كيف تستطيع الشركات الصغيرة والمتوسطة في السعودية الحصول على تمويل بدون ضمانات؟
تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة عادة تحديات كبيرة في الحصول على التمويل في المملكة العربية السعودية، وحتى عند توفر فرص الاقتراض بشروط مناسبة، يُطلب منها تقديم ضمانات عينية ذات قيمة.
ومع حقيقة أن تقديم الضمانات شرطًا أساسيًا في معظم العمليات التمويلية التقليدية، فإن الخوف من فقدان أصول مهمة يجعل العديد من هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة تتردد في اللجوء إلى التمويل التقليدي.
ومع ذلك، تتوفر أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة في السعودية عدة بدائل تمويلية لا تتطلب تقديم ضمانات.
۱- منتجات التمويل الإسلامي
بشكل عام، يلتزم قطاع التمويل السعودية بأحكام الشريعة الإسلامية، ما يعني حظر القروض بالفوائد، والمضاربة المفرطة، والأنشطة المحرمة شرعًا.
وبالرغم من ذلك، فإن العديد من عقود التمويل الإسلامي، مثل التورّق، تتطلب ضمانات، وفي الوقت نفسها توجد آليات تمويل إسلامية لا تشترط ذلك، ومنها:
- المضاربة: اتفاقية تقاسم أرباح، حيث يدخل المقرض (الممول) في شراكة مع المقترض (المضارب) في مشروع أو نشاط تجاري، وتُقسم الأرباح بين الطرفين وفق نسبة متفق عليها مسبقًا، أما في حالة الخسارة، فيتحملها الممول وحده ما لم تكن ناتجة عن تقصير من المضارب.
- المشاركة: يدخل الطرفان المُقرض والمقترض في شراكة ويتقاسمان الأرباح والخسائر، وتُعد المشاركة المتناقصة إحدى أشهر صورها، حيث يبدأ المشروع بملكية مشتركة، ثم يقوم الشريك المقترض بشراء حصة الممول (المُقرض) تدريجيًا حتى يمتلك المشروع بالكامل.
اقرأ المزيد عن: الاختلافات الرئيسية بين المشاركة واتفاقية الشراكة التقليدية
۲- المستثمرون الملائكة وشركات رأس المال الجريء وحاضنات الأعمال
أحد أشكال الأكثر شيوعًا للتمويل بدون ضمانات هو بيع حصص الملكية في الشركة، وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تسعى للنمو والتحول إلى شركات ناشئة ومن ثم شركات كبيرة، فإن ذلك يعني البحث عن المستثمرين الملائكة ورأس المال الجريء أو المُخاطر وغيرهم من المؤسسات مثل مسرعات وحاضنات الأعمال.
ويأتي التمويل من هذه المؤسسات عادةً في شكل استثمارا دون وجود قروض أو ضمانات، وباعتبارهم مستثمرين توفر هذه المؤسسات أيضًا خدمات التواصل والعلاقات والإرشاد والنصائح وغيرها لمساعدة الشركات الناشئة على النمو والنجاح.
ويعد الجانب السلبي الأساسي لهذا النوع من التمويل هو أنه تمويل مُخفف، حيث يأتي مقابل تخلي المؤسسين عن حصص في الشركة، علاوة على ذلك، فإن بيئة الشركات الناشئة تتجه نحو الشركات التي تسعى للتوسع والنمو لتصبح شركات كبيرة، وثم فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي لا يمكنها التوسع ستجد صعوبة في الاستفادة من هذا النظام.
اقرأ المزيد عن: ما هو الاستثمار الملائكي؟
۳- منصات التمويل الجماعي
يتيح التمويل الجماعي للشركات جمع التمويل لمشروعاتها من مجموعة كبيرة من الأشخاص عبر منصات إلكترونية، ويتجلى هذا النوع من التمويل في صور مختلفة، أبرزها:
- جمع التبرعات من الأشخاص الراغبين والمتحمسين لمساعدة الشركة.
- الحصول على تمويل مقابل مكافآت ومزايا تقدمها الشركة للمساهمين.
- تقديم حصص ملكية أو خطط لتقاسم الأرباح لهؤلاء المستثمرين.
- الاقتراض عبر آلية الإقراض من نظير إلى نظير، حيث تقترض الشركة من مجموعة كبيرة من المقرضين الأفراد بسعر فائدة متفق عليه أو سعر ثابت تقدمه منصة التمويل.
وفي جميع أشكال التمويل الجماعي، بما فيها الإقراض بين نظير إلى نظير، لا يُطلب عادة تقديم ضمانات، ومع ذلك، فإن هذا الشكل من التمويل الخالي من الضمانات، يضع الشركة أمام التدقيق والفحص العام، لذلك يجب الوفاء بأي التزامات تقدمها الشركة.
اقرأ المزيد عن: ما هي الأنواع المختلفة لمنصات التمويل الجماعي في المملكة العربية السعودية؟
٤- مؤسسات التمويل متناهي الصغر
تقدم مؤسسات التمويل الأصغر أو متناهي الصغر قروضًا صغيرة للشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصًا الشركات التي تعاني من صعوبة الوصول إلى مصادر التمويل التقليدية، لأسباب معينة.
وتتميز هذه المؤسسات بتوفير التمويل دون الحاجة إلى ضمانات، كما أنها غالبًا ما تتغاضى عن المتطلبات التي تفرضها البنوك مثل السجلات المالية والتاريخ الائتماني.
ومع ذلك، فإن أحجام القروض صغيرة جدًا وقد لا تكون قادرة على تلبية احتياجات الشركات التي تبحث عن تمويل واسع النطاق، كما تقدم بعض هذه المؤسسات التمويل بأسعار فائدة أعلى.
اقرأ المزيد عن: التمويل متناهي الصغر في المملكة العربية السعودية
٥- التمويل عبر البطاقات الائتمانية
توفر العديد من البنوك في السعودية خيار التمويل من خلال بطاقات الائتمان، حيث يُمكن للعملاء الوصول إلى تمويل يصل إلى حد معين دون الحاجة إلى تقديم ضمانات.
ويتم التمويل بالبطاقات الائتمانية غالبًا ضمن آليات متوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتشمل خطط سداد بالتقسيط أو إمكانية السحب النقدي، ويعتمد ذلك عادةً على العقود الإسلامية التالية، لكن من دون اشتراط تقديم ضمانات كما هو معتاد في بعض نماذج التمويل هذه:
- المرابحة: اتفاقية تمويل يشترى فيها الممول (المُقرض) أصل معين ثم بيعه للعميل (المقترض) بهامش ربح معلوم ومحدد فوق التكلفة الفعلية.
- التورّق: يشبه المرابحة، إلا أنه يتضمن خطوة إضافية يقوم فيها العميل بإعادة بيع الأصل لاحقًا للحصول على السيولة النقدية المطلوبة.
من بين البنوك التي تقدم هذا النوع من التمويل في السعودية: مصرف الراجحي، وبنك الرياض، والبنك الأهلي السعودي.
٦- التمويل عبر الائتمان التجاري
في الائتمان التجاري التمويل، يوفر الموردين سلعًا للشركات الصغيرة والمتوسطة على أساس الائتمان أو الدفع الآجل، حيث يتلقون مدفوعاتهم في وقت لاحق، عادة بعد أن تتمكن الشركة من بيع جزء من مخزونها.
وهذا النوع من التمويل شائع جدًا، خاصة بالنسبة للمتاجر الصغيرة التقليدية، حيث يعتمدون بشكل كبير على هذا التمويل لتأمين مخزونهم من السلع، ومع ذلك، فالأمر يكون مكلفًا للغاية في حالات التخلف عن السداد.
ففي هذه الحالات قد يقوم الموردون بالتوقف عن التعامل مع هذه الشركات أو المتاجر، وقد يؤدي ذلك في النهاية إلى الدخول في نزاع قضائي.
٧- التمويل بالتقسيط
على غرار الائتمان التجاري، تقدم بعض المؤسسات خيار التمويل بالتقسيط للشركات الصغيرة والمتوسطة عند شراء سلع مثل الأجهزة الإلكترونية والأثاث والأجهزة المنزلية والمعدات، دون الحاجة إلى ضمانات.
