إستراتيجيات الممولين للتخفيف من سلبيات عقود المضاربة
ما هي عقود المضاربة؟
عقود المضاربة -عقد إسلامي يتفق فيه الممول (رب المال) مع متلقي التمويل (المضارب) على تقاسم الأرباح، مع تحمُّل الأول جميع المخاطر المالية الخاصة بمشروع أو عمل ما- يمكن أن تكون مفيدة للغاية لأصحاب الأعمال والمؤسسين الذين يتلقون التمويل، لكنها قد تكون محفوفة بالمخاطر للطرف الآخر وهو الممول (رب المال).
ورغم أن المضاربة توفر بعض المزايا للممول، (كما هو موضح في مدخل سابق)، فإنها بشكل عام تُعطي أفضلية للمستفيد من التمويل (المضارب) من حيث المسؤولية المالية والسيطرة على القرارات الخاصة بالعمل.
ومع ذلك، هناك إستراتيجيات يمكن أن يعتمد عليها الممولين للتخفيف من حدّة سلبيات المضاربة والاحتفاظ ببعض السيطرة على العمل أو المشروع الذي يتم تمويله من خلال عقد المضاربة.
اقرأ المزيد عن: دليلك الشامل لعقود المضاربة
كيف تُميّز عقود المضاربة المضارب بشكل عام؟
قبل أن نتعمق في الإستراتيجيات، من الضروري معرفة كيف ولماذا تفيد عقود المضاربة المضارب أكثر من الممول في النقاط التالية:
- النقطة الرئيسية أن الممول يتحمل كافة المسؤولية المالية، إذ يتعين عليه توفير التمويل اللازم للمشروع، في المقابل لا يشارك المضارب بأي تمويل، كما أن المضارب لا يتحمل أي مسؤولية مالية في حالة فشل المشروع، باستثناء حالات سوء التصرف والإهمال.
- رغم تحمل "رب المال" لكافة المسؤولية المالية والمخاطر للمشروع، فإن ليس لديه إلا بعض السيطرة والتدخل في المشروع؛ إذ تقع الإدارة اليومية في يد المضارب، رغم إمكان وضع بعض الضوابط التي تحكم ذلك (سنناقشها لاحقًا).
-غياب الشفافية والمخاطر الأخلاقية هما أكثر ما يشتكي منه الممول في عقود المضاربة، وبدون وجود أسس مناسبة للحوكمة المؤسسية، من السهل على المضارب تضليل وإخفاء جوانب أساسية من العمل عن الممولين، كما أن غياب إجراءات للمساءلة الفعالة قد يؤدي إلى سوء إدارة التمويل المُقدم.
تظل مشكلة المخاطر الأخلاقية قائمة حتى في الحالات التي لا يوجد فيها أي سوء تصرف أو إهمال، لأن متلقي التمويل لا يشعر بالضغط المالي لتحقيق النجاح كونه لم يسهم بالكثير في المشروع، وسيحصل على حصة أقل من الأرباح مقارنةً بالممول.
كيف يمكن للممول تقليل عيوب عقود المضاربة؟
يمكن التخفيف من العيوب والسلبيات المتعلقة بتمويل عقد المضاربة من خلال وسيلتين رئيسيتين: هيكلة وتصميم العقد أو الصفقة بشكل صحيح، وإعداد هياكل حوكمة مؤسسية مناسبة وفعالة.
من خلال هاتين الوسيلتين يمكن استنباط وتحديد عدة إستراتيجيات تُساعد في إدارة المخاطر المرتبطة بعقد المضاربة وتوفير بيئة استثمارية أكثر أمانًا، وتشمل هذه الإستراتيجيات ما يلي:
العناية الواجبة الفعالة
من الضروري قبل الدخول في أي علاقة مالية أن يقوم الطرف الممول بإجراء البحث المناسب للتأكد من أن المضارب لديه الخبرة والمعرفة اللازمة لإدارة المشروع بنجاح.
ويشمل ذلك إجراء الفحوصات الخلفية ودراسة الأداء السابق للمضارب في أعمال أخرى مماثلة، ومن الضروري أيضًا أن يقوم الممول بإجراء البحث اللازم حول القطاع الذي تعمل فيه الشركة أو المشروع، من أجل فهم ديناميكيات السوق بشكل أفضل وعدم الاعتماد فقط على ما يقوله المضارب.
استخدام المضاربة المقيدة
في المضاربة المقيدة، يمكن للممول أن يحد من الأنشطة والعمليات ونوع القطاعات التي يمكن أن يشارك فيها المضارب، وهذا يوفر نوعًا من السيطرة الأولية لصاحب رأس المال على أنشطة الشركة، كما يساعد على ضمان استخدام رأس المال بطريقة تتماشى مع شهية المخاطرة لدى الممول.
على النقيض من ذلك، فإن المضاربة المطلقة (أو المضاربة غير المقيدة) تسمح للمضارب بالسيطرة والحرية الكاملة في كيفية استثمار رأس المال وقد ينخرط في أنشطة تتجاوز رغبة المستثمر في المخاطرة.
التحكم والمراقبة المنتظمة
إرساء نظام للتحكم والمراقبة المنتظمة أمر ضروري يساعد رب المال على متابعة أداء المشروع أو الشركة بانتظام، ويمكن لهذه الشفافية أن تقلل من مخاطر سوء الإدارة، وقد يشمل ذلك إنشاء العديد من اللجان المستقلة التي تراقب الأداء على فترات منتظمة، مثل لجنة التدقيق لمراقبة الشؤون المالية للشركة.
وقد يتطلب ذلك أيضًا اجتماعات منتظمة لمجلس الإدارة لتقييم الوضح الحالي للشركة بناءً على المعايير الأساسية ومؤشرات الأداء.
إقرار حوافز مُشجعة
رغم أن عقود المضاربة تتطلب أن يحصل المضارب على جزء من الأرباح، إلا أنها في بعض الأحيان لا تكون كافية لتحفيزه على العمل بجدية أكبر من أجل نجاح المشروع، وقد يشمل ذلك منحه حصة إضافية في الأرباح، الأفضل من ذلك أن تكون هذه الحصة الإضافية مشروطة باستيفاء معايير أداء معينة.
وجود عقد واضح
من الضروري أن يتضمن عقد المضاربة شروطًا وأحكامًا واضحة تحدد إجراءات المراقبة والتحكم، ونسب تقاسم الأرباح، وهياكل الحوافز الأخرى، وهذا يضمن توضيح كافة المتطلبات المذكورة أعلاه والحد من أي نزاعات قد تظهر مستقبلًا.
وجود فريق من المستشارين المستقلين
من الضروري وجود فريق من المستشارين لضمان استغلال رأس المال المستَثمر تماشيًا مع رغبة ومعايير صاحب رأس المال، وذلك عبر ضمان صحة إجراءات المحاسبة والمراقبة المالية والممارسات التجارية أو حتى الالتزام بالشريعة الإسلامية في إدارة المشروع.
ويمكن للمستشارين تقديم المشورة للممول مباشرة أو يكونوا جزءًا من إجراءات المراقبة المعتمدة للشركة أو المشروع.
التنويع
يعتبر التنويع أفضل وسائل الحماية ضد نقاط الضعف في المحفظة الاستثمارية، لذلك من الضروري امتلاك استثمارات متعددة للتحوط ضد احتمالية فشل أي مشروع.
اقرأ المزيد عن: كيف يمكن للشركات الصغيرة و المتوسطة الاستفادة من المضاربة؟
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر