هل البيع على المكشوف حرام؟

يُعد البيع على المكشوف من أبرز المعاملات المالية التي تعتبر باطلة من منظور الشريعة الإسلامية؛ ففي كثير من الأحيان، ينطوي هذا النوع من البيع على معاملات وهمية لا يحدث فيها تملك فعلي للأصل أو تسليمه، بل تقتصر على تسوية فروقات الأسعار بين الطرفين، مما يجعله يُشبه المضاربة.

فضلًا عن ذلك، تتضمن هذه المعاملات غالبًا بيع شيء قبل امتلاكه أو قبضه من خلال البيع الآجل أو البيع على المكشوف، وكلاهما محرم في الشريعة الإسلامية.

فقد قال النبي محمد صلي الله عليه وسلم: "من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يقبضه" (رواه البخاري)، (عثماني، ٢٠١٥).

ويندرج البيع على المكشوف في أسواق السلع، والأسهم، والعملات ضمن هذا النمط من المعاملات غير المشروعة شرعًا، (عثماني، 2015).

ما هو البيع على المكشوف؟

البيع على المكشوف هو ببساطة المراهنة على هبوط سعر سلعة أو سهم ما تم اقتراضها، وفي تعريفه الشرعي، يُعد البيع على المكشوف نوع من المعاملات يبيع فيه البائع سلعةً قبل أن يمتلكها، ومن منظور الشريعة الإسلامية، يُشترط امتلاك السلعة وحيازتها قبل عرضها للبيع.

كيف يعمل البيع على المكشوف خطوة بخطوة؟

١- يبدأ البائع باقتراض سلعة أو سهم من طرف آخر، عادةً عبر وسيط، دون أن يكون مالكًا لها.

٢- يبيع البائع السلعة أو السهم المقترض في السوق بسعره الحالي.

٣- ينتظر البائع على أمل أن ينخفض سعر السلعة أو السهم مع مرور الوقت.

٤- إذا انخفض السعر، يشتري البائع نفس السلعة أو السهم من السوق بسعر أقل، ويُعيدها للمالك الأصلي.

٥- يحقق البائع ربحًا عن طريق الفارق بين سعر البيع الأول وسعر الشراء المنخفض.

لماذا يختار المستثمرون البيع على المكشوف؟

يلجأ المستثمرون إلى البيع على المكشوف عندما يعتقدون أن سعر سلعة أو سهم معين سينخفض في المستقبل، فيقومون ببيع السلعة بسعر مرتفع، ثم يشترونه لاحقًا بسعر أقل، ويُعيدونه إلى المقرض، ويحتفظون بالفارق بين السعرين كربح.

ما هو ضغط البيع وكيف يحدث؟

يحدث الضغط البيعي عندما يرتفع سعر السهم بشكل غير متوقّع، مما يضع البائعين على المكشوف تحت ضغط لشراء الأسهم بسرعة لتقليل خسائرهم.

هذا الاندفاع المفاجئ للشراء يزيد الطلب على السهم، مما يؤدي إلى ارتفاع سعره أكثر، وبالتالي تتفاقم خسائر أولئك الذين راهنوا على انخفاضه.

كيف يختلف البيع على المكشوف عن الاستثمار التقليدي؟

يختلف البيع على المكشوف كليًا عن الاستثمار التقليدي؛ ففي الاستثمار التقليدي، يشتري المستثمر السهم أولًا على أمل أن يرتفع سعره مع الوقت، ليقوم ببيعه لاحقًا بسعر أعلى ويحقق ربحًا من فرق السعر.

أما في البيع على المكشوف، فإن المستثمر يبيع سهم قد اقترضه على أمل أن ينخفض سعره لاحقًا، فإذا انخفض السعر، يشتري السهم من السوق بسعر أقل، ويُعيده إلى المُقرض، ويحقق ربحًا من فرق السعر.

هل البيع على المكشوف جائز في الإسلام؟

لا، البيع على المكشوف غير جائز من منظور الشريعة الإسلامية، لأن البائع يبيع سهمًا أو سلعة لا يمتلكها، كما جاء في الحديث الشريف: "من ابتاع طعامًا فلا يبيعه حتى يقبضه". (رواه البخاري).

ويُفهم من هذا الحديث أن بيع شيء قبل حيازته أو قبضه الفعلي غير جائز في الإسلام، وقد أيدت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي) هذا الحكم في معاييرها الشرعية: " لا يجوز بيع الأسهم التي لا يملكها البائع (البيع على المكشوف)، ولا يُعتد بوعد الوسيط بإقراضها عند التسليم"، (انظر البند 4/1/2/7 من المعيار الشرعي رقم 12 بشأن المشاركة والشركات الحديثة) (الأمة، 2019).

للمزيد من التفاصيل، يمكن الرجوع إلى معايير آيوفي الشرعية عبر الرابط 

ما هي البدائل الإسلامية للبيع على المكشوف؟

يوجد عدد من المعاملات المشروعة في الإسلام تُعتبر بدائل مقبولة للبيع على المكشوف، ومنها:1- ١- عقد السلم: فيه يبيع البائع سلعة محددة يتم تسليمها في وقت لاحق، بينما يدفع المشتري الثمن كاملًا مقدمًا وقت العقد، للمزيد، راجع المعيار الشرعي رقم 10 بشأن عقد السلم

اقرأ المزيد عن: عقود السلم مقابل العقود المستقبلية

٢- عقد الاستصناع: فيخ يتفق الطرفان المشتري والبائع في العقد على تصنيع أو إنتاج سلعة معينة وتسليمها في وقت لاحق، ويمكن سداد الثمن مقدمًا، أو على أقساط، أو عند التسليم،
وللمزيد، راجع المعيار الشرعي رقم 11 بشأن عقد الاستصناع وهذه المعاملات جائزة لأنها تتجنب الغرر والميسر المحرمين في الشريعة الإسلامية.

اقرأ المزيد عن: دليلك الشامل للاستصناع

المراجع..

     أمة، م. س. (2019): هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (آيوفي)، الاستدامة (سويسرا)، 11(1)، الصفحات 1–14.
     عثماني، م. ع. (2015): دليل الخدمات المصرفية الإسلامية الجديدة، ص 342.