يتم تنظيم عملية السداد عادةً على فترة زمنية محددة مسبقًا، وتتضمن هامش ربح متفق عليه (بدون فوائد)، بما يتماشى مع مبادئ التمويل الإسلامي.
ويُتيح هذا النوع من التمويل للشركات توزيع تكلفة شراء الأصول الرأسمالية على فترة زمنية مرنة، مما يساعدها في الحفاظ على السيولة دون تعريض أصولها الحالية لأي مخاطر.
اقرأ المزيد عن: هل التقسيط حلال؟ المنظور الشرعي لسيناريوهات مختلفة من البيع بالتقسيط
٨- التمويل القائم على الإيرادات
أحد أشكال التمويل الذي يتيح للشركات الاقتراض مقابل نسبة من إجمالي إيراداتها، حيث يوفر بديل ائتماني بدون ضمانات للشركات التي لا تستطيع الوصول إلى القطاع المصرفي التقليدي، ويعتمد هذا التمويل بشكل كامل على قدرتها على تحقيق الإيرادات، ما يتيح لرواد الأعمال التركيز على نمو المبيعات.
ويتماشى هذا النموذج مع أولويات المقترضين والمقرضين حيث يستفيد كلاهما من تحقيق الشركة لنمو في الإيرادات.
ومع ذلك، فإن هذا النوع من التمويل متاح فقط للشركات التي تحقق إيرادات، ما يجعله صعبًا بالنسبة للشركات حديثة التأسيس، كما أنه لن يكون خيارًا للشركات التي تبحث عن قروض طويلة الأجل، حيث قد يكون مكلفًا للغاية في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة.
٩- القرض الحسن
يُعتبر القرض الحسن أحد أنواع التمويل الإسلامي، ويُقدم بدون فوائد أو أي أرباح، وعادةً ما يكون بدون ضمانات، وهذا النوع من القروض بمثابة دعم اجتماعي أو شكل من أشكال العمل الخيري، حيث يكون المقترض مسؤولًا فقط عن سداد أصل المبلغ دون أي أعباء مالية إضافية.
ويُستخدم القرض الحسن عادةً لتلبية الاحتياجات الشخصية أو تقديم المساعدات الطارئة، كما يُستخدم لدعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة في مراحلها المبكرة.
في المملكة العربية السعودية، يُقدم القرض الحسن غالبًا ضمن مبادرات خيرية أو برامج مدعومة من الحكومة، ومن أبرز الجهات التي توفر هذا النوع من التمويل:
- بنك التنمية الاجتماعية
- مؤسسة سليمان بن عبدالعزيز الراجحي الخيرية
- مؤسسة الملك خالد
اقرأ المزيد عن: الاسئلة الشائعة عن القرض الحسن في التمويل الإسلامي
١٠- برامج التمويل المدعومة من الحكومة
على عكس الجهات التمويلية في القطاع الخاص، التي توفر تمويلًا للشركات الصغيرة والمتوسطة بدافع الربح، فإن البرامج المدعومة من قبل الحكومة، التي تقدمها مؤسسات مدعومة من الحكومة مصممة لتوفير قروض بشروط ميّسرة وتقدم منح للشركات الصغيرة والمتوسطة كوسيلة للتنمية الاقتصادية الوطنية بهدف مساعدتها على النجاح.
ويشمل هذا الدعم مثل برامج من خلال الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) وصندوق التنمية الصناعية السعودي وبرنامج كفالة التابع له.
وتدعم برامج الدعم هذه، مجموعة متنوعة من المشروعات بأحجام مختلفة، تتراوح من الشركات الناشئة إلى الشركات الصناعية، دون الحاجة إلى ضمانات.
وأبرز السلبيات لهذه الأنواع من البرامج هو ارتفاع درجة التنافس على الحصول على الدعم، حيث يستفيد منها عدد محدود من الشركات الصغيرة والمتوسطة.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض توعوية فقط ولا يُعد نصيحة استثمارية أو دعوة لاتخاذ أي إجراء مالي. لا يجوز الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات استثمارية أو تمويلية.