العربية
تناولت العديد من المقالات والموضوعات المنشورة في مدونات فندينق سوق مسألة الغرر وكيف أن العديد من الاستثمارات والأصول الحلال تتجنب الوقوع فيه.
وفي حين أننا عرفنا الغرر عمومًا بأنه أي نوع من المعاملات التجارية أو الاستثمارات أو الأصول التي تنطوي على مضاربة مفرطة، فإن هذا تبسيط مفرط.
فالغرر في الواقع هو موضوع معقد في الفقه الإسلامي وله تعريف واسع يصعب على معظم العلماء المسلمين تحديده بدقة في تعريف واحد شامل.
ومع ذلك، له تعريف رئيس ومبادئ توجيهية أساسية سنحاول استكشافها في هذه المقالة.
الغرر، الذي يُشتق من الكلمة العربية التي تعني الخداع، يُعرف في عالم المال بأنه عدم اليقين والمخاطرة المفرطة، مع الإشارة إلى أن هذا النوع من عدم اليقين ينشأ بسبب الخداع والتلاعب.
وغالبًا ما يُوصف بأنه "بيع سلعة أو خدمة ليس موجودة"، استنادًا إلى حديث عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) الذي نهى عن "شراء ما في بطون الأنعام حتى تضع وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل وعن شراء العبد وهو آبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى تقبض وعن ضربة الغائص".
كما يوجد آيتان في القرآن الكريم تصفان أفعالاً يمكن اعتبارها غررًا: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون" [البقرة، الآية 188].
"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً" [النساء/ الآية 29].
على الرغم من أن الباحثين في مجال التمويل الإسلامي لا يتفقون على تعريف موحد للغرر، إلا أن معظم المذاهب الفقهية تتفق على المبادئ الأساسية له، وفقًا لما ذكره الدكتور سامي السويلم، المدير العام بالإنابة لمعهد البنك الإسلامي للتنمية.
ويشير السويلم إلى أن المذهبين الحنفي والشافعي يعرفانه بأنه أي معاملة تكون نتائجها غامضة وغير معروفة، بينما يعرفه المذهب الحنبلي بأنه "ما لا يمكن تسليمه، سواء كان موجودًا أم لا"، أما المدرسة الظاهرية فتعرفه بأنه معاملة "لا يعرف فيها المشتري ما اشتراه، ولا يعرف البائع ما باعه".
استنادًا إلى المعايير المذكورة، يمكن استنتاج بعض الخصائص العامة للغرر:
عندما يكون وجود السلعة أو جودتها أو مواصفاتها غير واضحة أو غير محددة، فإن هذا يُعتبر غررًا.
عندما تكون شروط العقد أو التجارة غير واضحة أو غير شفافة، فإن ذلك أيضًا يقع ضمن الغرر.
عندما يكون مالك السلعة في المعاملة غير معروف، أو عندما يكون موعد تسليمها أو ما إذا كانت ستُسلم بالفعل أمر غير مؤكد، فإن ذلك يُعد غررًا، ويجب استيفاء أحد هذين الشرطين على الأقل حتى لا تعتبر المعاملة ضمن الغرر.
عندما يكون توزيع المخاطر في المعاملة لصالح طرف واحد بشكل كامل، فإن هذا يكون من الغرر، حيث إن تقاسم المخاطر في المعاملات من المبادئ الأساسية في التمويل الإسلامي.
الانخراط في أي معاملة تتضمن مستوى مفرطًا من المضاربة دون قيمة حقيقة، لا يُعتبر غررًا فحسب، بل تُعد مقامرة، وهي محظورة أيضًا في الإسلام.
• المشتقات المالية مثل العقود الآجلة والخيارات
• البيع على المكشوف
• بيع سلع أو خدمات غير محددة -مثل بيع سيارة دون توضيح حالتها أو عدد الأميال التي قطعتها وما إلى ذلك-، أو عندما يكون تسليم السلعة غير مؤكد.
يُشار إلى كل أنواع الغرر ليست متساوية، حيث تختلف درجة الغموض والمخاطرة في المعاملات.
نظرًا لأن مفهوم الغرر عام وواسع، فقد يكون من الصعب أحيانًا تحديد ما إذا كانت المعاملة تقع ضمن الغرر، خاصةً أن جميع الأعمال التجارية تنطوي على نوع من المخاطرة ونتائج غير مؤكدة.
بناءً على ذلك، بدأ علماء الإسلام في السنوات الأخيرة في التمييز بين أنواع مختلفة من الغرر، بعضها مقبول والبعض الآخر غير مقبول، كما يوضح الدكتور محمد أختر الدين أستاذ جامعة شرق الدلتا.
وتنقسم هذه الأنواع إلى الغرر الفاحش (الغرر المفرط)، الذي يتوافق تمامًا مع الخصائص المحددة أعلاه، والغرر اليسير (الغرر الخفيف)، الذي يكون تأثيره ضئيلًا.
عقود التمويل الإسلامي مصممة بطرق مختلفة لتجنب الوقوع في نطاق الغرر، ويتم ذلك من خلال الالتزام بالمبادئ التالية:
تحديد جميع الشروط والأحكام بشكل واضح ودقيق، دون ترك مجال للغموض أو التفسير بطريقة مختلفة.
الكشف عن كافة المعلومات المتعلقة بالمعاملة بوضوح.
يجب أن تكون السلعة المعروضة للبيع تحت ملكية وحيازة بائعها، وإذا لم يكن كذلك، يجب أن يلتزم بجدول زمني دقيق للتسليم.
يجب أن يحدد العقد جدولًا زمنيًا للتسليم وطريقة الدفع.
من الأفضل دائمًا استشارة عالم إسلامي لضمان أن المعاملة حلال.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر
