هل خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية؟

Blog Author
فريق تحرير فندينق سوق
الكتابة التقنية
جمادى الأولى 07, 1447
يضم فريق تحرير فندينق سوق محترفين ذوي خبرة في مجالي التمويل والاستثمار، حريصين على دعم و نمو الشركات الصغيرة والمتوسطة، خلق فرص عمل، ودفع عجلة الاقتصاد للأمام. يهدفون إلى مشاركة خبراتهم الواسعة ومعرفتهم الصناعية لتمكين رواد الأعمال والمستثمرين على حد سواء.
جمادى الأولى 07, 1447
جدول المحتويات

لا شك أن التعليم من أهم الاحتياجات الأساسية لكل فرد في المجتمع، ومع ذلك، يعاني كثير من الطلاب المستحقين من صعوبة استكمال دراستهم بسبب الظروف المالية الصعبة.

ويحث الإسلام على مساعدة المحتاجين ودعم من يفتقرون إلى الموارد التي تمكنهم من تحقيق أهدافهم النبيلة، إلا أن بعض الأدوات التمويلية المتاحة حاليًا تقوم على القروض الربوية، وهو ما يجعلها غير جائزة شرعًا.

وقد ورد في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة العديد من النصوص التي تُحرم التعامل بالربا،

ومن أبرزها قوله تعالى في سورة البقرة (الآيات 275–281):

"الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ". (سورة البقرة، الآية 275).

كما ورد في صحيح مسلم:

عن جابر رضي الله عنه قال: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

وفي سنن ابن ماجه:

روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليلة أُسري بي، مررتُ بقومٍ بطونُهم كَالبيوت، فيها حياتٌ تُرى من خارج بطونهم، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلةُ الربا».

وبناءً على ذلك، فإن الإسلام حرم التعامل بالربا تحريمًا قاطعًا، لما فيه من ظلم واستغلال للمحتاجين.

إلا أن هناك بدائل مشروعة يمكن أن تُلبي حاجة الطلاب الذين لا يستطيعون تحمل نفقات التعليم، وتتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

ما هي آلية عمل خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا"؟

١- الدفع بعد التخرج

عندما لا يتمكن الطالب المستحق أو المحتاج من تحمل نفقات التعليم، تتيح له بعض المؤسسات إمكانية إكمال دراسته أولًا، على أن يسدد المبلغ المستحق بعد التخرج.

في هذه الآلية، تقوم المؤسسة المالية أو شركة التكنولوجيا المالية بدفع المبلغ الإجمالي مباشرةً إلى المؤسسة التعليمية، ما يتيح للطالب التسجيل ومواصلة دراسته، ثم يبدأ السداد بعد حصول الطالب على الدرجة العلمية.

اقرأ المزيد عن: هل خدمة "اشتر الآن وادفع لاحقًا" حلال و متوافقة مع الشريعة الإسلامية؟

٢- التقسيط برسوم إضافية وبدونها

في حالات أخرى، تقوم المؤسسات المالية بتقسيم المبلغ الأساسي، بالإضافة إلى رسوم إضافية أو فوائد، إلى دفعات أقساط على فترات زمنية محددة، ويلتزم الطالب أو كفيله بسداد هذه الأقساط.

وفي النظام التقليدي، غالبًا ما تُضاف الفوائد على مبلغ القرض الأساسي.

اقرأ المزيد عن: هل التقسيط حلال؟ المنظور الشرعي لسيناريوهات مختلفة 

٣- الشراكة مع شركات التكنولوجيا المالية أو البنوك

تتعاون العديد من المؤسسات التعليمية مع شركات التكنولوجيا المالية أو البنوك التي تُقدم باقات قروض متنوعة للطلاب.

حيث تقوم هذه الجهات بدفع المبلغ المطلوب مباشرة إلى المؤسسة التعليمية، بينما يلتزم الطالب لاحقًا بالسداد وفق نموذج الاتفاق المبرم، سواء كان الدفع بعد التخرج أو نظام الأقساط.

هل خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" متوافقة مع الشريعة الإسلامية؟

مثل غيرها من الخدمات والأنظمة والمالية؛ فإن "ادرس الآن وادفع لاحقًا" غير متوافقة مع الشريعة الإسلامية إذا كانت قائمة على قرض بفائدة.

العوامل المخالفة للشريعة في النظام التقليدي لخدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا"

يتضمن النموذج التقليدي لهذا النظام عددًا من العوامل التي تجعه غير جائز شرعًا، من أبرزها:

- الربا: إذا كان عقد التمويل (القرض) قائمًا على الفائدة، فإن ذلك يُعد ربا صريحًا.

- الغرامة: تُفرض غرامة على الطالب في حال تأخره عن سداد القسط المستحق وهو غير جائز شرعًا.

- عدم اليقين المفرط (الغرر): تعتمد خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" في صورته التقليدية على عدم اليقين بشأن قدرة الطالب على السداد في المستقبل أو توقيت الدفع، ومن ثم فإن هذا الشرط غير مؤكد، وهذا النوع من الغرر يجعل العقد غير جائز شرعًا.

البدائل الشرعية للقرض في نظام "ادرس الآن وادفع لاحقًا"

توجد عدة بدائل شرعية للنظام التقليدي القائم على الفائدة، لكن النموذج الأقرب هو "الإجارة"، إذ يُلبي احتياجات الطالب من جهة، ويحقق في الوقت نفسه متطلبات الجهات الممولة مثل البنوك أو شركات التكنولوجيا المالية بطريقة متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.

آلية عمل نموذج الإجارة في خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا"

١- تثبيت التطبيق الخاص بشركة التكنولوجيا المالية

يقوم الطالب المستحق بتحميل تطبيق الشركة التي تقدم خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا"، ثم يوافق على الشروط والأحكام التالية:

- يطلع الطالب على جميع شروط وأحكام عقد "ادرس الآن وادفع لاحقًا".

- يملأ النموذج الإلكتروني لتقديم الطلب.

- يتم التحقق من بيانات وهوية الطالب المتقدم.

- تقوم الجهة الممولة بإجراء تقييم ائتماني للمتقدم.

- بعد استيفاء جميع الشروط، يتم توقيع عقد الإجارة بين الطالب ومُقدم خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" لمختلف المواد الدراسة مقابل رسوم متفق عليها.

٢- العقد بين مُقدم خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" والجامعة

بعد توقيع العقد بين الطالب وبين شركة التكنولوجيا المالية المقدمة للخدمة، التي بدورها تتواصل مع الجامعة وتطلب منها تسجيل الطالب في المقررات الدراسية التي يرغب في دراستها.

وتقوم الجامعة بتخصيص هذه المقررات لصالح مُقدم الخدمة مقابل سداد كامل للرسوم الدراسية مقدمًا.

بعد ذلك، تقوم شركة التكنولوجيا المالية بإعادة بيع هذه الخدمات التعليمية للطالب مع هامش ربح بسيط (على سبيل المثال بنسبة 2–3%)، ويوافق الطالب على شراء هذه الخدمات بالتقسيط، بحيث يقوم بالسداد وفق جدول زمني محدد مسبقًا.

الشروط والأحكام الواجب مراعاتها عند إبرام العقد

- لا يجوز دفع الرسوم عن مقررات سبق للطالب دراستها.

- يُبرم أولًا اتفاق رئيسي بين الطالب ومُقدم خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" يحدد الإطار العام للتعامل.

- يسدد مُقدم الخدمة الرسوم مباشرةً للجامعة عند توقيع الاتفاق.

- بعد حصوله على الخدمات التعليمية من الجامعة، فإنه يتيحها للطالب ضمن شروط العقد.

- لا يجوز فرض أي غرامات مالية أو رسوم تأخير على الطالب في حالة تأخره عن السداد.

- في حال تأخر الطالب في السداد دون عذر مقبول، يمكن تحصيل مبلغ رمزي يتم التبرع به إلى جهة خيرية، بنسبة يتم تحديدها مسبقًا.

- يقوم النظام بالكامل على عقد الإجارة الموصوفة في الذمة، التي تعتبر متوافقة مع الشريعة الإسلامية في حالة تنفيذ كل الشروط والأحكام المذكورة أعلاه.

هل خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" تُشبه قروض الطلاب؟

من منظور كيفية سداد الطالب للقرض، فإن خدمة "ادرس الآن وادفع لاحقًا" تشبه قروض الطلاب؛ إلا أنهما يختلفان في الهيكل المالي.

ففي قرض الطالب، يدفع البنك المبلغ مباشرةً للطالب، على يُسدده لاحقًا إلى جانب الفائدة المفروضة عليه، بينما في "ادرس الآن وادفع لاحقًا"، تدفع منصة التكنولوجيا المالية نيابةً عن الطالب وتسترد المبلغ على أقساط، وقد تكون بفائدة أو بدون.

 

 

إخلاء المسؤولية

هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.

fsicon
فندينق سوق
انضم إلى منصتنا المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية واحصل على دخل منتظم يصل إلى 26%* سنويًا
ابدأ الاستثمار
المقالات ذات الصلة
blogImage

الفروق الرئيسية بين المضاربة والميسر في الإسلام

جمادى الأولى 06, 1447
توجد أنواع متعددة من البيوع في الوقت الحالي لم تكن موجودة في العصور السابقة، فخلال العقود الأخيرة، أصبحت المعاملات المالية أكثر تعقيدًا، سواء من الناحية العملية أو من الناحية الشرع...
blogImage

زكاة الذهب وكيفية حسابها.. دليل شرعي شامل للمستثمرين في الذهب

جمادى الأولى 05, 1447
الزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وقد فرضها الله سبحانه وتعالى على كل مسلم بشروط وضوابط محددة، وتشمل الزكاة أنواعًا متعددة من الثروة، ويأتي الذهب في مقدمتها وله خصوصية في أحكام ...
blogImage

هل السلفة حلال أم حرام؟ حكم قروض الموظفين

ربيع الآخر 21, 1447
السُلفة هي قرض يمنحه صاحب العمل للموظف قبل موعد راتبه، في حالات الحاجة المالية الطارئة، مثل الحالات الطبية وتكاليف السفر وغيرها من الظروف الاستثنائية. وهذه الممارسة شائعة في دول م...
انضم إلى منصتنا المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية واحصل على دخل منتظم يصل إلى 26%* سنويًا
ابدأ الاستثمار

تستخدم هذه الصفحة ملفات تعريف الارتباط الكوكيز لتحسين تجربتك اثناء التصفح. بالنقر فوق "موافق" ، فإنك توافق على استخدام ملفات الارتباط الكوكيز للتحليل والتسويق. قد يؤثر حظر بعض ملفات تعريف الارتباط الكوكيز على تجربتك للتفاصيل، قم بمراجعة .