العربية
يبرز عقد الاستصناع ضمن العديد من عقود التمويل الإسلامي التي اكتسبت أهمية متزايدة، خاصة في مجال تمويل المشروعات والتصنيع، واستنادًا إلى الكلمة العربية (التصنيع)، يُعد الاستصناع اتفاقًا يتيح للمشتري بتفويض البائع بإنتاج أو بناء أصل.
وفي هذه المقالة، سنتناول أساسيات الاستصناع وملامحه الرئيسة إلى جانب هيكله الأساسي واستخداماته العملية.
في عقد الاستصناع التقليدي، يوكل المشتري البائع ببناء أو تطوير أصل مخصص وفقًا للمواصفات المتفق عليها، مع تحديد جدول زمني لتسليم الأصل يتم توضيحه في العقد.
ويتم تحديد سعر العمل المطلوب مسبقًا وبدون تغييرات في عقد الاستصناع (وهو أقل مرونة من عقد السلم)، ما يجعله بهذه الطريقة مزيجًا بين عقد تقليدي لتطوير مشروع والعقد الآجل.
ومع ذلك، على عكس عقد السلم (الذي سنتناوله لاحقًا)، يمكن أن تتم المدفوعات في عقد الاستصناع على مراحل، إذ يمكن الدفع عند تحقيق معالم معينة، أو يمكن سداد المبلغ بالكامل عند التسليم.
حتى يكون عقد الاستصناع صحيحًا، يجب توافر ثلاثة شروط رئيسية:
أولًا: لابد أن ينص العقد بوضوح على مواصفات الأصل المطلوب، بما في ذلك تصميمه ووظيفته وجودته وكميته ومواده والجدول الزمني للتسليم.
ثانيًا: يجب أن يكون الأصل المحدد جديدًا بمعنى أن يتم بناؤه أو تصنيعه من البداية، وبتصميم جديد، وهذا ما يميز الاستصناع عن العقود الأخرى التي تتعامل مع الأصول القائمة مثل المرابحة.
ثالثًا: يجب تحديد سعر الأصل بوضوح عند توقيع العقد، إلى جانب جدول الدفع وشروط التسليم، في حالة حدوث ظروف غير متوقعة (القوة القاهرة)، يمكن تعديل السعر باتفاق الطرفين، كما أنه لا يمكن إلغاء العقد بشكل أحادي بعد بدء العمل على الأصل.
كما هو الحال مع أي نوع من العقود المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، صُممت عقود الاستصناع لمنع استخدام الفائدة كوسيلة للتمويل، يجب أن يتجنب العقد أيضًا أي حالة من عدم اليقين المفرط (الغرر) من خلال تحديد مواصفات المشروع وشروط العقد بوضوح، وبالطبع يجب أن يكون المشروع المعني بعيدًا عن أي أنشطة محرمة.
هناك نوعان شائعان لعقد الاستصناع؛
ويفترض أن المشتري لديه التمويل اللازم لدفع تكلفة المشروع، وفيه يتفق المشتري مع البائع على الشروط المذكورة أعلاه للعقد ويدفع وفقًا للجدول الزمني المتفق عليه، لذلك فهى واقعيًا معاملة بسيطة بين طرفين.
يعتمد على وجود طرف ثالث في المعاملة، عادةً لتغطية تمويل العقد أو للمشاركة في جانب التصنيع والبناء كمقاول فرعي أو وكيل خارجي.
في حالة التمويل، يتم توقيع عقد استصناع رئيسي بين المشتري والبنك الإسلامي، حيث يتولى البنك دور المقاول، ويتفاوض على السعر الذي يتضمن أرباحه أو رسومه.
بعد ذلك، يوقع البنك اتفاقية وكالة منفصلة مع مقدم الخدمة الذي سيقوم فعليًا ببناء أو تصنيع الأصل المعني، كما يعمل البنك كضامن لتمويل بناء الأصل في حالة التخلف عن السداد.
في الوقت ذاته، تُحدد حالات التخلف عن السداد مع المشتري لضمان الحصول على الضمانات المناسبة، التي قد تشمل تعهدات على المستحقات.
عمليًا، تُبرم عقود الاستصناع من هذا النوع عادةً باستخدام أشكال التمويل المتوافقة مع الشريعة، مثل المدفوعات الأولية، والودائع الأمنية، والضمانات، والتكافل، وفي حالة عدم قدرة العميل الأصلي على سداد المدفوعات للبنك، يمكن للبنك الاحتفاظ بملكية الأصل.
اقرأ المزيد عن: التمويل الاسلامي مقابل التمويل التقليدي و ما هي ابرز الفروق
تقدم عقود الاستصناع مرونة في الدفع، مما يسهل على جميع الأطراف إدارة التدفقات النقدية، ويمنحهم فرصة تقاسم المخاطر، في الوقت نفسه، فإن التخصيص الدقيق في عقود الاستصناع يجعلها مثالية للمشروعات التي تحتاج إلى تصنيع حسب الطلب، حيث يكون اختيار وتحديد المواد والتصميم ضروريًا.
تجعل المزايا والشروط والسمات المذكورة أعلاه عقود الاستصناع ملاءمة للغاية للمشروعات الضخمة من جميع الأنواع، بما في ذلك إنشاء البنية التحتية وإدارته وتطوير العقارات، وتصنيع المنتجات المخصصة، مثل الآلات أو المعدات أو المركبات.
وتميل هذه المشروعات إلى أن تكون مكلفة، وتتطلب مستوى عالٍ من الخبرة وعادة ما تستغرق وقتًا طويلًا لإكمالها، لذا فإن الاستصناع مناسبًا لإدارة المخاطر المرتبطة بمثل هذه المشروعات.
إخلاء المسؤولية
هذا المنشور لأغراض تعليمية فقط، والشركة لا تقدم هذه الخدمات بشكل مباشر أو غير مباشر
