة الأحكام العدلية). (الأمة، 2019).
يعتمد أساس تسجيل الممتلكات العقارية في حالات الرهن على العرف السائد، ويتم تطبيق ذلك في الدول التي تبنت نظام التسجيل، حيث يُعتبر القيد في السجل بمثابة حيازة، مع كافة المتطلبات القانونية المترتبة عليها.
في هذا السياق، تُعتبر الحيازة الحكمية بديلاً عن الحيازة الفعلية. (المدخل الفقهي العام لأحمد الزرقا [1: 278] و [2: 648] الهامش). (الأمة، 2019)
تُثبت حيازة الممتلكات المنقولة، وكذلك المسؤوليات وفق الوصف، بالتنازل عنها وتسليمها إلى المشتري بطريقة تضمن عدم وجود عوائق في استخدام الممتلكات.
أساس حيازة الممتلكات المنقولة مثل السيارات والطائرات والقطارات
يعتمد أساس حيازة الممتلكات المنقولة، مثل السيارات والطائرات والقطارات، من خلال التسجيل في السجل الرسمي (المطبق في البلدان التي تعتمد تسجيل المنقولات) على أنها حيازة حكمية، وهي بمثابة بديل عن الحيازة الفعلية.
يحدث عندما يُتم عقد البيع، ويقوم البائع بتسليم الشيء المبيع للمشتري فورًا، دون أي تأخير.
حدث عندما يتم إبرام عقد البيع على الفور، لكن تسليم الأصل أو الممتلكات يتم في وقت لاحق، ويظهر هذا النوع من القبض بشكل شائع في عقود الإيجار، حيث تُسلم مستندات العقار أو المركبات للمشتري في وقت لاحق بعد إتمام الاتفاق.
يعد القبض عنصرًا أساسيًا لإتمام العقد بشكل صحيح، ففي غياب القبض (الحيازة)، يُعتبر العقد غير مكتمل، وتظل الشروط والأحكام المتعلقة بالممتلكات معلقة.
كما أن حيازة العقار أي من الممتلكات تُعد بمثابة تأكيد على حقوق المشتري فيها، ويعني أيضًا الوفاء بالتزامات البائع.
اقرأ المزيد عن: ما هي أنواع المشاركة؟ نظرة عامة على مفهوم المشاركة وأهميتها في الإسلام
تنفيذ العقد بناءً على القبض
يعتمد تنفيذ العقد على القبض، حيث يُعتبر العقد ساريًا وكاملًا فقط عندما يتم نقل الحيازة على الممتلكات، في غياب الحيازة، لا يكون للمشتري الحق في التصرف بالممتلكات.
لذلك، يُعتبر القبض ضروري قانونيًا لكي يتمكن كل من البائع والمشتري من الوفاء بالتزاماتهما، وبمجرد نقل الحيازة، يصبح العقد نافذًا للمشتري.
المراجع
أمة، م. س. (2019). آيوفي. الاستدامة (سويسرا)، 11(1)، 1-14.
https://www.researchgate.net/publication/305320484_SISTEM_PEMBETUNGAN_TERPUSAT_STRATEGI_MELESTARI
عثماني، م. إ. ع. (2015). دليل في التمويل الإسلامي (إصدار جديد). 342.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر
