العربية
لا شك أن تحديد مدة الاحتفاظ بالاستثمارات من أهم القرارات التي يواجهها المستثمرون، وبصفة عامة يتم تصنيف إستراتيجيات الاستثمار على أنها قصيرة الأجل أو طويلة الأجل.
وتركز إستراتيجيات قصيرة الأجل على توافر السيولة وتحقيق أرباح سريعة، مع توقع الحصول على العوائد في غضون أشهر أو سنوات قليلة.
أما إستراتيجيات طويلة الأجل، فهي تركز على تراكم الأرباح وزيادة رأس المال مع مواجهة تقلبات السوق على مدار عدة سنوات أو عقود.
ومن شأن فهم هذه الإستراتيجيات أن يساعد المستثمر على ملاءمة المحفظة الاستثمارية وتكييفها مع الأفق الزمني للاستثمار، إلى جانب القدرة على تحمل المخاطر، والأهداف المالية.
ليس المدة الزمنية فقط هي الفارق بين الاستثمارات قصيرة وطويلة الأجل، بل تمثل هذه الإستراتيجيات -أيضًا- وجهات نظر مختلفة حول سلوك السوق وطرق تحقيق العوائد.
ففي الإستراتيجيات قصيرة الأجل يعتمد المستثمرون عادة على الزخم والأخبار والتوقيت المناسب بشأن أصل معين، أما في الاستثمارات طويلة الأجل، يعتمد المستثمرون على الصبر حيال قرارات الشراء أو البيع إلى جانب والأسس الاقتصادية القوية، والنمو المستمر للأرباح وتوزيعاتها.
وفهم هذه الاختلافات يساعدك في اختيار الإستراتيجيات التي تتناسب مع احتياجاتك الفورية للسيولة أو طموحاتك في تحقيق نمو مستدام نحو أهدافك المستقبلية مثل التقاعد.
تشمل الاستثمارات قصيرة الأجل عادة الأوراق المالية المخطط أن يتم بيعها خلال فترة تتراوح بين سنة إلى ثلاث سنوات، وتركز هذه الإستراتيجيات على توفير المرونة والحفاظ على رأس المال.
ويلجأ المستثمرون لهذه الإستراتيجية لتلبية احتياجات مالية عاجلة، أو التحوط من الأزمات الاقتصادية المحتملة، أو للاستفادة من فرص السوق المؤقتة.
توفر هذه الأدوات الأمان والسيولة، مما يضمن توافر رأس المال بسهولة، على الرغم من أن العوائد ليست كبيرة.
٢- شهادات الإيداع والسندات قصيرة الأجل
هذه الأوراق المالية ذات الدخل الثابت تكون مستحقة الدفع خلال مدة قصيرة، وتوفر عوائد مستقرة -وإن كانت محدودة- مع مخاطر أقل من تقلبات أسعار الفائدة.
يحقق بعض المستثمرين أرباحًا من تحركات الأسعار اليومية أو الأسبوعية، ومع ذلك، فإن التداول بشكل متكرر قد يتسبب في تكاليف مرتفعة، وقد يؤدي إلى عوائد أقل بسبب اتخاذ قرارات استثمارية عاطفية.
اقرأ المزيد عن: ما هو الفرق بين الوديعة الثابتة التقليدية والوديعة الثابتة الإسلامية؟
في الإستراتيجيات طويلة الأجل يخطط المستثمرون للحفاظ على استثماراتهم لفترة تصل إلى عدة سنوات أو حتى عقود، للاستفادة من العوائد المركبة المعاد استثمارها، فمع مرور الوقت تتراكم الفائدة وتوزيعات الأرباح وغيرها من العوائد.
ونظرًا لأن أسعار الأسهم تعكس عمومًا النمو الاقتصادي وأرباح الشركات على المدى الطويل، تعتمد الإستراتيجيات طويلة الأجل بشكل أكبر على التحليل الأساسي بدلاً من توجهات السوق قصيرة الأجل.
- العوائد المركبة: المكاسب السنوية الصغيرة يمكن أن تتراكم بشكل كبير بمرور الوقت
- تقليل ضغط الوقت المتعلق بالقرارات الاستثمارية: في الاستثمار طويل الأجل لا يحتاج المستثمرون إلى الاستجابة لكل تقلبات السوق.
- الاستفادة من عوائد الأسهم الأعلى: تاريخيًا غالبًا ما تفوقت الأسهم على الأدوات قصيرة الأجل على مدى فترات طويلة.
اقرأ المزيد عن: الاستثمار المركب مقابل الاستثمار البسيط
- انخفاض السيولة: لا يمكن الوصول بسهولة إلى الأموال المخصصة للاستثمارات طويلة الأجل.
- ضرورة التحلي بالصبر: فترات السوق الهابطة التي تستمر لسنوات عديدة تكون اختبارًا لصبر وثبات المستثمرين.
- المرونة والسيولة: توفر الوصول السريع إلى رأس المال مما يسهل التكيف مع تغيرات الأولويات المالية.
- تقليل التعرض لفترات للانخفاضات الطويلة في الأسواق: عدم الالتزام بالاستثمار طويل الأجل يساعد في تجنب بعض الأسواق الهابطة طويلة المدى.
- محدودية تراكم العوائد: الأفق الزمني القصير يقلل من فوائد إعادة استثمار العوائد بشكل كامل.
- زيادة تكاليف المعاملات والتداول العاطفي: كثرة التداول ترفع الرسوم وتؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة.
- الأسهم وصناديق الأسهم: تاريخيًا، أظهرت الأسهم نموًا قويًا على المدى الطويل، مما يعكس التقدم الاقتصادي العام.
- السندات طويلة الأجل: توفر هذه السندات عادةً دخلًا ثابتًا ومتوقعًا، ويمكن أن تساهم في تحقيق التوازن في المحفظة بجانب الأسهم.
- العقارات وحسابات التقاعد: تستفيد الاستثمارات في العقارات وحسابات التقاعد من العوائد المركبة على المدى الطويل، مما يجعلها أساسًا لبناء الثروة على المدى البعيد.
يعتمد اختيار الإستراتيجية قصيرة الأجل أو طويلة الأجل على الأهداف الشخصية، والرغبة في المخاطرة، والقدرة على الصبر في مواجهة تغيرات السوق.
وقد تناسب الإستراتيجية قصيرة الأجل أولئك الذين يسعون إلى التوافر الدائم للسيولة أو الذين لديهم القدرة على التكيف مع المتغيرات السوقية السريعة.
من ناحية أخرى، غالبًا ما تكافئ إستراتيجية الاستثمار طويل الأجل المستثمرين الذين يتحلون بالصبر ويسعون لتحقيق نمو كبير على المدى البعيد، ومستعدين لتحمل تقلبات السوق.
وأظهرت الأبحاث أن الاستثمار طويل الأجل والصبر غالبًا ما يؤديان إلى عوائد أعلى وأكثر ثباتًا، على النقيض من ذلك، فإن الاستثمارات قصيرة الأجل التي تركز على الاستفادة من فرص السوق المؤقتة قد تقلل من الأرباح.
يلجأ العديد من المستثمرين إلى الدمج بين الاستثمارات قصيرة وطويلة الأجل، ومن شأن تخصيص جزء من الأصول للاستثمارات قصيرة الأجل والسائلة أن يتيح توفير مرونة مالية للطوارئ والفرص.
وفي الوقت نفسه، يساعد الاحتفاظ بجزء من الاستثمارات طويلة الأجل على تعزيز النمو المستدام من خلال العوائد المركبة.
ويوفر هذا التوازن أمانًا أكبر في فترات تقلبات السوق ويضمن تلبية الاحتياجات المالية الحالية مع تحقيق الأهداف المستقبلية .
يجب على المبتدئين القيام بتقييم صادق وصريح لأنفسهم:
- الأهداف والأفق الزمني: هل تخطط لاستثمار قصير الأجل أم تبني ثروة للتقاعد؟
- تحمل المخاطر: ما مدى استعدادك للتعامل مع تقلبات السوق؟
- احتياجات السيولة: هل ستحتاج إلى أموال متاحة في وقت قريب؟
- الاستعداد للتعلم: من المهم مراجعة المصادر الموثوقة والمبادئ الأساسية قبل تخصيص رأس مال كبير.
يمكن للأعمال المؤثرة مثل غراهام (2006) ومالكيل (2019)، بالإضافة إلى التحليلات السوقية طويلة الأجل لسيجل (2014)، أن تساعد في اتخاذ قرارات صحيحة ومدروسة.
اقرأ المزيد عن: الاستثمار السلبي مقابل الاستثمار النشط
الخلاصة
ليس من السهل الاختيار بين إستراتيجيات الاستثمار قصيرة الأجل وطويلة الأجل. حيث يتطلب فهم المبادئ الأساسية لكل منهما والاختيار بينهما بناءً على ظروفك الخاصة.
ويمكن الاستفادة من الاستثمارات طويلة الأجل في العوائد المركبة والنمو المستمر، في حين أن الاستثمارات قصيرة الأجل توفر لك السيولة والمرونة والقدرة على التكيف.
ومن خلال دمج الإستراتيجيتين، يمكنك الاستفادة من الفرص الحالية مع بناء أساس مالي قوي للمستقبل.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر
